أجمع المتدخلون من قضاة ومحامين، خلال الندوة العلمية التي نظمها مساء أوّل أمس الجمعة الفرع الجهوي للمحامين بتونس حول «الأحكام الجزائية من خلال المرسوم عدد 115 المتعلق بحرية الصحافة والطباعة والنشر»، على ضرورة مراجعة وإدخال تعديلات على المرسوم المذكور قبل تفعيله. وغاب عن الندوة ممثلون عن هيئة إصلاح الإعلام والاتصال التي تدافع عن المرسومين 115 و 116 وتطالب بتفعيلهما، رغم توجيه الدعوة رسميا الى ممثلين عن الهيئة للمشاركة في هذه الندوة العلمية.
ويعتبر المرسومان 115 و 116 محل خلاف بين الحكومة الحالية وعدد من الإعلاميين المطالبين بتفعيلهما، وإذ ترى حكومة الترويكا انّ المرسومين أعدّا في ظروف غير التي نعيش، ويحتاجان مراجعة وتنقيحا، فإنّ هيئة إصلاح الاعلام والاتصال التي يتراسها كمال العبيدي، تطالب بتفعيل المرسومين فورا تجنبا لاي فراغ قانوني يصيب المشهد الاعلامي، علاوة على أنّ الهيئة تعتبر المرسومين «ضمانة للاعلام من محاولات التدجين التي يتعرّض لها» بحسب تصريحات صحافية سابقة لممثلين عن الهيئة.
وقدم المحامي، البشير الفرشيشي (الخبير في القانون الجزائي) محاضرة أبرز خلالها التناقضات والثغرات القانونية الموجودة بالمرسوم عدد 115 ووصف الفرشيشي المرسوم، الذي تم إصداره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية بداية شهر نوفمبر الفارط، ب “الجزائي بامتياز” حيث عدّد حوالي 84 حكما جزائيا وردت فيه.
الفرشيشي انتقد أيضا عدم وجود منهجية واضحة في صياغة المرسوم ، كما أشار إلى وجود «فصول بالجملة في غير محلّها». وقال «هذا المرسوم في حاجة إلى تحسين وتطوير وربما حتى إلى إعادة نظر، وذلك بهدف تقديم نصّ في مستوى المنظومة الجزائية الوطنية وفي مستوى الثورة وما بعدها»، على حد قوله.
ولئن عبّر الفرشيشي عن احترامه للمجهود المبذول من طرف اللجنة التي سهرت على إعداد المرسوم، فإنه شدّد على حصول تعدّ على مبادئ قانونية أساسية في المادة الجزائية.
واعتبر الأستاذ المختص في القانون الجزائي، الذي يرى أن تونس حبلى برجال القانون الشرفاء الذين بإمكانهم تقديم «طبق تونسي صرف»، أن المرسوم عدد 115 «فيه عديد التشويهات... وهو عبارة عن عملية نقل عن القانون الفرنسي». وعبّر عن استغرابه من نقل بعض الفصول رغم أنه لم يعد معمولا بها في فرنسا. ونبّه الفرشيشي إلى خطورة وجود فصول قانونية بالمرسوم تنصّ على عقوبات دون ارتكاب جريمة على ما ينصّ عليه الفصل 67. كما استغرب من الفصل 14 الذي يحتوي على عقوبة سالبة للحرية على عكس ما تم الترويح له من أن المرسوم 115 قد حذف العقوبات البدنية المسلطة ضد الصحافيين.
بدوره، أشار مساعد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس، علي قيقة، إلى وجود عديد الهنات بالفصلين 50 و 51 من ذات المرسوم، وتساءل أحد القضاة، في مداخلته أثناء النقاش، عن سبب وجود فصل يهم المساجد ودور العبادة (الفصل عدد 53) بمرسوم يتعلق بالصحافة والطباعة والنشر رغم وجود قانون ينظم المساجد ودور العبادة منذ سنة 1988. وحول نفس الموضوع، طالب المحامي سيف الدين مخلوف بتوضيح معنى «الشعائر الدينية المرخص بها».
من جهته، اعتبر النائب عن حركة النهضة، عامر العريّض، الذي طلب الكلمة أثناء النقاش، أن المرسوم 115 صدر في «ظروف استثنائية جدا حيث كان الجميع منشغلا بنتائج انتخابات المجلس التأسيسي». وقال إنه يحتاج إلى تنقيحات واصلاحات هامة رغم المجهود الواضح في صياغته.
وأشار العريّض إلى ضرورة أن يدور حوار حول المرسوم بين الأطراف المعنية قبل المصادقة عليه من طرف المجلس الوطني التأسيسي. كما أكد ان المرسوم عدد 115 «ليس فيه ما يكفي من مدلولات على حذف العقوبات البدنية الموجهة ضد الصحافيين عند ممارسة مهامهم».