تشهد جزيرة جربة اعتداءات يومية على معالمها الأثرية وانتهاكات بيئية خطيرة أثرت على التوازن البيئي وتهدد مستقبل الجزيرة برمتها وكان تشكيل هيئات مدنية ولجان محلية مطلبا أساسيا للحيلولة دون تواصل هذه الانتهاكات. بعد تظاهرة «جربة في خطر» التي نظمتها جمعية صيانة الجزيرة يوم 4 فيفري وجمعية جربة الذاكرة ولفيف من الجمعيات الناشئة حديثا تشكلت لجنة متابعة للتصدي للانتهاكات البيئية والأثرية عقدت عدة اجتماعات دورية في كافة مناطق جزيرة جربة وقد ساهمت إلى حد كبير في التخفيض من تلك الانتهاكات بتحركاتها الميدانية وتدخلاتها الفورية إلى أن أعلن والي الجهة رسميا تشكيل لجان محلية دائمة في معتمديات جربة الثلاث برئاسة معتمد الجهة تضم ممثلين عن البلدية ومعهد الآثار والوكالة الوطنية لحماية وتهيئة الشريط الساحلي وادارة التجهيز بالإضافة إلى السلطات الأمنية ومختلف مكونات المجتمع المدني. «الشروق» واكبت أولى أشغال اللجنة المحلية بجربة ميدون التي انطلقت بزيارة ميدانية للشريط الساحلي الجنوبي للجزيرة وانتهت بجلسة عمل في مقر المعتمدية للنظر في مختلف الانتهاكات التي تمت معاينتها والبحث عن الحلول الردعية العاجلة لوقف ما تتعرض لها المنظومة البيئية والآثار في جربة من تجاوزات ترتقي إلى مستوى الجريمة حيث رصدت اللجنة في زيارتها الأولى تحول منطقة أثرية تضم مقابر يعود تاريخها إلى العهد البوني إلى منطقة فلاحية من طرف أحد مخربي الآثار الذي حطم المقابر وباع ما تبقى منها كحجارة للبناء ليغرس مكانها أشجار زيتون ويستولي على مساحات شاسعة من الأراضي ، غير بعيد على هذا الموقع ضبطت اللجنة شاحنة بصدد رمي فضلات ثقيلة كبقايا لمواد بناء ومواد حديدية في منطقة فلاحية على ملك مستثمر عرف بعدائه للطبيعة في جربة حيث عاينت اللجنة أيضا مواصلة هذا المستثمر ردمه للشواطئ وتعديه على الملك العمومي البحري المناطق الرطبة ( السبخة ) ذات الخاصيات الجيولوجية الهشة والمصنفة ضمن قائمة « رامسار» ذات الأهمية البيئية العالمية وقد سبب هذا الانتهاك خللا في التوازن البيئي على كامل الشريط الساحلي بدأت تظهر نتائجه في ظهور مناطق زرقاء على الطريق المحلية 941 تسببت في قطع الطريق وتعطل حركة المرور في موسم الأمطار الفارط وكما توقفت اللجنة على غيرهما من الانتهاكات البيئية والأثرية التي وعد معتمد الجهة السيد سامي الغابي بمتابعتها مع الدوائر المختصة وموافاة والي الجهة بكل التجاوزات.ولئن استبشر أهالي جربة بهذه اللجنة التي ينتظر منها الكثير لإنقاذ الجزيرة إلا أن نجاحها يبقى رهين نتائجها في ظل ما تواجهه من رهانات كحدود صلاحياتها للنفاذ للمعلومة ومدى قدرتها على الصمود أمام مختلف الضغوطات الخارجية كما أن رفض السلط الأمنية بمنطقة سدويكش التعامل مع هذه اللجنة بتعلة أن الالتزامات الامنية تحد من صلاحياتها الردعية.