مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    المسرحيون يودعون انور الشعافي    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    الطبوبي: المفاوضات الاجتماعية حقّ وليست منّة ويجب فتحها في أقرب الآجال    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    Bâtisseurs – دولة و بناوها: فيلم وثائقي يخلّد رموزًا وطنية    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    تعرف على المشروب الأول للقضاء على الكرش..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



...ونوايا عدم المشاركة في الانتخابات تصل الى 45 بالمائة
نشر في الشروق يوم 01 - 05 - 2012

هذا الاستطلاع المنجز بعد سنة كاملة من إطلاق أول موجة (أفريل 2011) جاء ليحدد ملامح العلاقة بأبعادها المختلفة، في مرحلة تتسم بإعادة هيكلة الحياة السياسية والدستورية.
كيف يرى التونسي مستقبله؟
على الرغم من ثقل الأزمة، فإن 75% من التونسيين يؤكدون بان لديهم ثقة في مستقبلهم الشخصي. وحسب نتائج الاستطلاع فانه تتوزع نتائج هذا التفاؤل الفردي بين 34% في مستوى مؤشر الثقة القوية و 41% في مستوى مؤشر الثقة المتوسطة، مما يعنى بأن ثلاثة تونسيين من أصل أربعة يرون بأن لهم ثقة في مستقبلهم الشخصي. إن الملاحظ في هذا الصدد هو أننا هذه المرة ومن خلال هذا الاستطلاع، أمام أعلى نسبة من الثقة بالنسبة للمستوى الفردي، وهو الأمر الذي لا ينعكس بالضرورة على بقية المؤشرات السلبية الأخرى الواردة في الاستطلاع وخصوصا تلك المتعلقة بمستقبل التشغيل والأوضاع الاقتصادية والسياسية . ذلك أن نسبة الفقر التي وصلت إلى 24% وكذلك نسب البطالة التي قاربت 19%، وان كانت فعلا من المؤشرات الموروثة عن العهد السابق، مازالت تلقي بضلالها على ثقة التونسي في شفافية سوق العمل وعلى التدني السريع للقدرة الشرائية. على أنه وبشكل عام ومن خلال هذه الموجة الرابعة يمكن أن نلاحظ ما يلي: أولا أن نسبة الثقة القوية في سوق الشغل تعادل 27% (بمؤشر الثقة القوية) مع 47% (بمؤشر الثقة المتوسطة)، مما يضع المستوى الاجمالي للثقة في حدود 71% . في المقابل فان نسبة انعدام الثقة La défiance تمثل 29%، وهو ما يعنى أن واحد من أربعة من التونسيين لا يرى مجالا لتحسين أداء سوق الشغل خلال المرحلة القادمة. وبالمقارنة مع الموجات المسحية السابقة فانه وباستثناء الفترة الأولى من حكومة السيد الباجي قايد السبسبي ( موجة أفريل 2011) حيث وصل مستوى الثقة إلى 76%، فانه يعتبر هذا الرصيد هو الأهم منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011. على أن هذا التفاؤل الفردي لا ينعكس بنفس الدرجة على مستويات الحياة الاجتماعية ولا حتى السياسية.
مؤشرات الاستقرار الأمني والاجتماعي
تعتبر العودة الملحوظة للاستقرار من أهم المؤشرات المتأكدة من خلال استطلاع الموجة الرابعة. وبكل المقاييس فان نسبة 81% وهي النسبة الأهم، تسجل ارتياح التونسيين لأوضاعهم الأمنية (باستثناء المسح الأول الذي أنجز خلال بداية حكم السيد الباجي قايد السبسي –أفريل 2011).
ويؤكد مثل هذا الرصيد تجاوب الحالة النفسية للتونسي بعد الإرباكات البسيكو-اجتماعية التي خلفتها الثورة، وهي حالة تبدو أكثر ايجابية مقارنة بشهر أوت 2011 وجانفي 2012. وقد يعود ذلك الى تراجع مظاهر الانفلات الأمني والاجتماعي وتحسن الظروف الأمنية بشكل عام.
في هذا الإطار يأتي تقييم سرعة أداء الجهاز الأمني، حيث يمثل مستوى الثقة في أداء الأجهزة الأمنية مؤشرا مهما بالنسبة لمعطيات الموجة الرابعة حيث تتوزع نسبة 70% التي سجلت لرصيده لأول مرة، بين 28% في مستوى مؤشر الثقة القوية و 42% في مستوى مؤشر الثقة المتوسطة. ان الملاحظ في هذا الصدد هو أن هذا الرصيد وان كان أهم من الرصيد المسجل خلال شهر أوت 2012 (بفارق 10 نقاط) إلا أنه أهم من المسجل خلال شهر جانفي 2012 (بفارق نقطة مئوية واحدة) . ومن الواضح، بأن الفارق كان يمكن أن يكون أكبر، وخصوصا في مستوى مؤشر الثقة القوية، L'indicateur de la forte confiance لولا الأحداث والمواجهات الأخيرة التي حصلت في ولايتي تونس وبن عروس (رادس) خلال شهر أفريل 2012. نفس الشئ يمكن ان يقال أيضا حول التراجع النسبي لمستويات الثقة في المؤسسة العسكرية والتي حظيت بنسبة ثقة تقارب 94% من مستوى الثقة العامة، (66% مستوى ثقة قوية و 28% مستوى متوسط).
الرئاسات الثلاث : ...رغم تراجعه ... بن جعفر يتصدر
يمثل مستوى الثقة الممنوح لرئيس المجلس التأسيسي السيد مصطفى بن جعفر 67%، منها 24% من الثقة الممنوحة بمؤشر قوي و 44% من مانحي الثقة بمؤشر متوسط . في المقابل يقف ما يقارب 33% ما بين موقع الرافض لمنح الثقة أو الممتنع عن الجواب. إن الملاحظ في هذا الصدد هو أن نسبة الثقة بشكل عام في الهيئة التأسيسية بصفتها هيئة نيابية إلى حد ما قد تراجعت هي الأخرى قياسا بمستويات الثقة المسجلة خلال شهر جانفي 2012 والتي وصلت إلى مستوى 81%. الا أنه وقياسا برصيد الثقة المسجل للرئاستين، يمكن اعتبار نسبة الثقة الممنوحة لرئيس المجلس التأسيسي هي الأعلى نسبيا.
أما الوزير الأول، السيد حمادي الجبالي، فلقد حظي من خلال الاستطلاع بمستوى 65% تتوزع بين مستوى الثقة القوية (بمؤشر 28%) ومؤشر الثقة المتوسط (37% ) ليكون رصيد الثقة الإجمالي الممنوح للوزير الأول من الثقة 65% . في المقابل تمثل نسبة الرافضين لمنح الثقة 35% بما في ذلك الأجوبة غير المكتملة أو المجيبة «بلا أدري» . وبشكل مقارن، فان هذه النسبة هي الأقل في سياق مقارنة مع الموجة المسحية السابقة (حيث حظي الوزير الأول عقب تشكيل الحكومة برصيد ثقة يقارب 73%). ومن المرجح أن يعود ذلك، إلى بعض الأخطاء المتصلة في الفترة الأخيرة، إما بإدارة ملف الإعلام أو ملف الأسعار وغلاء المعيشة أو لضعف الأداء التواصلي للوزير الأول، الأمر الذي لا يقلل من أهمية النسبة المسجلة من الثقة والتي تظل عالية مع ذلك على الرغم من الظروف الصعبة التي تزاول فيها الحكومة أدائها.
في نفس السياق، يأتي تقييم مستويات الثقة الممنوحة لرئيس الدولة، السيد محمد المنصف المرزوقي والتي توزعت على نسبة 65% من نسبة الثقة الموزعة بين قوية ( 27% ) ومتوسطة ( 38% ) لتصل نسبة اللاثقة 35% ( بما في ذلك 11% من حالات رفض الاجابة). هذا الرقم، يمكن اعتباره هو الآخر بمثابة تراجع نسبي عن مستويات الثقة المسجلة في شهر جانفي 2012 والتي وصلت الى نسبة 86% (56% بمؤشر ثقة قوية ).
وبشكل عام يمكن أن نلاحظ مما تقدم بأن المستوى العام للثقة، فيما يتصل بالرئاسات الثلاث وان ظل في مستوى ايجابي يتجاوز الخمسين بالمائة، إلا أنه شهد تراجعا بالنسبة لقياسات الموجات الماضية . وبقطع النظر عن العوامل المختلفة و المفسرة لكل ذلك، يمكن القول أن الصعوبات التي واجهتها الترويكا، بالإضافة إلى تزايد حجم التوترات الحزبية (خصوصا لدى حزبي المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل من اجل العمل والحريات) قد زاد في تقليص حجم الثقة فيها، حتى وان ضل هذا التقلص جزئي.
نجاعة الأداء الحكومي ...وأداء «التأسيسي»
يرى 66% من المستجوبين بأن الحكومة قادرة على حل المشكلات العالقة، في حين يرى 31% بأنها غير مؤهلة لانجاز مهامها . ويتوزع حجم الثقة في النجاعة الحكومية ما بين 23% ( الثقة القوية) و 43% من (الأداء المتوسط). ومقارنة بالموجات السابقة يتضح بأن 78% كانوا قد قيموا أداء الإدارة العمومية بشكل ايجابي خلال موجة جانفي 2012 مما يعنى بأن تقييم الأداء قد تراجع بمعدل 12 نقطة على الرغم من حفاظه على مستويات ايجابية بالنسبة للائتلاف الحاكم. أما بالنسبة للمجلس التأسيسي فيرى 53% من أفراد العينة المستجوبة بأن لديهم ثقة في أعمال المجلس وأدائه. غير أن هذا التوزيع يبدو متباينا، ففي حين يرى 15% من أفراد العينة بأن لديهم ثقة قوية في أداء المجلس التأسيسي، يرى 38%، بأن ثقتهم في أدائه متوسطة، مع ظهور نسبة عالية من الفئات التي ترفض تقييم أداء المجلس بشكل ايجابي (47%) و ارتفاع ملحوظ في نسب رفض الأجوبة ( 23%)، الأمر الذي قد يفسر اما بعدم معرفة حقيقية بالحوارات القائمة والمتلفزة داخل المجلس، أو بالتردد في تقييم الأداء والذي يتجه قطاع واسع من الرأي العام، إلى اعتباره دون المستوى المطلوب، نتيجة التلاسنات وبعض أشكال العنف اللفظي المسجلة خلال دورات انعقاد المجلس. هذا الموقف السلبي ينطبق على المعارضة مثلما ينطبق على الأغلبية، ذلك أن 63% فقط من أفراد العينة المستجوبة يرون بأن نواب الترويكا يلعبون دورا ايجابيا داخل المجلس، أما بخصوص المعارضة فيبدو الحكم أقسى بكثير.
ففي مقابل حصاد نسبة ضئيلة من الثقة القوية لا تتجاوز 10% وثقة متوسطة تقارب 23%، فانه ترجح اتجاهات الرأي العام ومن خلال نسبة 41% حالة من اللاثقة في دور وأداء نواب المعارضة داخل جدران المجلس الوطني التأسيسي
وفاق ...الفصل الأول من الدستور
وفي سياق الحوار القائم حول مكانة الفصل الأول من الدستور والمسائل المتصلة بمسألة «الشريعة» أجاب 60% بأنهم لم يتابعوا الحوار المتصل بالموضوع.كما عبر آخرون عن جهلهم تماما للرهانات التي تقف خلف هذا الخلاف .في نفس السياق، صرح ما يقارب من 90% من المستجوبين بأنهم يفضلون الإبقاء على الفصل الأول معتبرين بأنه يجيب على كل المطالب ويستوعبها، في حين رأى 10% أهمية ان يحذف هذا الفصل من الدستور. وحول السؤال المتعلق باختيار المستجوب لأحد الخيارات المتاحة التالية: أي اعتبار الشريعة مصدرا من بين المصادر الأخرى (بما فيها الدولية) أو المصدر الوحيد أو إلغائها عن الذكر تماما، أجاب 51% بأنهم يفضلون اعتبارها مصدرا من بين مصادر التشريع في حين عبر 21% عن الرغبة في أن تكون المصدر الوحيد ونسبة( 19% )طالبت عدم ذكرها تماما و 10% عبروا عن جهلهم تماما بالموضوع. وبشكل ما، فان الاتجاهات العامة للرأي العام، تؤكد على أمرين متصلين: عدم استيعاب الناس للخلاف الذي أثير حول المسألة (بما في ذلك الغموض الحائم حول مفهوم الشريعة والشرائع) من ناحية، وإدراكهم بأن الموضوع لا يعكس مشغلا سياسيا مباشرا لدى مجتمع يرى في تحديات الواقع المعيش أولوية كبرى.
على أن الملفت هو أن الفئة العمرية 15-35 (60%) والذكور (%78) من ذوي التعليم المتوسط (80%) ودون العالي، بما في ذلك الأميين (نسبة 20%) هم أكثر الفئات اختيارا لفكرة «الشريعة كمصدر أساسي ووحيد» للتشريع.
المعيش اليومي ....مرة أخرى
بعيدا عن السياسة و أدوارها المعلنة، يوجد المربع المركزي والمحوري للحياة اليومية للمواطن والذي على أساسه تنبني سياسات كل يوم في مجالات الإدارة والخدمات. وفي هذا الإطار يتنزل تقييم الخدمات الإدارية والتي يبدو الحكم عليها سلبيا للغاية مقارنة حتى بالفترة الأولى للثورة. و يمثل حجم الثقة في الخدمات الإدارية العمومية اليوم 44%، وهي نسبة موزعة بين 35% ثقة قوية و 9% ثقة متوسطة مقابل 57% من عدم الثقة والذي يمثل أسوء رقم مسجل منذ عام 2011 في مجال الخدمات الادارية المقدمة للمواطن. وبشكل عام فان الثقة في الخدمات التي يقدمها الولاة والمعتمدون الجدد تمثل42% , مقابل 44% (جانفي 2012 ).
إن الملاحظ هنا ومن خلال الملاحظات المرفقة بالاستطلاعات هو أن ثمة شعور سائد لدى المواطنين مفاده أن بعض المبادرات الإصلاحية لا تلمس جوهر العلاقة بين الإدارة والمواطن وان التركيز على بعض الملفات (مثل مسألة التوقيت الإداري في هذه المرحلة أو خوصصة القطاع الإعلامي العمومي) هي من المسائل غير ذات أولوية ومن شأنها أن تهمش الخوض في المسائل الجوهرية.
الإعلام ...والاتحاد العام التونسي للشغل
يمثل مستوى الثقة في قطاع الإعلام العمومي نسبة 61% مقابل نسبة 39% من انعدام الثقة . انه من الملاحظ في هذا الصدد هو أن نسبة الثقة المسجلة في موجة جانفي 2012 قد حافظت على مستوياتها ، وهو الأمر الذي يمكن أن يفسر بعدد من المعطيات، ربما قد يكون من أهمها، الجدل الحاصل اليوم بخصوص استقلالية وحيادية المرافق الإعلامية العمومية. وبشكل عام، يعتبر موضوع الإعلام من المسائل الشديدة الحساسية بالنسبة إلى الطبقة السياسية وقطاع واسع من الرأي العام. كما يمكن أن نعتبر استقرار نسبة الثقة فيه من المؤشرات التي يمكن أن تساهم في الدعوة إلى إصلاحه وإعادة هيكلته في ظروف ملائمة تتجاوب مع حجم اللاثقة la défiance التي مازال حجمها يقارب 39 بالمائة من المستجوبين .
وفي حين ارتفع مؤشر الثقة الممنوح للجمعيات بشكل عام (69%)، مثلت نسبة الثقة الممنوحة للاتحاد العام التونسي للشغل 56% وذلك مقابل نسبة 45% من انعدام الثقة . وفيما يبدو، فان صورة المنظمة النقابية والتي اتسمت تصريحات قياداتها منذ مؤتمرها الأخير بقدر كبير من المسؤولية ومن الحرص والعمل بواقعية مع ظاهرة الاعتصامات من خلال رفع مبدإ «الحق في العمل»، كان من المفروض أن تساهم في العودة التدريجية للصورة الايجابية للمنظمة، وهو الأمر الذي لم يحصل بالسرعة المتوقعة. وقياسا بالموجات المسحية السابقة، فانه يمكن القول بأن مؤشر الثقة القوية بالنسبة للاتحاد قد ارتفع بنسبة 4 نقاط (22 بالمائة) مقابل 18 بالمائة المسجلة خلال شهر جانفي 2012.
حزب « لن أصوت»....و تحالف « لا أدري»
لأول مرة تتجاوز نسبة المجيبين ب«لن أصوت» في الانتخابات القادمة، نسبة المصرحين بالتصويت للأحزاب السياسية. ففي حين كان عدد المجيبين بلن أصوت خلال شهر جانفي 2012 يقارب 5% ارتفع هذا العدد خلال الموجة الرابعة من الباروميتر ليشمل 12%. وإذ جمعنا نسبة عدم المصوتين مع نسبة من لا يدري لمن سيصوت ( 33%) تصبح نسبة نوايا عدم المشاركة أو التردد في المشاركة تقارب%45 أي نصف الناخبين الفعليين الذين قاموا بالتصويت خلال انتخابات 23 أكتوبر، وهي نسبة كبيرة جدا من المتوقع أن يكون غيابها مؤثرا في نتائج أي استحقاق انتخابي قادم.
على أنه ثمة ثلاث نتائج من المهم استخلاصها وهي:
أنه في صورة تأكد اتجاهات «الإعراض» عن المشاركة، فانه يتوقع أن يكون حضور الناخبين الأكثر وفاءا لانتمائهم الحزبي هو العامل الأكثر حسما بالنسبة للاستحقاقات الانتخابية القادمة. ويشمل هذا الأمر الأحزاب التي تتمتع بمستوى انضباط جيد بالنسبة للسلوك الانتخابي، مثل حزب النهضة. لذلك تبدو حركة النهضة الحزب الأكثر تماسكا من ناحية المواقف والنوايا التصويتية (29%.) مقارنة ب: 4,3% بالنسبة للمؤتمر من أجل الجمهورية و4,1% بالنسبة للعريضة الشعبية. على أن هذا الوفاء يضل نسبيا من حيث أن عدد قليل ولكن ذي دلالة، من القواعد الانتخابية للنهضة، كان قد أبدى رغبته في التصويت لأحزاب لم توجد قانونيا : مثل حزب التحرير (1.6%) أو حزب الأمانة ( 0.7% ).
ان حالة إعادة توجيه السلوك أو عدم الاستقرار يمكن أن تكون عامل قوة ودعم بالنسبة لبعض الأحزاب مثلما يمكن أن تكون عامل ضعف، كما هو الشأن بالنسبة لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والذي عبر عدد كبير من ناخبيه عن نيتهم في عدم إعادة التصويت له، وهو الأمر الذي تلى الخلافات الحادة التي أصبحت تشق هذا الحزب مؤخرا . لذلك شهدت شعبية مؤسس المؤتمر ورئيس الجمهورية تراجعا طفيفا، قياسا بنتائج جانفي 2012 قد لا تحول دون نجاحه انتخابيا في صورة خوضه لانتخابات رئاسية ضمن نظام سياسي يكون فيه رئيس الجمهورية منتخبا بالاقتراع العام. وبشكل عام، فانه تستفيد حركة النهضة من اي تراجع ضمن القاعدة الانتخابية للمؤتمر (بنسبة زيادة 6%) مثلما يستفيد حزب العمال الشيوعي الذي يضم قاعدة انتخابية ذات ملامح سوسيولوجية قريبة من وسط اليسار. (3بنسبة زيادة 3%).
على أن الصعوبة الأكبر بالنسبة لمصوتي حزب المؤتمر هي المتعلقة باتجاهات رفض التصويت، وهو اتجاه قوى يقارب نسبة 12%. أو اتجاهات عدم معرفة لمن سيتم التصويت (38%. من القاعدة الانتخابية للمؤتمر).
أن نوايا التصويت يمكن أن تشمل أحزاب لم تنشأ بعد، الا أنها متصلة بشخصيات أو زعامات سياسية، مثل مبادرة السيد الباجي قايد السبسي والتي يبدو أنها قابلة للدعم من قبل القواعد الانتخابية لبعض الأحزاب، وخصوصا المصوت التقليدي لحزب التكتل (بنسبة 8.3 بالمائة)
أن تطورات الأشهر الثلاثة الأخيرة قد أعادت، فيما يبدو، العريضة الشعبية، إلى السطح مرة أخرى، اضافة الى تشكيلات سياسية وأسماء باتت تتردد لدى الرأي العام مثل الحزب الجمهوري ومبادرة السيد الباجي قايد السبسي وحزب الأمانة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.