مشروع «مارينا بنزرت» هو مشروع حيوي بإمكانه المساهمة في دفع القاطرة الاقتصادية نحو الاقلاع غير أن إنجازها لا يزال يراوح مكانه فهل يتم تفعيل هذا الحلم لما فيه من تنمية الجهة والبلاد عموما لا سيما القطاع السياحي. نظرا لما تشهده الواجهة الساحلية والبحرية التونسية من اهمية بالغة من حيث الموقع الجغرافي المتميز والتاريخي بحوض البحر الابيض المتوسط منذ القدم (أكثر من 3000 سنة على انجاز الموانئ البونيقية) وهوما جعلها قطبا اقتصاديا هاما للمعاملات التجارية والخدمات ووجهة ذات اولوية للسياحة الدولية ولانجاز العديد من المشاريع العقارية الضخمة على الواجهة البحرية في المستقبل القريب , فقد قمنا بمعية كفاءات وطنية ودولية متخصصة في هندسة السواحل والموانئ بإعداد دراسات معمقة من جميع النواحي لمشروع مارينا بنزرت. وبالمناسبة فإن هندسة السواحل والموانئ تحتل مرتبة متميزة لما لها من قيمة فنية وعلمية وتأثيرات جلية على الاقتصاد وتطور الخدمات اللوجستية في العالم .
تحديات ورهانات
وقد شهدت هندسة السواحل والموانئ قفزة نوعية لا مثيل لها اقليميا وعالميا خاصة في العشرية الاخيرة مما دفع بعديد الحكومات في العالم كإمارة دبي ودولة قطر ومملكة البحرين ومملكة المغرب ودول جنوب شرق اسيا والولايات المتحدةالامريكية والجزر الاستوائية الى انجاز مشاريع عقارية وسياحية ضخمة وذات قيمة هندسية فريدة وذات مردودية اقتصادية عالية. وإيمانا منا بحجم الرهانات المنتظرة في الحاضر والمستقبل للبلاد التونسية والتنمية الجهوية من استقطاب للاستثمارات والسياحة الدولية وإحداث مواطن شغل جديدة ومركز دولي للأعمال, فقد فرضت فكرة احداث مارينا بميناء بنزرت نفسها تدريجيا لدى فئة من رجال الاعمال التونسيين والمتشبثين بالراية الوطنية خاصة وان ميناء بنزرت انجز منذ عهد الحماية الفرنسية التي كانت تعرف جيدا مكانة هذه المدينة وموقعها الاستراتيجي ولم ترد مغادرتها حيث كان يطلق عليها اسم «le petit Paris» وانجزت فيها اهم المنشآت البحرية الا انه لم يقع منذ تاريخ الاستقلال استغلال هذه البنية التحتية بل وقع العزوف عنها واحداث مشاريع جديدة بمدن اخرى كلفت الدولة ما كلفتها ولقد راج لدى العموم ان مدينة بنزرت «مظلومة». وكان من الجدير استغلال المواقع البحرية المهيأة للغرض.
استراتيجية منطقية
فكرة إنجاز المشروع تعد تسلسلا طبيعيا للأحداث بحيث تتمثل في تهيئة واستغلال جزء مهمل من الميناء الضخم للمدينة والذي كان بالامكان تفعيله منذ القدم للنهوض الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة الا ان السياسة الداخلية للبلاد لم تكن عادلة في حق مدينة الجلاء. ومن جهة اخرى فإن الدراسات التي اعدت في الغرض حظيت بمناقشات هامة على مختلف المستويات الوزارية والادارية وكذلك مكونات المجتمع المدني قصد تفعيل الدور التشاركي لجميع الفئات وضمان نجاح المشروع وتطابقه مع العلامات الدولية في الميدان. ولهذا كان الاستئناس بالخبرات الوطنية والدولية لتأقلم المشروع داخل المحيط المتوفر أمرا أساسيا خاصة فيما يتعلق بالجوانب البيئية والتراثية حيث ان دراسة المؤثرات على المحيط المصادق عليها وقع تنقيحها ومناقشتها ومراجعتها على عدة مراحل وكل جانب على انفراد ثم بصفة كلية لضمان انسجام المشروع في محيطه الدقيق. والجدير بالذكر ان نتائج الدراسات الهيدروديناميكية والرسوبيات افضت الى الشكل الهندسي المعتمد في المشروع دون التأثير سلبا على الميناء العتيق ببنزرت اوالمنشآت المجاورة. اما فيما يخص الجوانب العقارية والتراثية فهي لا تتجزأ بعضها من بعض وقد تم اقتناء الاراضي بعد التشاور مع الجهات المعنية والفحص الدقيق لمكونات المشروع بما يمكنه تقديم الاضافة والنهوض بالمنطقة ككل.