لعل الإعلام وقضاياه من أكثر محاور الجدل والتجاذب في الحياة السياسية منذ 14 جانفي وكتاب الدكتور الصادق الحمامي «الإعلام التونسي... أفق جديد» يندرج في هذا السياق. بمناسبة اليوم العالمي لحرّية الصحافة تنظم الجمعية التونسية «من أجل تأسيس الجمهورية الثانية» التي يرأسها الناشط السياسي والحقوقي علي التنجال لقاء حواريا حول إصلاح المنظومة الإعلامية التونسية بالمكتبة الجهوية بسوسة مساء السبت 5 ماي 2011 ، بمشاركة الكاتب والإعلامي بالإذاعة التونسية محمد بوغلاب والباحث في القانون الدستوري والإعلامي بقناة فرنسا 24 صفوان قريرة... وسيتم بالمناسبة تقديم آخر إصدارات دار برسبكتيف للنشر وهو كتاب لأستاذ الإعلام والإتصال الدكتور الصادق الحمامي بعنوان «الإعلام التونسي... أفق جديد: بورقيبة والفايس بوك، المدونون، الإعلام والنقاب». هذا الكتاب الصادر مؤخرا عن دار أفاق للنشر تضمن خمسة عشرة فصلا عالج من خلالها الدكتور الصادق الحمامي مختلف القضايا المطروحة اليوم حول الإعلام التونسي . فقد أهتم الدكتور الحمامي باستخلاص «دروس المرحلة» والتي لخصها في أربعة دروس وهي إصلاح الإعلام وحرية الصحفي وحرية الصحافة وفي إمكانية انبعاث مجال عمومي ديمقراطي وينتهي الباحث الى أن «الثورة لا تهب الإعلام الجديد المستقل والمهني كما أنها لا تهب المجال العمومي الديمقراطي». الرهانات في رهانات الإعلام التونسي يتحدث الصادق الحمامي عن الطابع الزجري للنصوص المتعلقة بحرية الصحافة قبل 14 جانفي ويؤكد على ضرورة تجديد المنظومة التشريعية للإعلام حتى تكون له استقلالية محمية بالقانون بما يمنح للصحفي إمكانية المبادرة وأعتبر أن ما كان سائدا قبل 14 جانفي لا «يرتبط بإشكاليات تنظيمية أو قانونية أو سياسية بل بالانتقال من مجال عمومي تسلطي قائم على الخطاب الواحد والصورة الواحدة الى مجال عمومي متعدد ومتنوع» وفي هذا الباب أيضا يطرح الحمامي سؤالا جوهريا حول الصحافة الحزبية والتمويل العمومي مفاده هل أن الصحافة الحزبية مرفق عام حتى يمولها المواطن من ضرائبه ؟ وهو سؤال أكثر من مشروع ولكن لابد من تناوله في السياق العام للحياة السياسية والفضاء العمومي الذي كان حكرا على الحزب الحاكم . أسئلة الكتاب تناول أيضا ظاهرة المدوّنين «نجوم الثورات العربية» وأعتبرهم مثقفين من نوع جديد لأنهم غيروا أشكال التواصل الاجتماعي وتحدوا آلة القمع التي كانت تتحكم في الخطاب الإعلامي وتوجهه فنجاح المدوّنين في الخروج «عن السيطرة»كان الثغرة التي أصابت السلطة السابقة في المقتل . ويلح الباحث في كتابه على ضرورة استعادة الصحفي لدوره الاجتماعي بالتخلص من وظيفة «البوق»والتمسك باستقلاليته عن كل الأحزاب والمنظمات وهو ما سماه بضرورة صياغة عقد مجتمعي جديد ويقول في هذا المجال «إن المجال العمومي الديمقراطي الجديد الذي نطمح إليه يحتاج الى وسيط أمين ومستقل وملتزم بأخلاقيات المهنة. لكن استعادة الصحافة وظيفتها تقتضي شروطا لعل أهمها أن يؤدي الصحفيون مهمتهم باقتدار وفق المعايير المهنية الكونية والأخلاقية في إطار مؤسساتي يضمن استقلاليتهم». الكتاب نجح في طرح مختلف الإشكاليات التي يواجهها الإعلام التونسي اليوم في مرحلة مفصلية يتطلع فيها الى نحت أفق جديد.