بقلم الأستاذ محمد رؤوف بلحسن باب المكتبة اللغة العربية لغة العلم كثيرا ما تتهم لغتنا العربية بالقصور في المجال العلمي ولكن مثل هذه الإتهامات باطلة وليس لها أي أساس من الصحة، فإذا ما عدنا إلى تراثنا العربي الزاخر في المجالات العلمية كالرياضيات والهندسة والطب وعلم الفلك والكيمياء والفيزياء وغيرها لأدركنا أن العربية لغة علم وأنها عبرت عن ذلك كأحسن ما يكون التعبير إذ نقلت لنا أعمال عمالقة العلم العربي في مختلف الإختصاصات كالخوارزمي وابن الهيثم وابن سينا وبان الجزار وابن الهائم وغيرهم ولعل الفضل في ذلك يعود إلى أمرين اثنين : الأمر الأول ينطلق من طبيعة اللغة العربية التي لم تكن لغة منغلقة على نفسها بل كانت لغة تقبل الأخذ والعطاء وهي كما قال عنها طه حسين »لغتنا العربية يسر لا عسر ونحن نملكها كما كان القدماء يملكونها ولنا أن نضيف إليها من ألفاظ لم تكن مستعملة في العصر القديم«. أما الأمر الثاني فيعود إلى كونها لغة واكبت حركة التاريخ خاصة بفضل الجهد الذي بذله المترجمون سواء في العصور العباسية الأولى لنقل العلوم »الطارئة على المجتمع العربي من اللغات الأصيلة التي كتبت بها هذه العلوم أو نقلت إليها عن طريق الترجمة« أو في مرحلة القرن التاسع عشر التي عرفت هي الأخرى مجهودات كبرى في استبناط المصطلح العلمي من قبل المترجمين مما أثرى المعجمية العربية وجعلها تواكب مسار الحضارة. إن اللغة العربية لم تكن في يوم من الأيام متحجرة بل كانت منفتحة على الحضارات الأخرى مواكبة للتطورات العلمية والتكنولوجية الطارئة على المجتمع العربي وتشهد على ذلك المجهودات التي ما ينفكّ يبذلها أهلها لتطويرها وجعلها بحق لغة العلم والتكنولوجيا غير منحصرة في الأدب والبلاغة كما يذهب في خلد الكثيرين. أعمال الندوة العالمية الأولى لتدريس المعلوماتية باللغة العربية تونس 18 جويلية 2003 مركز النشر الجامعي 2003 يتضمن الكتاب آراء وأفكار مجموعة من الخبراء في تدريس المعلوماتية باللغة العربية حول الطرق والمناهج والأساليب الممكن استخدامها في هذا المجال. ينقسم الكتاب الى جزئين اشتمل الأول على بعض التحاليل والآراء المتصلة بالموضوع لكل من الدكتورين علي الميلي المدرّس بالمعهد التقني »بنيوجرسي« ومحمود الذوادي المدرس لعلم الاجتماع بجامعة تونس. وقد تناول الأول في تحليله مسألة تدريس العلوم باللغة العربية فحاول أن يقف على الوضع الحالي منبها إلى خطر الزوال الذي تتعرض له العربية في الوقت الراهن ومعتبرا أن هذا الجيل هو آخر جيل بإمكانه إنقاذ هذه اللغة من الاندثار وقد اقترح لتجاوز هذا الوضع حلولا تطبيقية مستعرضا مختلف الوسائل الكفيلة بإنجازها. أما المحلل الثاني فقد تحدث في تحليله عن ما أسماه »مشروعية الاستعمال الكامل للغة العربية في مجتمعات الوطني العربي« مبيّنا بالخصوص تخلّف استعمال اللغة العربية في المجالات العلمية في هذه المجتمعات. الجزء الثاني من الكتاب احتوى على جملة من الدروس كالترجمة الآلية كبنية أساسية في صرح التعريب للدكتورة سلوى السيد حمادة من مصر، ودرس الاعتمادية (هي صفة النظام الحاسوبي التي تجعلنا نعتمد بجدارة على الخدمات التي يقدمها هذا النظام) : ميزاتها، حواجزها ووسائلها لجون كلود لايري من جامعة تولوز بفرنسا وقد ترجم هذا الدرس الدكتور علي الميلي. أما الدرس الثالث فقد اهتمّ »بالحوسبة المتنقلة والشبك اللاسلكي« قدماه الأستاذان محمود بطاز ومراد معوش من كلية تكنولوجيا المعلومات جامعة فيلادلفيا، الأردن والدرس الموالي تحدث فيه نبيل عباس من سوريا عن »أنظمة الحاسوب الصغير«. واختتم الكتاب بمائدة مستديرة تطرّقت الى موضوع تدريس المعلوماتية باللغة العربية. شرح الأرجوزة الياسمينية في الجبر والمقابلة ابن الهائم المصري تحقيق الدكتور المهدي عبد الجواد منشورات الجمعية التونسية للعلوم الرياضية الثلاثية الثالثة 2003 »يعتبر ابن الهائم من كبار معلمي الرياضيات في القرنين الثامن والتاسع للهجرة وله كتب عديدة في الحساب والجبر والفرائض وقد نشر الكثير منها..« بهذا التعريف مهّد الدكتور المهدي عبد الجواد لتحقيق أحد مخطوطات هذ الرياضي العربي الذائع الصيت وقد بيّن المحقق منذ الوهلة الأولى أنه اعتمد على أقدم مخطوط »لشرح الأرجوزة وهو مخطوط »دبلن« وقد قارنه بنظائر لثلاثة مخطوطات يقول أنها توجد حاليا بكل من تونس وجربة. أما اختياره لمخطوط »شرح الأرجوزة الياسمينية في الجبر والمقابلة« دون غيره من مؤلفات ابن الهائم فقد برّره المحقق »بوضوح بسط الكتاب لمفاهيم جبرية صعبة الاقتناء وإبرازه تعدد المسائل وطرق حلولها المختلفة وتقديمه الأمثلة المتنوعة التي تشفي الغليل واستعماله طرق تعليمية تلفت انتباه القارئ لحداثتها..«. وقد اشتمل التحقيق على عدة فصول اعتنى الفصل الأول منها بتقديم المخطوط ومؤلفه ومصادره وقد تعرض فيه المحقق بالخصوص الى اعطاء لمحة عن حياة المؤلف وعن محتوى المخطوط وعن مصادر ابن الهائم ومبتكراته كما تعرض الى المخطوطات التي اعتمدها في تحقيقه وأدرج صور البعض منها وأشار الى مختلف الرموز المستعملة في التحقيق. أما بقية التحقيق فقد اهتمّ بمضامين الأرجوزة وتناول أبوابها بابا بابا من المقدمة التي احتوت من ضمن ما احتوت عليه على توطئة ابن الهائم للمخطوط إلى الباب الأول الذي حاول فيه تبيان »كيفية التصرف في الأنواع المجهولة« الى الباب الثاني الذي تعرض فهي الى »ذكر مقاصد ما أغفله الناظم« الى الباب الثالث الذي تطرق إلى »كيفية تناول المسألة« الى أن ينتهي الى الخاتمة التي ضمّنها »مسائل متفرّقة من أنواع مختلفة«. إنه بلا جدال كتاب جدير بالاهتمام لسببين، السبب الأول يعزى الى أن المحقق حاول أن يبرز فيه قيمة فكرنا العلمي وتراثنا في مجال الرياضيات والسبب الثاني يتمثل في أن المحقق يكون بعمله هذا قد نفض الغبار عن أحد المؤلفات العربية الهامة في مجال الرياضيات وقدمه للمختص العربي في هذا المجال ليتسفيد منه ويفيد، فالتجربة مفيدة نتمنّى أن تتكرّر. تونس : تاريخ شارع فاطمة بن بشر منشورات »نيرفانا« 2003 جرت العادة أن نؤرخ لبلد أو مدينة في أقصى الحالات أما أن نؤرخ شارع فهذه لعمري فكرة طريفة تستحق الإشادة، وها هي ذي فاطمة بن بشر تؤرخ لشارع وأي شارع؟ هو شارع بورقيبة القلب النابض لتونس العاصمة. الكتاب من الحجم الكبير ورقه صقيل وطبعته أنيقة محلى بصور مذ كان يسمى »مسلك البحرية« إلى التهيئة التي شملته أخيرا، ومحلى أيضا بصور لمواقع مختلفة من تونس قديما وحديثا. أوردت المؤلفة في مستهل الكتاب مقولة للكاتب الفرنسي ي دومو باسان (Guy de Maupassant) استقتها من كتابه »رسائل من إفريقيا« يتحدث فيها عن بدايات الشارع يقول فيها »وأخيرا ها هو ذا حي جديد يرتفع في المستنقع نفسه كما لو كان ذلك بمعجزة. حي يربط البحيرة بالمدينة العتيقة بواسطة شارع كبير إسمه »البحيرة« سرعان ما تحول الى منتزه لكل تونس، فهو ملتقى احتفالات السكان جميعا عربا كانوا أم يهودا أم فرنسيين وحتى الإيطاليين منهم..« ويتبع الكتاب مسار الشارع بالصورة والنص من سنة 1870 حين كان إسمه شارع »البحرية« الى أن صار شارع »جول فري« إلى أن أصبح في ما بعد شارع بورقيبة وينتهي الكتاب بالتهيئة الجديدة التي عرفها الشارع أخيرا. إن الحديث عن تاريخ الشارع لم تقصره المؤلفة على الشارع في حدّ ذاته بل تحدثت خلاله في نفس الوقت عن تدرّج تكون ما كان يسمى بالمدينة الأوروبية مقابل المدينة العتيقة وعن الشوارع التي كانت تتقاطع مع شارع بورقيبة وعن بعض الأماكن الأخرى كمقهى الروتوند ومقهى باريس وعن الترامواي وباعة الورود في هذا الشارع. إن الكتاب يعدّ وثيقة مرجعية عن الشارع وعن محيطه يستحقّ الإطلاع عليه والاستفادة منه.