نزل خبر وفاة جريح الثورة حسن السعيدي على عائلته وأصدقائه وزملائه الجرحى كالصاعقة، وخاصة أن موته جاء في ظروف غامضة، فلم يتوقع أحد أن يكون نهاية «حسن» أو «أبو آية» بهذه الطريقة. الحزن خيّم على منزله البسيط بحي النجاح بالملاسين، الأم مصدومة تنظر الى باب غرفته معتقدة أنه سيدخل عليها في أي لحظة، أما الزوجة فقد احتضنت ابنتها آية التي لم تفهم سرّ هذا الألم الواضح في ملامح والدتها، وشقيقه من شدّة صدمته كرّر جملة واحدة «من قتل أخي؟».
المرحوم حسن السعيدي من مواليد 1 فيفري 1962 متزوج وأب لطفلة وهو العائل الوحيد لوالدته، أصيب في 29 جانفي 2011 وتضرّر جسده حسب ما صرّح شقيقه ب70٪، وساءت حالته النفسية كثيرا في الفترة الأخيرة وبدأ يستهلك العقاقير بصفة مفرطة. الحقيقة
«نريد أن نعرف كيف توفي شقيقي حسن؟».. هكذا بدأ عبد الرؤوف السعيدي كلامه مضيفا في نفس السياق «منذ يوم الخميس الفارط تعرّض أخي للضرب والإهانة وأتذكر جيدا عندما عاد الى المنزل ردّد عديد العبارات غير الواضحة مثل «ضربوني، وعذبوني، وفلوسي ضاعت» ويوم الجمعة الفارط ساءت حالته كثيرا فهرعنا الى القسم الاستعجالي بمستشفى منفلوري ودخل في غيبوبة منذ لحظتها وتوفي أول أمس ثم شرحوه بمستشفى شارل نيكول وها نحن ننتظر تقرير الطبيب الشرعي.
لم يكن حال زوجته أفضل من حال أخيه حيث قالت راضية ل«الشروق» «منذ يوم الخميس حين تمّ إيقافه من قبل أعوان الأمن رجع الى المنزل في حالة غير طبيعية، لن أظلم أحدا ولكن أريد الحقيقة، لقد مات وترك «آية» وحيدة في هذا العالم، فمن سيعولنا الآن؟ لقد شارك في الثورة إيمانا منه بالتغيير طالبا حياة كريمة فلم يجن إلا الموت والإهانة». أما والدته فلم تكن قادرة على الكلام، فألم الأم التي فقدت فلذة كبدها جعل منها جسدا بلا روح.
جرحى الثورة
امتلأ منزل المرحوم «حسن السعيدي» بزملائه جرحى الثورة، فتواجد كل من حسام العصيدي وعادل المليتي وجهاد مبروك وسعاد الجبري وعمر العزيزي وناصر التليلي والحزن عمّ على وجوههم، ربما خوفا من مصير مشابه أو ألما على فقدان عنصر منهم، وعن هذا قال عادل «بدمائنا روينا هذا البلد، فجنينا الموت ما بعد الثورة.. فحسن مات ولكن سنواصل المشوار بعده والآن سنعتصم أمام مقر المجلس التأسيسي لنطالب بكشف أسرار موت زميلنا».