تونس الصباح كما هو معلوم خصصت منظمة اليونسكو هذا العام للاحتفال بالمائوية الثامنة لميلاد العارف الكبير جلال الدين الرومي وهو ما يعكس انبهار الغرب بمقولات الرجل التي رأى فيها عناوين حب وسلام وتسامح. وبهذه المناسبة ينظم المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون ببيت الحكمة بالتعاون مع السفارة الايرانية ندوة فكرية حول الشاعر والمتصوف الكبير جلال الدين الرومي وذلك يومي الاثنين والثلاثاء القادمين. والى جانب افتتاح الندوة من طرف الاستاذ الدكتور عبد الوهاب بوحديبة والسفير الايرانيبتونس محمد تقي مؤيد، ستشارك مجموعة هامة من الباحثين والمتخصصين في دراسة اشعار جلال الدين وهم الاساتذة سيد محمد صدر هاشمي ومحمد بالطيب ومصطفى نجريان زاده ورجاء فرحات وسيد محمد جواد وزيري فرد وتوفيق بن عامر ومحمد مصطفى عزام وسيد حسن عصمتي وعبد القادر النفاتي وكريم زماني وابو يعرب المرزوقي وفريد قطاط وتقي بورنا مدريان والبشير القهواجي. ويعتزم هؤلاء المتدخلون مقاربة عدة محاور واشكاليات من اهمها: وحدة الوجود بين جلال الدين الرومي وابن عربي. مسرح وموسيقى ورقص من وحي جلال الدين الرومي. جلال الدين الرومي وجليل الكلام. تجربة الارادة عند الرومي وبعض صوفية المغرب. فلسفة السماع عند جلال الدين الرومي نظرية المجاهدات عند ابن خلدون. وقد ولد مولانا جلال الدين الرومي في ايران ب«مولوي» وينتمي الى عائلة مشهورة بالعلم في بلخ الواقعة في افغانستان الحالية وذلك في 1207م. وكانت مدينة «بلخ» احدى مراكز التصوف في ذلك الوقت ولقد مكث فيها جلال الدين الرومي سبع سنوات فقط ثم انتقل وهو طفلا صحبة والده الى نيسابور اين التقى بفريد الدين العطار الذي اوصى والده به قائلا: «أعتني بهذا الولد، فانه عما قريب سينفث في هذا العالم نفسا مشتعلا». واضافة الى ديوانه الشهير «شمس تبريز» نظم الرومي 3 آلاف و200 قصيدة غزلية تحتوي على اكثر من 34 الفا و600 بيت ويكثر في اشعاره توظيف الماء والحيوانات والشمس بالاضافة الى اسم الله والقرآن والنبي. ويعتبر منذ سنوات جلال الدين الرومي صاحب صورة مشرقة في المخيال الغربي وتلقي اشعاره المترجمة في الغرب الاقبال الكبير من ذلك انه في انقلترا قد بيع منها قرابة نصف مليون نسخة وغنت كل من مادونا وغولدي هون وديمي مور اشعاره. ويتفق المستشرقون وعلى رأسهم كولمان باركس الذي جعل الرومي يغزو امريكا بفضل ترجمته لاعماله الخالدة، على ان تجربة جلال الدين الرومي تحمل رسائل حب الى كافة الشعوب والاديان وترفض الانانية وهو ما يظهر بشكل جلي في اعماله على غرار «الديوان الكبير» و«مكتوبات» وهو عبارة عن رسائل تتضمن 147 رسالة وجهها كنصائح لحكام عصره. ولعل من الأقوال المشهورة عند الرومي قوله «يوم وفاتي يوم ولادتي، لا تبحثوا عن قبري في الارض فهو في قلوب جميع العارفين والمفكرين» ويقول ايضا في احدى اعماله الشعرية ما يعبر عن رفضه للنزعات الطائفية والعرقية: «أنا ابحث عن نفسي، انا لست مسيحيا.. أنا لست يهوديا ولا جبريا ولا مسلما.. انا لست من الشرق ولا من الغرب ولست من الارض ولا من البحر. انا لست عطر النعناع ولست من الكون الدوار. أنا لست من الارض ولا من الماء ولا من الهواء ولا من النار. أنا لست سماويا ولا أنا غبار ولا أملك وجودا ولست موجودا.. انا لست من أدم ولا حواء ولاجنة عدن ولا من رزوان مكاني هو اللامكان.. هذا وان كان الشاعر الالماني هانز ماينكي قد ذكر ان شعر الرومي هو الامل الوحيد في الاوقات المظلمة التي نعيش فيها، فان كولمان باركس مترجم مؤلفات جلال الدين الرومي الخالدة قد اعرب عن امله في ان تسهم ترجماته في اذابة الجليد بين الامريكيين والمسلمين خصوصا وان قصائد الرومي تحمل جوهر الرسالة الاسلامية.