ننام ونصحو منذ اسابيع وشهورعلى اخبارعمليات تفجيرات وقتلى في ساحات كثيرة من العالمين العربي والاسلامي يتبناها تنظيم القاعدة...في اليمن المواجهات شملت الكثير من المناطق الجنوبية..في مالي تحدثت الانباء عن مشاركة تنظيم القاعدة لما يسمى المغرب الاسلامي الطوارق في الاستيلاء على شمال البلاد وهو أي التنظيم يقوم هناك بتدريب المسلحين النيجيريين المنتمين للتنظيم المسمى «بوكوحرام» (وترجمته العلم حرام) والذين يسعون لفرض الشريعة في شمال نيجيريا.. وفي العراق ورغم انحسار الاخبار الواردة من هناك فان عناصر تنظيم القاعدة يواصلون عمليات التفجير بين فينة واخرى ...وفي سوريا تاكد ان بين المسلحين الذين يقاتلون النظام جماعة القاعدة ولم يات التاكيد فقط في وسائل الاعلام بل ايضا وخاصة على لسان وزير الدفاع الامريكي والامين العام للامم المتحدة ...ثم جاءت الصور المرئية عن شباب من تونس قتلوا او اعتقلوا في سوريا ..وهنا بيت القصيد.
لنعد الى الوراء...الى تاسيس القاعدة والمراحل التي مرت بها إلى حد الآن. في عام 1979 احتل الروس افغانستان وتخلى السعودي اسامة بن لادن عن حياة الدعة وبحبوحة العيش وخرج للجهاد بماله وبنفسه ضد الملحدين السوفييت الذين احتلوا أرضا اسلامية..جمع حوله شبابا من السعودية وساحات عربية واسلامية من بينها تونس وانضم الى المجاهدين الافغان ضد الغزو الروسي..ونشط بن لادن في الحشد ثم انشا قاعدة بيانات (base de données) لضبط كشوفات للملتحقين به..
ومنها كان اسم «القاعدة» أو «تنظيم القاعدة». وأصبح الشيخ اسامة «شيخ المجاهدين» وفخر السعوديين وقرة عين الامريكيين وتلقى الدعم السياسي والتسليحي والتدريب من امريكا والرياض ..بعد عشر سنوات اندحر الروس من افغانستان لكن لم تمض الا شهور حتى احتل العراق الكويت (أوت 90) وشرعت امريكا في حشد قواتها لضرب العراق و«تحرير» الكويت وبدات القوات تنزل في الاراضي السعودية فاثار ذلك غضب بن لادن وصحبه باعتباره غزوا ايضا لارض اسلامية وبلاد الحرمين بالذات وادار فوهة البندقية التي حصل عليها من امريكا الى صدور الامريكيين انفسهم ومن دعاهم وتعاون معهم ونشا تنظيم القاعدة للساحة السعودية (الجزيرة العربية)..في الوقت ذاته احتلت أمريكا الصومال وقاتل شباب القاعدة هذا الغزو مع الصوماليين ودحروه ونشأت القاعدة للقرن الافريقي التي قامت بتفجير السفارتين الامريكيتين في العاصمتين الكينية والتنزانية ...
واصبحت القاعدة تنظيما ارهابيا وشيخ المجاهدين سابقا اسامة بن لادن على راس قائمة المطلوبين الملاحقين من امريكا ونزعت عنه الجنسية السعودية...وجدت احداث سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن ونسبت الى القاعدة واحتلت أمريكا افغانستان بسرعة اثارت الكثير من التساؤلات (ديسمبر2001) باعتبار ان طالبان الحاكمة انذاك في كابول هي الحاضنة الاساسية للقاعدة...وبالرغم من انكماش القاعدة لفترة في الارض الافغانية الا ان عددا كبيرا من التنظيمات المسلحة في العالم اعلنت انضمامها اليها ومن بينها الجماعة المسلحة الجزائرية التي تقهقرت الى الصحراء الكبرى وانضم اليها بعض التونسيين..ونشأت قاعدة الباكستان فيما بعد...وهكذا اصبح كل عمل ارهابي يحصل هنا او هناك منسوبا الى القاعدة وهناك عمليات يتبناها التنظيم .....وهناك القاعدة في لبنان وعمليات للقاعدة في الاردن (موطن الزرقاوي) وفي لبنان ..باختصار كثيرون ممن انضموا الى القاعدة في ساحة من الساحات لم يتوانوا عن مواصلة العمل في اوطانهم الاصلية...
لست اليوم بصدد مناقشة من جند الشبان التونسيين وكيف ومن ارسلهم لقتل اشقاء لنا سواء كانوا مع النظام او ضده ...ما أريد ان أتوقف عنده هو استخلاص العبر مما ذكرت من تطورات انشاء وعمل القاعدة وتفريعاتها ...أمريكا دعمت بن لادن ضد الروس وذاقت ويلات ما قدمته من سلاح فيما بعد ومازالت الى اليوم...السعودية انفقت المال والسلاح لدعم بن لادن وعانت ومازالت تعاني من المسلحين التابعين له..والتونسيون الذين قاتلوا مع القاعدة في افغانستان وفي العراق وفي غيرهما انضم بعضهم الى القاعدة للمغرب الاسلامي.. ومنهم من تسلل الى تونس وقتل او اعتقل وانكشفت مخططات للتخريب والتفجيرات! الم يفكر من جند الشباب وساعد على انتقالهم للقتال في سوريا في يوم تضع الحرب اوزارها في الشام وامكانية ان تنتقل البندقية بايدي هؤلاء الى تونس بالذات خاصة مع ما نشهده من تجاذبات سياسية وعقائدية في ارضنا؟ ذلك هو السؤال...
ان ما نغرسه يجب ان نتحرى ارضه وحصاده ونحرص على تجنب البذرة الخبيثة ونتوخاها حتى يظل بلدنا طيبا لاننا نحن من سيدفع الثمن ..{والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا} (سورة الاعراف..) صدق الله العظيم.