والمقتدر سبحانه وتعالى هو الذي يقَدِّر الأشياء بعلمه وينفذها بقدرته، فالمقتدر يجمع دلالة اسم الله القادر واسمه القدير معا، فاسم الله القادر هو الذي يقدر المقادير في علمه، وعلمه المرتبة الأولى من قضائه وقدره، والله عز وجل قدر كل شيء قبل تصنيعه وتكوينه، ونظم أمور الخلق قبل إيجاده وإمداده، فالقادر يدل على التقدير في المرتبة الأولى، والقدير يدل على القدرة وتنفيذ المقدر في المرتبة الرابعة من مراتب القدر، فالقدير هو الذي يخلق وفق سابق التقدير، والقدر بدايته في التقدير ونهايته في القدرة وتحقيق المقدر، أما المقتدر فيجمع وسطية الدلالة مع المبالغة، وهذا ما دل عليه معناه في اللغة، حيث جمع في دلالته بين اسم الله القادر والقدير معا فهو أبلغ منهما في الدلالة والوصف قال تعالى : {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً} [الكهف:45]، أي على كل شيء من الأشياء يحييه ويفنيه بقدرته لا يعجز عن شيء (23)، وقال : {كَذَّبُوا بِآياتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:42]، قال الزركشي : «واعلم أن اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إلى وزن آخر أعلى منه فلا بد أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولا لأن الألفاظ أدلة على المعاني فإذا زيدت في الألفاظ وجب زيادة المعاني ضرورة» ومنه قوله تعالى : {فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ} فهو أبلغ من قادر لدلالته على أنه قادر متمكن القدرة لا يرد شيء عن اقتضاء قدرته ويسمى هذا قوة اللفظ لقوة المعنى. والمقتدر اسم فاعل من اقتدر، فعله اقتدر يقتدر اقتدارا، والأصل قدَّر يقدر، وقدَر يقدر قدرة، والمقتدر مُفْتَعِلٌ من اقْتَدَرَ، وهو أبلغ من القادر والقدير