أن يتمتع الطفل الكفيف ب«مشاهدة» أشرطة كرتونية في دور السينما كان ضربا من الخيال.. شكري حمزة يتحدث ل«الشروق» عن مشروعه الانساني الذي قضى 15 سنة في العمل عليه لانجاز مجموعة من الأشرطة الإلكترونية الموجهة للطفل الكفيف. يعود شكري الى سن طفولته (اواخر الستينيات وبداية السبعينيات) كسبب بعيد لانطلاق فكرته «كنا في ذاك الزمن مغرمين كثيرا بالسينما باعتبارها الفعل الثقافي الاول فترى اغلب الناس يوم الاحد يرتادون دور السينما في اجواء احتفالية وكان لنا صديق كفيف تعجزه اعاقته عن الحضور معنا ولكنه في كل مرة كان ينتظر الى حين عودتي لأحكي له تفاصيل ما شاهدته في السينما ولم ننتبه حينها كمجتمع الى هذه الفئة من الناس ولم نتساءل عما يرغبون فيه وكيف يعيشون في عالمهم المنعزل».
«هذه الاسباب البعيدة والمباشرة جعلت الفكرة تختمر في ذهني لانجاز اشرطة من الرسوم المتحركة الموجهة للطفل الكفيف فتعمقت في الفكرة واستعنت بصديق من ايطاليا للحصول على كتاب حول الذاكرة الشعبية العالمية بلغة عربية مبسطة وقد تحصلت على 25 مجلدا (حوالي 260 قصة شعبية عالمية) مكنتني من انتاج مجموعة من الاشرطة القصيرة والطويلة وكان خلالها مستشاري الوحيد طفل كفيف استرشد بملاحظاته لمعرفة مدى نجاح العمل وتقريب الصورة عبر الصوت الى ذهن المتلقي الكفيف».
«هذه القصص الشعبية العالمية مكنتني من انتاج حوالي 260 سيناريو وهو عمل ضخم تطلب من فريق العمل المتكون من عشرة افراد من المتطوعين الكثير من الجهد والوقت (حوالي 15 سنة كاملة) وقد ساعدتني اللغة العربية الميسرة للمجلدات المرفوقة بصور تفصيلية على كتابة سيناريوات القصص وكان اجتهادي في مستوى تحويل الصورة من السرد والكلمات الى اصوات مسموعة يطلع عليها الطفل الكفيف لمعرفة مدى ما حققته الكلمات من تقريب للصورة فاذا كانت النسبة ضعيفة اعدنا العمل من جديد لتجاوز الهنات رغم ايماننا العميق بأنه لا يمكن الوصول الى عمل يرضي الكفيف تماما».
«وقد تمكنا سنة 2003 من انجاز 75 دقيقة اعتبرناها حينها غير كافية للطفل الكفيف فواصلنا العمل الى ان انجزنا 260 شريطا بين اشرطة قصيرة (5 دقائق) واخرى طويلة (28 دقيقة) معتمدين على نفس اصوات ابطال وشخصيات الرسوم المتحركة لتقريبها من مخيلة الاطفال».
«هذه الاعمال سيتم عرضها لأول مرة يوم 24 جوان 2012 في احدى قاعات السينما وستحضره جمعيات عديدة من داخل البلاد وخارجها (جمعيات تونسية وعربية واخرى أوروبية) وهو ما انتظره شخصيا بفارغ الصبر لاكتشف المعنى الحقيقي لدموع الفرح ليكون ذلك اليوم اكبر فرحة في حياتي وتتويجا لجهود سنين عديدة من العمل المضني». وينهي شكري
حمزة حديثه «أتمنى ان يصل المشروع الى كل طفل كفيف في العالم العربي ليعيش اجواء السينما ولا يحرم منها كما حرم من غيرها وسأنطلق يوم 24 جوان 2012 في بث ثمانية قصص تدوم حوالي 50 دقيقة».