كلام خطير وجهه عبد الرؤوف العيادي الى احد زملائه في حزب المؤتمر من اجل الجمهورية يتهمه بانه مورط في قضية حق عام بسبب الربا الفاحش. مقدم البرنامج الذي قدمته قناة التونسية الزميل وائل التوكابري سأله بوضوح ان كانت القضية مفتعلة ومفبركة من النظام السابق لتشويه ذلك المعارض الذي نال حقيبة وزارية في الحكومة الحالية . فكانت الاجابة قاطعة بان القضية صحيحة والإدانة ثابتة لا تقبل التشكيك.
كلام العيادي يريد البعض ان يضعه في سياق «رد انفعالي» او «تصفية حساب شخصي» مع صديقه اللدود. ولكن للمسألة أبعاد ستحول دون التقليل من خطورة هذه الاتهامات وستسحب يوما ما الغطاء الثوري عن كثير من الوجوه التي استفادت قبل الثورة من صفة « معارض» لتفسد في الارض واستفادت بعد الثورة من ذات الصفة للتطهر من خطاياها وذنوبها. لقد أساء النظام السابق لكثير من المناضلين الشرفاء وفبرك لهم القضايا الوهمية والأشرطة غير الأخلاقية وكال لهم الاتهامات بأشكالها وأنواعها.
وهي حقيقة تستدعي واجب الاعتذار لهؤلاء من قبل الدولة ومن قبل من تورطوا في تلك الأفعال. ولكن ذلك لا يجب ان يلغي واجب كشف الحقيقة كاملة وفضح من تورط من معارضي النظام السابق في سلوكات مشبوهة وتجاوزات مخلة بالشرف. البعض وللأسف من حزب المؤتمر من اجل الجمهورية تحديدا يصر على اعتبار كل من عمل مع نظام بن علي مجرما وسارقا ومدانا ومتهما وخائنا للوطن والشعب حتى يثبت براءته. صحيح ان وزراء في عهده يسكنون الفيلات الفاخرة ويشترون ضيعات شاسعة ويملكون أرصدة منتفخة. ولكن آخرين يملكون منزلا عاديا وسيارة شعبية اوعمرها 20 سنة!!، صحيح ان سياسيين واعلاميين ومثقفين يتمرغون الان في الملايين والمليارات التي جمعوها بالارتزاق، ولكن آخرين شرفاء يعيشون ظروفا صعبة بعد قطع مرتباتهم دون وجه حق من حكومتي الغنوشي والسبسي الثوريتان!!.
وصحيح ان آلافا من الذين طحنتهم الة القمع عاشوا ويعيشون ظروفا قاسية بلا موارد قارة ولا تغطية صحية وفيهم من انتحر من اليأس وترك ايتامه للضياع. ولكن من معارضي بن علي من يسكن الفيلات الراقية ويقود السيارات الفاخرة ويدرس أبناؤه في الخارج !! الرد الأقوى جاء من ذات الحزب اي المؤتمر بان معارضي النظام السابق لم يكونوا جميعا فوق مستوى الشبهات. وان مفعول احتماء البعض بالمد الثوري الزاحف والشعارات الثورية المناوئة للماضي محدود والى زوال . لقد بان بالكاشف ان كثيرا ممن رفعوا عقيرتهم بالصياح ضد الفساد والاستبداد كانوا مورطين فيه او معه « للعنكوش» وان المنادين سابقا بالديمقراطية لم يكن كثير منهم متشبعين بها .
فتراهم مستعدين اليوم لبناء دكتاتورية أبشع وأقذع وأقذر من دكتاتورية بن علي. كلام العيادي قد يكون يوما ما مدخلا للجنة تحقيق حول كثير من « الثوار» ونزاهتهم ولا يجب ان يستهتروا بهذه النبوءة التي عاشتها دول لم تنجح ثوراتها الا بعد تطهيرها من الأنظمة الفاسدة ومن الثوار الفاسدين كذلك.