ما أروع أن يكتب الواحد منا عن موضوع بأسره فيتحول عناء الكتابة إلى شجرة زيزفون أصلها في الأرض وفرعها في السماء.. أولاد حفوز... هذا المعقل التاريخي الهام، معقل رجالات تونس الأبرار من كتبوا بدمائهم وأرواحهم تونس عصية على الاستمار.
الشروق» كانت حاضرة في احتفالات أولاد حفوز التي تزامنت مع الذكرى 58 لاستشهاد الأخوين علي والطاهر حفوز.
هل كان حاتم الطائي «حفوزي»؟
انطلقت الرحلة من تونس العاصمة، ورغم طول الكيلومترات فقد بددت تدخلات مرافقنا عبد الحميد حفوز بعض المسافات... هو أخذنا في رحلة أخرى عبر التاريخ عاد بنا إلى زمن الاستعمار الفرنسي حين كان يؤمن الاتصال بين المناضلين وسنه لا يتجاوز الثماني سنوات، كان تحت إمرة والده الحاج العكرمي حفوز ينقل الرسائل والتعليمات إلى المناضلين، كان بلغة العصر بمثابة الهاتف الجوال، هاتف تونسي الصنع الحديث مع هذا الرجل له طعم خاص ومذاق مميز... حديث تغلب عليه الرجولة والصدق والحب اللامحدود لتونس، كان بورقيبة وصالح بن يوسف وفرحات حشاد، كانت هذه الأسماء وغيرها حاضرة في أغلب حديثه زادتها بعض الدموع الصادقة المنسابة من عينيه رونقا وبهاء. وصلنا إلى أولاد حفوز... كان المشهد رائعا، كان كل رجالات المدينة مجندون لإحياء هذه الذكرى المجيدة التي تغيب عن فعالياتها أعضاء الحكومة ورئيس الجمهورية الدكتور المنصف المرزوقي وهذا ما يدعو للتساؤل؟ كرم الضيافة كان المشهد المميز حتى أنني خلت حاتم الطائي «حفوزي» وأن الحاج منوّر حفوز ومثله السيدين المنجي وثامر حفوز من أحفاده، بلا مجاملة قبلة على الجبين.
البداية: معرض تذكاري
كانت البداية باستقبال السيد عبد المجيد شاكر ثم تحول كل المشاركين في هذه التظاهرة إلى معرض تذكاري أعد بالمناسبة يروي بالصورة الشمسية تاريخ نضال أبناء أولاد حفوز... ولا يمكن أن نمر على هذا المعرض دون أن ننحني إجلالا وتقديرا لكل هؤلاء المناضلين والشهداء أمثال الحاج العكرمي حفوز والهادي حربيط ومحمد صالح العريضي وعبد القادر خليفي والطاهر بن صالح بن شوشان وعلي بن محمد لبيض شوشان وغيرهم.
تدخلات مثيرة
بعد ذلك انتقل الحاضرون إلى قاعة الاجتماعات بدار الثقافة أين ألقى السيد عبد المجيد شاكر كلمة مطولة ركز من خلالها على الدور الطلائعي الذي لعبه شهداء ومناضلو أولاد حفوز خاصا بالذكر الحاج حفوز وابنه المناضل الكبير الحاج العكرمي حفوز والشهيدين علي والطاهر حفوز. ولعلّ ما شدني في تدخلات الحاضرين تساؤل السيد خليفة هرابي رئيس بلدية أولاد حفوز عن غياب والي سيدي بوزيد عن هذه التظاهرة المجيدة والمؤثرة في تاريخ تونس. أما السيد عبد الحميد حفوز فقد كان في هذا الاجتماع علامة وضاءة أشع نورها كل القلوب... الرجل تحدث بوطنية صادقة لا تزلف فيها... ذكر كيف أن والده الحاج العكرمي رفض كل العطايا من بورقيبة جزاء ما قدمه من أعمال جليلة إيمانا منه أن نضاله كان من أجل تونس لا غير.
زيارة إلى ضريح الشهيدين
زيارة ضريح الشهيدين علي والطاهر حفوز كانت المحطة الأخيرة قبل أن يتحول الحاضرون إلى منزل الحاج منور حفوز لمأدبة غداء أقيمت بالمناسبة.
عائلة حفوز في الصدارة
ولعلّ ما شد انتباهي هذا الحرص الدائم والدؤوب لعائلة حفوز على مواصلة الاحتفاء بذكرى شهداء أولاد حفوز دون أي دعم مادي من الدولة والسلطة المسؤولة... تحية تقدير وقبلة أرسمها على جبين السيد المنجي حفوز لمساهمته الفعّالة في إنجاح هذه التظاهرة.