اختلف رجال الأعمال بصفاقس في تقييمهم لحوار رئيس الحكومة حمادي الجبالي للقناتين الوطنيتين ليلة الأربعاء الماضي، فمنهم من رأى في الحديث التلفزي مجرد تكرار لخطاب سابق، ومنهم من نادى بتحويل الخطاب إلى تطبيق على أرض الواقع. ويوجد فريق ثالث بحث في أجوبة الوزير الأول عن رسائل طمأنة... حين رمنا إجراء هذا «الروبرتاج» لاحظنا أن عددا كبيرا من رجال الأعمال لم يتابعوا الحوار ربما بسبب عدم الإعلان عنه مسبقا أو أنهم رأوا في أسئلة الصحفيين سعيد الخزامي وإيمان بحرون سطحية في الطرح لم ترتق إلى مستوى أسئلة الشارع الحارقة، خلافا للبعض الآخر من رجال الأعمال الذين تابعوا الحوار ورأوا في بعض جوانبه أجوبة توضح توجهات الحكومة الانتقالية في بعض المسائل وخاصة منها الجانب الأمني الذي بات يشغل الجميع..
الأب يجمع ولا يفرق
رجل الأعمال منصف خماخم قال إن المشكل الأساسي اليوم هو سياسي بالأساس، وعلى حكومة «الترويكا» أن تتحمل مسؤوليتها بالكامل لنزع فتيل الاحتقان الذي ارتفع نسقه ومنسوبه، مضيفا ان دور الحكومة في تجاوز عثرات الحاضر تستمدها من شرعيتها باعتبارها منتخبة من الشعب.
وقال منصف خماخم إن المسؤول عن الحكومة الانتقالية اليوم هو بمثابة الأب الذي عليه أن يجمع ولا يفرق، ويقرَب وجهات النظر بين كل التونسيين وبين كل الفئات والانتماءات من خلال خطوات عملية ورسائل طمأنة تجلب المستثمر الأجنبي وتدعم المستثمر التونسي، ودعا منصف خماخم بالمناسبة إلى ضرورة الإسراع بحل كل المشاكل والقضايا المتعلقة برجال الأعمال برؤية تستحضر المصلحة العليا للوطن، مؤكدا على ضرورة تجاوز خطاب التشكيك والاتهام لرجال الأعمال وخاصة الشرفاء منهم. منظمة الأعراف التي كانت تشكومن ضعف فادح في عهد المخلوع عليها أن تتموقع في السلم الصحيح وأن تتحمل مسؤوليتها، لكن أساليب التخوين والتشكيك حالت دون قيامها بمهامها كرافد أساسي من روافد تحسين الاقتصاد وتطويره حسب تعبير المتحدث.
الجانب الأمني، هو من النقاط التي أثارها السيد منصف خماخم معتبرا أنه لا استقرار ولا استثمار دون تطبيق القانون والإحاطة بشبابنا وتوعيته وتثقيفه وتوجيهه إلى ما يفيد تونس وتقديم صورة ناصعة تجلب السائح والمستثمر وتبعد عن المواطن شبح الضبابية.
سياسة المكيالين
رجل الأعمال حافظ الحصايري قال إن رئيس الحكومة لم يقنع المتلقي فعوضا أن يتناول الإنجازات والقرارات التي تطمئن المستثمرين، اتجه إلى مهاجمة المعارضة واتحاد الشغل وكأنه يطلب من الشعب مساعدته في هذا المنحى الهجومي، مضيفا أن الحكومة تتعامل في الجانب الأمني بسياسة المكيالين مبينا ان الجبالي لم يقدم تطمينات لرجال الأعمال الذين تفاقمت شواغلهم.
وأضاف المتحدث أنه كان على الحكومة ان تعمل على تعيين كفاءات وطنية على رأس الولايات والمعتمديات وفي المجالس البلدية لكنها اتجهت إلى تعيين النهضاويين، وهذا إن دل على شيء إنما يدل على نيتهم ضمان الانتخابات المقبلة حسب تعبيره. وانتقد الحصايري رئيس الحكومة حين قال «لا نريد استعمال لغة حادة مع السعودية لجلب الرئيس بن علي والأموال التي استحوذ عليها» مبينا في المقابل أن قرار قطع العلاقات مع سورية جاء ارتجاليا ومتسرعا. وقال السيد حافظ الحصايري، لقد اعترف رئيس الحكومة بوجود فلول «مفيوزي» يصنع التجارة الموازية ويتحكم في التوزيع وارتفاع الأسعار والحال أن الحل بيد الحكومة في مراقبة ومحاربة التهريب متسائلا في الأخير عن تجاهل المطالب الشعبية التي تنادي بالمساءلة والمحاسبة والمصالحة ؟.
رجل الأعمال عادل الشعري قال إنه آن الأوان للنهوض باقتصاد البلاد دون حسابات ضيقة، فالمرحلة الانتقالية التي نعيشها الآن تستوجب تضافر الجهود دون مصالح حزبية ضيقة، فلا مصلحة تعلوفوق مصلحة البلاد. ودعا صاحب مؤسسة «سيسرام» بصفاقس، إلى ضرورة العمل على استعادة أمن البلاد وتجاوز مرحلة الهشاشة التي طالت أكثر من اللازم، فلا استثمار وطنيا أو أجنبيا دون أمن يطمئن رجال الأعمال للنهوض بالاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة للمعطلين عن العمل والذين يطالبون بحقوقهم الشرعية بما يحفظ كرامتهم ويفتح أمامهم آمالا جديدة للبذل والعطاء من أجل تونس. واعتبر المتحدث أن كلام الوزير في المسائل الأمنية مطمئن في صورة تطبيقه، مبرزا ان مسؤولية النهوض باقتصادنا هي مسؤولية مشتركة بين جميع الأطراف دون تجاذبات سياسية ومحاصصة حزبية استفحلت في هذه الفترة..
الحوار تجاهل الفلاحة
رئيس اتحاد الفلاحين بصفاقس السيد علي شعور قال إنه على الحكومة أن تتفتح أكثر على المنظمات دون اعتماد اللغة الفوقية، مضيفا أن المطلوب اليوم البناء، ولا بناء دون تضافر كل القوى الحية بالبلاد ودون أن يتوفر مناخ من التعاون وتبادل الرأي في كل المسائل الحيوية التي تهم الشعب التونسي. وطالب المستثمر علي شعور بضرورة التصدي إلى الانفلاتات الأمنية التي لا تشجع رجال الأعمال وتعيق الاستثمار مشددا على ضرورة تطبيق القانون دون تجن أو تشف، داعيا إلى وجوب العناية بالفلاحين والبحارة مشيرا إلى أن الحوار التلفزي لم يتناول أهم قطاع في البلاد وهو قطاع الفلاحة. واعتبر علي شعور أن المنظمات الوطنية شريك أساسي ورئيسي في البناء الديمقراطي مبرزا انه على الحكومة أن تفتح قنوات للاتصال وتستمع إلى مشاغل المهنيين وتعمل على إزالة كل الصعوبات والعراقيل التي تحول دون تطوير القطاعات الإقتصادية وخاصة منها القطاع الفلاحي الذي هو الضامن لحماية تونس في أمنها الغذائي وبالتالي استقلالها السياسي من كل تبعية خارجية.
السيد أنور التريكي قال إن تونس تحتاج اليوم إلى تضافر كل الجهود لإنجاح المرحلة الانتقالية، وهو مطمح لا يتحقق إلا بوضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار والتخلي عن التجاذبات السياسية والمحاصصة الحزبية الضيقة داعيا إلى ضرورة تجاوز الصعوبات من خلال خطة عمل واضحة تبعث برسائل طمأنة إلى المستثمر وتجعل من تونس قبلة له. وأضاف المتحدث أن المرحلة الانتقالية تعد من أصعب مراحل الانتقال الديمقراطي، فبين ماض مكبَل ومستقبل واعد، خطوات تستوجب التعاون تحت شعار واحد «تونس فوق كل اعتبار» مبينا ان خطوات النجاح الطويلة تنطلق بخطوة أولى ثابتة، فالحالة الثورية التي تعيش على وقعها تونس اليوم، يجب أن تترجم إلى خطوات عملية ناجحة تنهض بالاقتصاد الوطني، فلا استثمار دون أمن واستقرار، والمطلوب أن تعمل الحكومة على تحقيق هذه المعادلة.