مع كل انتخابات رئاسية يشهدها هذا البلد الغربي أو ذاك، وبالخصوص إذا أفضت الى تغيير في اللون السياسي للرئيس الجديد (اشتراكي يميني في فرنسا) (ديمقراطي جمهوري في أمريكا) (عمّالي محافظ في بريطانيا) يرتفع سقف انتظارات العرب... وتنشط سوق التوقعات وحتى الأماني بفائدة ما يجنيها العرب وبدعم ما تحظى به قضاياهم وما أكثرها. وكل مرّة لا نجني الا المرارة... وكل مرة نصاب بخيبة أمل ونحن نرى الأمور تسير دوما عكس الاتجاه الذي نريد، ونرى الادارات الجديدة في هذه البلدان بالخصوص تمعن في السباحة في اتجاه أعدائنا وبما لا يخدم مصالحنا. وكل مرّة لا نملك أكثر من أن نضرب كفا بكف ونترحّم على القيادة الراحلة (بالمعنى السياسي) ونعود نضرب الاخماس في الأسداس في انتظار انتخابات جديدة... سرعان ما تأتينا بخيبات جديدة.
والواقع أنه ليس في الأمر سرّ. وعالم اليوم لا تؤخذ فيه المصالح بالتمني... وإنما تؤخذ كما تؤخذ الدنيا غلابا... لأنها تخضع لمنطق موازين القوى وتقاس بميزان الربح والخسارة... وبقدر ما نكون نحن كعرب أقوياء، متماسكين، ملتحمين، متضامنين في الدفاع عن مصالحنا وفي نصرة قضايانا بقدر ما يرضخ الغرب ويستجيب... وهو ما يعيد الكرة الى ملعبنا أولا وأخيرا ويضعنا وجها لوجه أمام حكمة المثل العربي القائل: «ما حكّ جلدك مثل ظفرك»...
ولننظر الى أنفسنا في المرآة... ولنواجه تصرّفاتنا وسلوكاتنا ومواقفنا وسياساتنا... فإذا كانت موغلة في الاستهتار بمصالح الأمة وبقضاياها الأساسية وفي طليعتها قضية الشعب الفلسطيني الصابر والأقصى السليب... وإذا كان كل واحد منا يغني على ليلاه ويمعن في التزلف للغرب ولأعداء الأمّة.. وإذا كنا بدّلنا بوصلة أعدائنا ووجهنا الخناجر والسهام الى صدور بعضنا البعض.. فكيف ننتظر تفهّما ودعما من الدول الغربية؟ وإذا كان عود سياساتنا اعوج على الدوام، فكيف نريد للظل ان يستقيم ولو غيّرت الدول الكبرى رئاساتها كل شهر؟!
لذلك فإن انتظارات من رئيس فرنسا الجديد لن تشذّ عن هذه القاعدة... وكل آمالنا ستذهب في الأخير ادراج الرياح، رياح السياسة والمصالح... وسنبقى دوما مثل الأيتام على موائد اللئام طالما أننا نكتفي بالتمنّي ولا نتسلح بأكثر من النوايا الحسنة... في أفضل الحالات!!