البنك الأوروبي لإعادة الأعمار وشركة خاصة يوقّعان إتفاقيّة تمويل مشروع للطاقات المتجدّدة بفريانة    سليانة: توقّعات بتراجع صابة حب الملوك في مكثر    570 مليون دينار لدعم الميزانيّة..البنوك تعوّض الخروج على السوق الماليّة للاقتراض    عاجل/ أمريكا تستثني هذه المناطق بتونس والمسافات من تحذير رعاياها    سيف الله اللطيف ينتقل الى الدوري الهولندي الممتاز    نابل: اندلاع حريق بمخبر تحاليل طبية    اليوم.. حفل زياد غرسة بالمسرح البلدي    إتحاد الفلاحة : كتلة أجور موظفي إتحاد الفلاحة 6 مليارات و700 ألف دينار    اغتيال قائد في سلاح جو حزب الله بضربة للكيان الصهيوني    مراسل قنوات بي إن سبورت "أحمد نوير" في ذمة الله    البرازيل تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الجمعة 17 ماي    القصرين: وفاة شاب في حادث مرور    سيدي بوزيد: وفاة كهل وزوجته في حادث مرور    قابس: عدد الأضاحي تراجعت هذه السنة    بعد تسجيل الحالة الرابعة من نوعها.. مرض جديد يثير القلق    مباراة الكرة الطائرة بين الترجي و الافريقي : متى و أين و بكم أسعار التذاكر؟    إسبانيا تمنع السفن المحملة بأسلحة للكيان الصهيوني من الرسو في موانئها    حريق بمستودع بين المروج 6 ونعسان    الخارجية : نحو إبقرام إتفاقية مع الدول الإفريقية بخصوص المهاجرين .. التفاصيل    هام/ مناظرة لانتداب 34 متصرفا بالبريد التونسي..    يصنعون ''مواد المسكرة محلية الصنع القرابا'' و يقومون ببيعها بمدينة أم العرائس    اتحاد الفلاحة: أسعار أضاحي العيد ستكون باهضة .. التفاصيل    عاجل : الكشف عن مصنع عشوائي لتعليب المنتوجات الغذائية و الأمن يتدخل    كأس أوروبا 2024: كانتي يعود لتشكيلة المنتخب الفرنسي    انتخاب تونس عضوا بالمجلس الوزاري الإفريقي المعني بالأرصاد الجوية    تونس : 80 % من الشباب ليس له مدخول    ذهاب نهائي رابطة ابطال افريقيا : الترجي يستضيف الاهلي برغبة تعبيد الطريق نحو الظفر باللقب    النائب طارق مهدي يكشف: الأفارقة جنوب الصحراء احتلوا الشريط الساحلي بين العامرة وجبنيانة    روعة التليلي تحصد الذهبية في بطولة العالم لألعاب القوى لذوي الاحتياجات الخاصة    محيط قرقنة اللجنة المالية تنشد الدعم ومنحة مُضاعفة لهزم «القناوية»    الجزائر تواجه الحرائق مجدّدا.. والسلطات تكافح لاحتوائها    نجاح الأسرة في الإسلام ..حب الأم عبادة... وحب الزوجة سعادة !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    خطبة الجمعة...الميراث في الإسلام    اعزل الأذى عن طريق المسلمين    التحدي القاتل.. رقاقة بطاطا حارة تقتل مراهقاً أميركياً    الشرطة الفرنسية تقتل مسلحا حاول إضرام النار في كنيس بشمال غرب البلاد    منها الشيا والبطيخ.. 5 بذور للتغلب على حرارة الطقس والوزن الزائد    التوقعات الجوية لهذا اليوم…    الاطاحة بمنحرف خطير بجهة المرسى..وهذه التفاصيل..    الصحة العالمية.. استهلاك الملح بكثرة يقتل 10 آلاف شخص يوميا في أوروبا    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    تفكيك شبكة في صفاقس، تقوم ببيع محركات بحرية لمنظمي عمليات الإبحار خلسة    انتاج الكهرباء في تونس ينخفض بنسبة 5 بالمائة مع موفى مارس 2024    توقيع إتفاقية قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسّسة بنكية محلية لفائدة تمويل ميزانية الدولة لسنة 2024    الناطق باسم وزارة الداخلية: "سيتم تتبع كل من يقدم مغالطات حول عمل الوحدات الأمنية في ملف المحامي مهدي زقروبة"    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



...ونوايا عدم المشاركة في الانتخابات تصل الى 45 بالمائة
نشر في الشروق يوم 01 - 05 - 2012

هذا الاستطلاع المنجز بعد سنة كاملة من إطلاق أول موجة (أفريل 2011) جاء ليحدد ملامح العلاقة بأبعادها المختلفة، في مرحلة تتسم بإعادة هيكلة الحياة السياسية والدستورية.
كيف يرى التونسي مستقبله؟
على الرغم من ثقل الأزمة، فإن 75% من التونسيين يؤكدون بان لديهم ثقة في مستقبلهم الشخصي. وحسب نتائج الاستطلاع فانه تتوزع نتائج هذا التفاؤل الفردي بين 34% في مستوى مؤشر الثقة القوية و 41% في مستوى مؤشر الثقة المتوسطة، مما يعنى بأن ثلاثة تونسيين من أصل أربعة يرون بأن لهم ثقة في مستقبلهم الشخصي. إن الملاحظ في هذا الصدد هو أننا هذه المرة ومن خلال هذا الاستطلاع، أمام أعلى نسبة من الثقة بالنسبة للمستوى الفردي، وهو الأمر الذي لا ينعكس بالضرورة على بقية المؤشرات السلبية الأخرى الواردة في الاستطلاع وخصوصا تلك المتعلقة بمستقبل التشغيل والأوضاع الاقتصادية والسياسية . ذلك أن نسبة الفقر التي وصلت إلى 24% وكذلك نسب البطالة التي قاربت 19%، وان كانت فعلا من المؤشرات الموروثة عن العهد السابق، مازالت تلقي بضلالها على ثقة التونسي في شفافية سوق العمل وعلى التدني السريع للقدرة الشرائية. على أنه وبشكل عام ومن خلال هذه الموجة الرابعة يمكن أن نلاحظ ما يلي: أولا أن نسبة الثقة القوية في سوق الشغل تعادل 27% (بمؤشر الثقة القوية) مع 47% (بمؤشر الثقة المتوسطة)، مما يضع المستوى الاجمالي للثقة في حدود 71% . في المقابل فان نسبة انعدام الثقة La défiance تمثل 29%، وهو ما يعنى أن واحد من أربعة من التونسيين لا يرى مجالا لتحسين أداء سوق الشغل خلال المرحلة القادمة. وبالمقارنة مع الموجات المسحية السابقة فانه وباستثناء الفترة الأولى من حكومة السيد الباجي قايد السبسبي ( موجة أفريل 2011) حيث وصل مستوى الثقة إلى 76%، فانه يعتبر هذا الرصيد هو الأهم منذ انتخابات 23 أكتوبر 2011. على أن هذا التفاؤل الفردي لا ينعكس بنفس الدرجة على مستويات الحياة الاجتماعية ولا حتى السياسية.
مؤشرات الاستقرار الأمني والاجتماعي
تعتبر العودة الملحوظة للاستقرار من أهم المؤشرات المتأكدة من خلال استطلاع الموجة الرابعة. وبكل المقاييس فان نسبة 81% وهي النسبة الأهم، تسجل ارتياح التونسيين لأوضاعهم الأمنية (باستثناء المسح الأول الذي أنجز خلال بداية حكم السيد الباجي قايد السبسي –أفريل 2011).
ويؤكد مثل هذا الرصيد تجاوب الحالة النفسية للتونسي بعد الإرباكات البسيكو-اجتماعية التي خلفتها الثورة، وهي حالة تبدو أكثر ايجابية مقارنة بشهر أوت 2011 وجانفي 2012. وقد يعود ذلك الى تراجع مظاهر الانفلات الأمني والاجتماعي وتحسن الظروف الأمنية بشكل عام.
في هذا الإطار يأتي تقييم سرعة أداء الجهاز الأمني، حيث يمثل مستوى الثقة في أداء الأجهزة الأمنية مؤشرا مهما بالنسبة لمعطيات الموجة الرابعة حيث تتوزع نسبة 70% التي سجلت لرصيده لأول مرة، بين 28% في مستوى مؤشر الثقة القوية و 42% في مستوى مؤشر الثقة المتوسطة. ان الملاحظ في هذا الصدد هو أن هذا الرصيد وان كان أهم من الرصيد المسجل خلال شهر أوت 2012 (بفارق 10 نقاط) إلا أنه أهم من المسجل خلال شهر جانفي 2012 (بفارق نقطة مئوية واحدة) . ومن الواضح، بأن الفارق كان يمكن أن يكون أكبر، وخصوصا في مستوى مؤشر الثقة القوية، L'indicateur de la forte confiance لولا الأحداث والمواجهات الأخيرة التي حصلت في ولايتي تونس وبن عروس (رادس) خلال شهر أفريل 2012. نفس الشئ يمكن ان يقال أيضا حول التراجع النسبي لمستويات الثقة في المؤسسة العسكرية والتي حظيت بنسبة ثقة تقارب 94% من مستوى الثقة العامة، (66% مستوى ثقة قوية و 28% مستوى متوسط).
الرئاسات الثلاث : ...رغم تراجعه ... بن جعفر يتصدر
يمثل مستوى الثقة الممنوح لرئيس المجلس التأسيسي السيد مصطفى بن جعفر 67%، منها 24% من الثقة الممنوحة بمؤشر قوي و 44% من مانحي الثقة بمؤشر متوسط . في المقابل يقف ما يقارب 33% ما بين موقع الرافض لمنح الثقة أو الممتنع عن الجواب. إن الملاحظ في هذا الصدد هو أن نسبة الثقة بشكل عام في الهيئة التأسيسية بصفتها هيئة نيابية إلى حد ما قد تراجعت هي الأخرى قياسا بمستويات الثقة المسجلة خلال شهر جانفي 2012 والتي وصلت إلى مستوى 81%. الا أنه وقياسا برصيد الثقة المسجل للرئاستين، يمكن اعتبار نسبة الثقة الممنوحة لرئيس المجلس التأسيسي هي الأعلى نسبيا.
أما الوزير الأول، السيد حمادي الجبالي، فلقد حظي من خلال الاستطلاع بمستوى 65% تتوزع بين مستوى الثقة القوية (بمؤشر 28%) ومؤشر الثقة المتوسط (37% ) ليكون رصيد الثقة الإجمالي الممنوح للوزير الأول من الثقة 65% . في المقابل تمثل نسبة الرافضين لمنح الثقة 35% بما في ذلك الأجوبة غير المكتملة أو المجيبة «بلا أدري» . وبشكل مقارن، فان هذه النسبة هي الأقل في سياق مقارنة مع الموجة المسحية السابقة (حيث حظي الوزير الأول عقب تشكيل الحكومة برصيد ثقة يقارب 73%). ومن المرجح أن يعود ذلك، إلى بعض الأخطاء المتصلة في الفترة الأخيرة، إما بإدارة ملف الإعلام أو ملف الأسعار وغلاء المعيشة أو لضعف الأداء التواصلي للوزير الأول، الأمر الذي لا يقلل من أهمية النسبة المسجلة من الثقة والتي تظل عالية مع ذلك على الرغم من الظروف الصعبة التي تزاول فيها الحكومة أدائها.
في نفس السياق، يأتي تقييم مستويات الثقة الممنوحة لرئيس الدولة، السيد محمد المنصف المرزوقي والتي توزعت على نسبة 65% من نسبة الثقة الموزعة بين قوية ( 27% ) ومتوسطة ( 38% ) لتصل نسبة اللاثقة 35% ( بما في ذلك 11% من حالات رفض الاجابة). هذا الرقم، يمكن اعتباره هو الآخر بمثابة تراجع نسبي عن مستويات الثقة المسجلة في شهر جانفي 2012 والتي وصلت الى نسبة 86% (56% بمؤشر ثقة قوية ).
وبشكل عام يمكن أن نلاحظ مما تقدم بأن المستوى العام للثقة، فيما يتصل بالرئاسات الثلاث وان ظل في مستوى ايجابي يتجاوز الخمسين بالمائة، إلا أنه شهد تراجعا بالنسبة لقياسات الموجات الماضية . وبقطع النظر عن العوامل المختلفة و المفسرة لكل ذلك، يمكن القول أن الصعوبات التي واجهتها الترويكا، بالإضافة إلى تزايد حجم التوترات الحزبية (خصوصا لدى حزبي المؤتمر من اجل الجمهورية والتكتل من اجل العمل والحريات) قد زاد في تقليص حجم الثقة فيها، حتى وان ضل هذا التقلص جزئي.
نجاعة الأداء الحكومي ...وأداء «التأسيسي»
يرى 66% من المستجوبين بأن الحكومة قادرة على حل المشكلات العالقة، في حين يرى 31% بأنها غير مؤهلة لانجاز مهامها . ويتوزع حجم الثقة في النجاعة الحكومية ما بين 23% ( الثقة القوية) و 43% من (الأداء المتوسط). ومقارنة بالموجات السابقة يتضح بأن 78% كانوا قد قيموا أداء الإدارة العمومية بشكل ايجابي خلال موجة جانفي 2012 مما يعنى بأن تقييم الأداء قد تراجع بمعدل 12 نقطة على الرغم من حفاظه على مستويات ايجابية بالنسبة للائتلاف الحاكم. أما بالنسبة للمجلس التأسيسي فيرى 53% من أفراد العينة المستجوبة بأن لديهم ثقة في أعمال المجلس وأدائه. غير أن هذا التوزيع يبدو متباينا، ففي حين يرى 15% من أفراد العينة بأن لديهم ثقة قوية في أداء المجلس التأسيسي، يرى 38%، بأن ثقتهم في أدائه متوسطة، مع ظهور نسبة عالية من الفئات التي ترفض تقييم أداء المجلس بشكل ايجابي (47%) و ارتفاع ملحوظ في نسب رفض الأجوبة ( 23%)، الأمر الذي قد يفسر اما بعدم معرفة حقيقية بالحوارات القائمة والمتلفزة داخل المجلس، أو بالتردد في تقييم الأداء والذي يتجه قطاع واسع من الرأي العام، إلى اعتباره دون المستوى المطلوب، نتيجة التلاسنات وبعض أشكال العنف اللفظي المسجلة خلال دورات انعقاد المجلس. هذا الموقف السلبي ينطبق على المعارضة مثلما ينطبق على الأغلبية، ذلك أن 63% فقط من أفراد العينة المستجوبة يرون بأن نواب الترويكا يلعبون دورا ايجابيا داخل المجلس، أما بخصوص المعارضة فيبدو الحكم أقسى بكثير.
ففي مقابل حصاد نسبة ضئيلة من الثقة القوية لا تتجاوز 10% وثقة متوسطة تقارب 23%، فانه ترجح اتجاهات الرأي العام ومن خلال نسبة 41% حالة من اللاثقة في دور وأداء نواب المعارضة داخل جدران المجلس الوطني التأسيسي
وفاق ...الفصل الأول من الدستور
وفي سياق الحوار القائم حول مكانة الفصل الأول من الدستور والمسائل المتصلة بمسألة «الشريعة» أجاب 60% بأنهم لم يتابعوا الحوار المتصل بالموضوع.كما عبر آخرون عن جهلهم تماما للرهانات التي تقف خلف هذا الخلاف .في نفس السياق، صرح ما يقارب من 90% من المستجوبين بأنهم يفضلون الإبقاء على الفصل الأول معتبرين بأنه يجيب على كل المطالب ويستوعبها، في حين رأى 10% أهمية ان يحذف هذا الفصل من الدستور. وحول السؤال المتعلق باختيار المستجوب لأحد الخيارات المتاحة التالية: أي اعتبار الشريعة مصدرا من بين المصادر الأخرى (بما فيها الدولية) أو المصدر الوحيد أو إلغائها عن الذكر تماما، أجاب 51% بأنهم يفضلون اعتبارها مصدرا من بين مصادر التشريع في حين عبر 21% عن الرغبة في أن تكون المصدر الوحيد ونسبة( 19% )طالبت عدم ذكرها تماما و 10% عبروا عن جهلهم تماما بالموضوع. وبشكل ما، فان الاتجاهات العامة للرأي العام، تؤكد على أمرين متصلين: عدم استيعاب الناس للخلاف الذي أثير حول المسألة (بما في ذلك الغموض الحائم حول مفهوم الشريعة والشرائع) من ناحية، وإدراكهم بأن الموضوع لا يعكس مشغلا سياسيا مباشرا لدى مجتمع يرى في تحديات الواقع المعيش أولوية كبرى.
على أن الملفت هو أن الفئة العمرية 15-35 (60%) والذكور (%78) من ذوي التعليم المتوسط (80%) ودون العالي، بما في ذلك الأميين (نسبة 20%) هم أكثر الفئات اختيارا لفكرة «الشريعة كمصدر أساسي ووحيد» للتشريع.
المعيش اليومي ....مرة أخرى
بعيدا عن السياسة و أدوارها المعلنة، يوجد المربع المركزي والمحوري للحياة اليومية للمواطن والذي على أساسه تنبني سياسات كل يوم في مجالات الإدارة والخدمات. وفي هذا الإطار يتنزل تقييم الخدمات الإدارية والتي يبدو الحكم عليها سلبيا للغاية مقارنة حتى بالفترة الأولى للثورة. و يمثل حجم الثقة في الخدمات الإدارية العمومية اليوم 44%، وهي نسبة موزعة بين 35% ثقة قوية و 9% ثقة متوسطة مقابل 57% من عدم الثقة والذي يمثل أسوء رقم مسجل منذ عام 2011 في مجال الخدمات الادارية المقدمة للمواطن. وبشكل عام فان الثقة في الخدمات التي يقدمها الولاة والمعتمدون الجدد تمثل42% , مقابل 44% (جانفي 2012 ).
إن الملاحظ هنا ومن خلال الملاحظات المرفقة بالاستطلاعات هو أن ثمة شعور سائد لدى المواطنين مفاده أن بعض المبادرات الإصلاحية لا تلمس جوهر العلاقة بين الإدارة والمواطن وان التركيز على بعض الملفات (مثل مسألة التوقيت الإداري في هذه المرحلة أو خوصصة القطاع الإعلامي العمومي) هي من المسائل غير ذات أولوية ومن شأنها أن تهمش الخوض في المسائل الجوهرية.
الإعلام ...والاتحاد العام التونسي للشغل
يمثل مستوى الثقة في قطاع الإعلام العمومي نسبة 61% مقابل نسبة 39% من انعدام الثقة . انه من الملاحظ في هذا الصدد هو أن نسبة الثقة المسجلة في موجة جانفي 2012 قد حافظت على مستوياتها ، وهو الأمر الذي يمكن أن يفسر بعدد من المعطيات، ربما قد يكون من أهمها، الجدل الحاصل اليوم بخصوص استقلالية وحيادية المرافق الإعلامية العمومية. وبشكل عام، يعتبر موضوع الإعلام من المسائل الشديدة الحساسية بالنسبة إلى الطبقة السياسية وقطاع واسع من الرأي العام. كما يمكن أن نعتبر استقرار نسبة الثقة فيه من المؤشرات التي يمكن أن تساهم في الدعوة إلى إصلاحه وإعادة هيكلته في ظروف ملائمة تتجاوب مع حجم اللاثقة la défiance التي مازال حجمها يقارب 39 بالمائة من المستجوبين .
وفي حين ارتفع مؤشر الثقة الممنوح للجمعيات بشكل عام (69%)، مثلت نسبة الثقة الممنوحة للاتحاد العام التونسي للشغل 56% وذلك مقابل نسبة 45% من انعدام الثقة . وفيما يبدو، فان صورة المنظمة النقابية والتي اتسمت تصريحات قياداتها منذ مؤتمرها الأخير بقدر كبير من المسؤولية ومن الحرص والعمل بواقعية مع ظاهرة الاعتصامات من خلال رفع مبدإ «الحق في العمل»، كان من المفروض أن تساهم في العودة التدريجية للصورة الايجابية للمنظمة، وهو الأمر الذي لم يحصل بالسرعة المتوقعة. وقياسا بالموجات المسحية السابقة، فانه يمكن القول بأن مؤشر الثقة القوية بالنسبة للاتحاد قد ارتفع بنسبة 4 نقاط (22 بالمائة) مقابل 18 بالمائة المسجلة خلال شهر جانفي 2012.
حزب « لن أصوت»....و تحالف « لا أدري»
لأول مرة تتجاوز نسبة المجيبين ب«لن أصوت» في الانتخابات القادمة، نسبة المصرحين بالتصويت للأحزاب السياسية. ففي حين كان عدد المجيبين بلن أصوت خلال شهر جانفي 2012 يقارب 5% ارتفع هذا العدد خلال الموجة الرابعة من الباروميتر ليشمل 12%. وإذ جمعنا نسبة عدم المصوتين مع نسبة من لا يدري لمن سيصوت ( 33%) تصبح نسبة نوايا عدم المشاركة أو التردد في المشاركة تقارب%45 أي نصف الناخبين الفعليين الذين قاموا بالتصويت خلال انتخابات 23 أكتوبر، وهي نسبة كبيرة جدا من المتوقع أن يكون غيابها مؤثرا في نتائج أي استحقاق انتخابي قادم.
على أنه ثمة ثلاث نتائج من المهم استخلاصها وهي:
أنه في صورة تأكد اتجاهات «الإعراض» عن المشاركة، فانه يتوقع أن يكون حضور الناخبين الأكثر وفاءا لانتمائهم الحزبي هو العامل الأكثر حسما بالنسبة للاستحقاقات الانتخابية القادمة. ويشمل هذا الأمر الأحزاب التي تتمتع بمستوى انضباط جيد بالنسبة للسلوك الانتخابي، مثل حزب النهضة. لذلك تبدو حركة النهضة الحزب الأكثر تماسكا من ناحية المواقف والنوايا التصويتية (29%.) مقارنة ب: 4,3% بالنسبة للمؤتمر من أجل الجمهورية و4,1% بالنسبة للعريضة الشعبية. على أن هذا الوفاء يضل نسبيا من حيث أن عدد قليل ولكن ذي دلالة، من القواعد الانتخابية للنهضة، كان قد أبدى رغبته في التصويت لأحزاب لم توجد قانونيا : مثل حزب التحرير (1.6%) أو حزب الأمانة ( 0.7% ).
ان حالة إعادة توجيه السلوك أو عدم الاستقرار يمكن أن تكون عامل قوة ودعم بالنسبة لبعض الأحزاب مثلما يمكن أن تكون عامل ضعف، كما هو الشأن بالنسبة لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والذي عبر عدد كبير من ناخبيه عن نيتهم في عدم إعادة التصويت له، وهو الأمر الذي تلى الخلافات الحادة التي أصبحت تشق هذا الحزب مؤخرا . لذلك شهدت شعبية مؤسس المؤتمر ورئيس الجمهورية تراجعا طفيفا، قياسا بنتائج جانفي 2012 قد لا تحول دون نجاحه انتخابيا في صورة خوضه لانتخابات رئاسية ضمن نظام سياسي يكون فيه رئيس الجمهورية منتخبا بالاقتراع العام. وبشكل عام، فانه تستفيد حركة النهضة من اي تراجع ضمن القاعدة الانتخابية للمؤتمر (بنسبة زيادة 6%) مثلما يستفيد حزب العمال الشيوعي الذي يضم قاعدة انتخابية ذات ملامح سوسيولوجية قريبة من وسط اليسار. (3بنسبة زيادة 3%).
على أن الصعوبة الأكبر بالنسبة لمصوتي حزب المؤتمر هي المتعلقة باتجاهات رفض التصويت، وهو اتجاه قوى يقارب نسبة 12%. أو اتجاهات عدم معرفة لمن سيتم التصويت (38%. من القاعدة الانتخابية للمؤتمر).
أن نوايا التصويت يمكن أن تشمل أحزاب لم تنشأ بعد، الا أنها متصلة بشخصيات أو زعامات سياسية، مثل مبادرة السيد الباجي قايد السبسي والتي يبدو أنها قابلة للدعم من قبل القواعد الانتخابية لبعض الأحزاب، وخصوصا المصوت التقليدي لحزب التكتل (بنسبة 8.3 بالمائة)
أن تطورات الأشهر الثلاثة الأخيرة قد أعادت، فيما يبدو، العريضة الشعبية، إلى السطح مرة أخرى، اضافة الى تشكيلات سياسية وأسماء باتت تتردد لدى الرأي العام مثل الحزب الجمهوري ومبادرة السيد الباجي قايد السبسي وحزب الأمانة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.