كشفت عديد الإحصائيات أن الشعب التونسي يعتبر من أكثر الشعوب العربية استهلاكا للانترنات والتونسيون هم من كبار رواد الموقع الاجتماعي ال«فايس بوك» إلى حد الإدمان حيث يصل معدل الإبحار عند البعض عبر ال«فايس بوك» إلى أربع أو خمس ساعات في اليوم خاصة لدى التلاميذ والنساء. ومن مظاهر الإدمان عند هذه الفئات حسب ما توصل اليه باحثون مختصون تتمثل في الهوس والحرص الكبير على الدخول على صفحتهم بشكل متكرر لمتابعة التحديثات والمشاركات والتعليقات والحرص على البقاء لأطول مدة ممكنة على الصفحة للتواصل السريع مع الآخرين. هذه النقطة بالذات حرصت جهات معينة على استغلالها من خلال سعيها للسيطرة على هذا الفضاء المهم وتسخيره لخدمة اجنداتها السياسية والايديولوجية فتراهم يصنعون الاخبار على طريقتهم ويروجونها بسرعة فائقة وعلى اوسع نطاق ليس هدفهم ايصال المعلومة بل خلق اجواء عامة سانحة لتمرير أجنداتهم.
من جهة اخرى حول البعض ال«فايس بوك» لساحة حرب مفتوحة تستعمل فيها كل الاسلحة الممكنة الفبركة والكذب والاشاعة هذه الحروب المتكررة يوميا والتي يوقد شرارتها الاولى عادة اطراف محترفة تتقاضى اجرا على ما تقوم به سرعان ما يؤجج نارها انصار هذا الطرف أو ذاك والانصار هم عادة من اولئك المدمنين الذين تراهم يتأثرون سريعا بما يطالعونه من اخبار فيفرحون لكسب النقاط وينهارون لتلقي اللكمات الافتراضية.
والمؤسف أن أجواء ال«فايس بوك» ينقلها المدمنون معهم إلى محيطهم فيفرحون حد الانتشاء أو يتأثرون حد التأزم خاصة إذا تعلق الأمر بأمن الوطن أو هفوة للحزب المنتمي اليه كما يمكن ان يكون ال«فايس بوك» سببا في ان يخسر الانسان صديقا ما بمجرد ان يكتشف على هذا الموقع انه يخالفه في التوجه السياسي أو الايديولوجي.
في هذا الاطار نبه مختصون لهذه الظاهرة المسببة للاكتئاب النفسي ودعوا للتخلص من إدمان ال«فايس بوك» ومراجعة قائمة الاصدقاء الافتراضيين والصفحات المحببة والاكتفاء بالصفحات التي اثبتت حرفيتها وحياديتها والادراك ان تونس ليست ال«فايس بوك» والواقع الحقيقي غير الافتراضي بالضرورة وعلى كل شخص مدمن ان يدرك ان هناك من يستغل ادمانه لتوتيره ولشحنه استعدادا لاستعماله في مرحلة قادمة. صحيح ان الفايس بوك كان في فترة ما وسيلة للمساهمة في الثورة لكن يبدو أن من أسقطتهم الثورة يسعون اليوم للاستفادة مما يوفره ال«فايس بوك» وما على التونسي الا الحذر. من جهة اخرى أكد مختصون ان من سلبيات ادمان ال«فايس بوك» ايضا انه يجعل المبحر على الانترنات يتقوقع داخل موقع وحيد ويهدر الساعات الطوال فيه مما يحرمه من استغلال افضل لشبكة عنكبوتية بها ملايين المواقع الهادفة والمفيدة.
كما يجعله يهدر وقتا هو في الأصل إما وقت فراغ يشكو منه المدمن أو وقتا مقتطعا من توقيت الوظيفة لو يستغله المدمن في العمل أكيد سيغير به واقعه ولو بعد فترة.