هي بنت لا تتعدّى الرابعة عشرة من العمر لم تتمتع بطفولتها كغيرها من بنات جنسها، علمت بمرضها منذ صغرها ففهمت سبب ابتعاد صديقاتها عنها، وهذا ما تسبّب في انقطاعها عن الدراسة مبكّرا، حاولت عائلتها ادماجها في مدرسة لتأهيل المعوقين.
ففي منزل قديم كائن بمنطقة «بوربيع» من معتمدية بوعرقوب ويتكوّن من غرفتين صغيرتين ومطبخ تعيش الطفلة نسرين العبدلّي مع عائلتها المتكونة من تسعة أنفار. داخل هذا المنزل الذي تصدّع سقفه وتآكلت جدرانه من كل جانب بسبب عوامل الزمن واهمال صيانته، تصارع نسرين الأمراض التي تنغّص عليها حياتها، فمنذ ولادتها تعاني قصورا كلويّا باحدى كليتيها، وضررا بالكلية الأخرى، اضافة الى مرض في العمود الفقري استوجب عملية جراحية دقيقة. وقد حدّثتنا الأم عن رحلة العذاب المتواصلة الى اليوم والسنوات الطويلة التي قضتها في التنقل بين مستشفيات العاصمة لمداواة ابنتها وذلك بمعدل مرتين أسبوعيّا، وحدثتنا عن زوجها العامل اليوميّ الذي لا يكاد مرتبه يغطّي حاجيات العائلة من أكل وشرب، وعن أبنائها السبعة الذين لا يتجاوز أكبرهم عامه العشرين وعن انقطاع أغلبهم عن الدراسة بسبب الفقر. ومع هذا فقد كرّس الوالد حياته لأجل علاج ابنته مهما كان الثمن، لكن بعد مرور هذه السنوات ظلّت حالة البنت الصحية كما هي، وفي المقابل انقطع خمسة أبناء عن الدراسة وتدهورت حالة العائلة ماديّا خاصّة ما يتطلّبه علاج البنت من مصاريف يومية وأدوية غالية الثمن. أماّ نسرين التي تعاني المرض والألم والعزلة وهي ثابتة، فقد عبرت لنا عن رغبتها الشديدة في تحقيق ذاتها ومساعدة عائلتها الفقيرة التي طالما كافحت لأجل علاجها وناشدت السلط الجهوية مساعدتها لأجل مواصلة علاجها، وتمكينها من جراية شهرية أومساعدتها على تعلّم احدى الحرف اليدوية حتى تستطيع توفير حاجياتها الضرورية بنفسها.