سعت مجموعة مسرح الحلقة في الذكرى الأولى لثورة 14 جانفي الى أنجاز عمل فني فريد يتمثل في تحويل ساعة شارع الحبيب بورقيبة ذات المنظر الحديدي البشع الى لوحة فنية لكن بلدية تونس أعترضت ولم تمنحهم الموافقة. وحاولت المجموعة الحصول على موافقة لإنجاز هذا المشروع في عيدي الاستقلال والشهداء لكن لم تتمكن مجموعة مسرح الحلقة من الموافقة إلا في عيد الشغل بتدخل من الاتحاد العام التونسي للشغل. ورغم تدخل الاتحاد وشروع المجموعة في انجاز عملها إلا أنها فوجئت مساء أول أمس بفرقة أمنية تمنعهم من اتمام المشروع وتمت حادثة المنع بحضور قيادات من الاتحاد. هند بالحاج علي ويحيى يحيى صاحبا المشروع تأثرا جدا للمنع الذي لا يجد مبررا فقد كان إنجاز هذا المشروع من شأنه أن يحول هذه الساعة الى لوحة فنية بديعة وقد كتب الثنائي نصا جميلا عن شارع بورقيبة. «شربت أول قهوتي على ضفافك، في مقهى النيقرو تحديدا.. مقهى المناضلين والنقابيين والفنانين والكتاب والشعراء والبوهيميين والفوضويين والشومارات والهامشيين وخريجي سجون الحق العام.. وخطوت أول خطوات المستحيل تحت أشجارك وهناك هتفت ألف مرة للحرية وللخبز وللكرامة ولفلسطين والعراق والجنوب. هناك واجهنا ألف مرة البوليس ولم نرتجف ولو مرة واحدة.. هناك التقيت الرفاق وفارقتهم وهناك كان الوداع الأخير للبعض منهم حين سقط برصاص الغدر وأحبهم وأقربهم الى قلبي الشهيد الحالم فاضل ساسي، هناك بكيت العراق وهناك واساني الأصدقاء وواسيتهم وهناك نظرنا للخطاف يرفرف فوق رؤوسنا فهمسنا: حتما، القادم سيكون أجمل. شارع بورقيبة، تناقلنا فيه كل الأخبار عن هدر الأحلام وعن الأحياء والقتلى والسجون والمحاكمات والتعذيب، تعاطينا فيه كل الممنوعات.. تعانقنا وتعاركنا وتلاحمنا وانصهرنا في بعضنا البعض ثم انفجرنا، في كل ركن ذكرى، تمثال ابن خلدون، قاعة الأخبار، مقهى لونيفار، نزل الأنترناسيونال، المسرح البلدي، مقهى تونس، مقهى باريس، البلماريوم، الكابيتول، الأفريكا، الشانزيليزي، الروتوند اللوطا والفوق، الداخلية والبوليسيا، والبوليس السياسي، صنبة الزعيم قبل ما تولي وقت فولاذي، والتيجيام في كل صيفية يهزنا ويلوحنا في البحرعلى حلق الواد وعبد الوهاب ومن غير ليه شارع حبيب بورقيبة: أول لقاء مع من أحببت وأول رعشة وأول شوق وأول تصافح الأيدي وأول حديث في الشعر والايديولوجيا.. شارع بورقيبة الحالم والباقي ضمنا ذات 14 جانفي مثلما ضمنا ألاف المرات من قبل ولكن هذه المرة الاصرار كان أكبر والثبات، والموت كان الحبيب الأول أو الحرية، فكانت وكنا... هذه البداية.. والباقي آت لا محال .»