في طبعة أنيقة جدا وبديعة وبالألوان صدر عن بيت الحكمة (المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون «الديوان العربي لمولانا جلال الدين الرومي» أعده للنشر وقدم له البشير القهواجي. خط الغلاف عمر الجمني الكتاب من الحجم الكبير في 223 صفحة هو تحفة فنية سواء لطباعته الفاخرة التي اعتمدت ورقا مصقولا او للألوان التي ميزت هذا الكتاب وهذا ما يفسّر ربما ارتفاع سعره نسبيا (50 دينارا). مولانا جلال الدين الرومي قطب من أقطاب التصوف وهو صاحب الطريقة المولوية. لقد ظل هذا العلم الذي تسامى على كل صراعات عصره المذهبية والدينية والعرقية. تجاوز خزعبلات الفقهاء وكليشيهات التدين ليفتح لنفسه آفاقا ترتقي به عن ترهات وسجن التقاليد وعمل على ترويض الذات حتى تصفو نفسه... وما أحوجنا اليوم لمثل هذه الروحية التي التزم بها مولانا جلال الدين الرومي لنبذ كل أشكال التطاحن والبغضاء الذي صار ميزة هذا العصر... كم نحتاجك مولاي! نحتاجك شعرا في زمن الشعارير وروحا متسامحة في زمن التطاحن والتدين المزيف... نحتاجك لتشذّب اللحي وتهذّب الألسن التي تلهج جهلا بكلام كأنه الظلام... 8 قرون مضت... يا للتسامح لو قرأ من يدعون السلفية اليوم ما تكتبه لقاموا عليك الحدّ و«سموك شيوعية» أنت كما قلت عن نفسك «ريّس بحار تشق الاوقيانوس على ظهر مركبي». «أنت القائل لا يخلو العالم أبدا من معلم»... مولاي غاب المعلم... عمت الفتنة وكثر المعلمون وغاب العلم والمعرفة..! مولاي... احفظ جيدا هذا التاريخ.. حين رحلت تركت سوى سبعين ألف بيت من الشعر و26 ألف بيت (المثنوي) كان ذلك سنة 1273 المسيحيون أحبوك وكذلك اليهود... يا للتسامح..! أم تطلب ألا يكون عليك «حين يحمل نعشي يوم موتي حذار ان تفكرني متحسرا على الدنيا لا تبك عليّ لا تقل ألمْ ألمْ حين تضعني في القبر لا تقل وداعا وداعْ...» تركت لنا الغزل والترجيعات والرباعيات والمقطعات واللمعات... شكرا لبيت الحكمة على هذا الإنجاز الذي نرجو ان تواصل التمشي فيه بالانفتاح على اللون الصوفي وحبذا لو تنجز عملا للحلاج والسهروردي وغيرهما في زمن عمّ فيه التعصب وحلت البغضاء بدل التسامح.