رغم رفض وزارة الداخلية الترخيص للمسيرة التي دعا إليها الحزب الجمهوري وعدد من مكونات المشهد السياسي والمدني، فإن منظميها حاولوا تنظيمها وأصروا على ذلك. انطلقت المسيرة «يوم الغضب، نداء الوطن» كما أطلق عليها ذلك منظموها مع الحادية عشرة والنصف، بعد أن تجمع المحتجون قرب تمثال ابن خلدون وهموا بالمسير نحو شارع الحبيب بورقيبة فاعترضهم حاجز أمني منعهم من ذلك.
ونظمت المسيرة احتجاجا من المعارضة «على التجاوزات التي تقوم بها حركة النهضة ومحاولة تفردها بالحكم وتهاونها مع العنف الذي تمارسه جماعات متشددة» كما ذهب الى ذلك الداعون إلى تنظيمها.
وكانت مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري وعضو المجلس الوطني التأسيسي في الموعد، كما واكبها اياد الدهماني وعصام الشابي وكماحضر المسيرة عدد من النقابيين والسياسيين والشباب الطلابي وناشطين مدنيين.
الشعارات
ورفع المتظاهرون شعارات مختلفة، عبروا خلالها عن احتجاجهم وسخطهم لعدم ترخيص مسيرتهم، موجهين كل اللوم الى وزير الداخلية معتبرين اياه منحازا الى جهة دون أخرى وطالبوه بالاستقالة، كما تحادث عدد من المشاركين مع الضباط الميدانيين مستفسرين عن عدم تركهم يواصلون طريقهم.ورفع المتظاهرون شعارات «واجب حق التعبير واجب حق التظاهر»، و«وزارة الداخلية وزارة ارهابية»، و«استقالة استقالة يا حكومة العمالة».
اصرار
المتظاهرون أصروا كثيرا على اتمام مسيرتهم، وانفلت عدد منهم بينما كانت قوات الأمن تتصدى لتقدم المسيرة الى شارع الحبيب بورقيبة.ورغم أن قوات الأمن تمكنت من تطويق المسيرة وحصرها قرب الحواجز الحامية لحديقة نصب ابن خلدون، فان الانفلاتات التي صارت ومحاولة كسر الحاجز الأمني من قبل عشرات تجمعوا وراء الحاجز ورفعوا شعارات لم تنجح.
استفزازات ونقاشات
على جانبي الجمهور المتظاهر، الذي تجمع في كتلة واحدة، وخلف الحزام الأمني الذي منع المتظاهرين من التقدم، فقد حضرت الاستفزازات الجانبية بين أنصار للحكومة وعدد من الناشطين المحتجين، وبلغت حد التراشق بالتهم والسباب خاصة بين الشباب بل تطورت الى التحام جسدي طفيف بينهم.كما فتحت نقاشات حجاجية، عبر خلالها أنصار الحكومة واخرون يدعمون حق القيام بالمسيرة عن مواقفهم وبرر كل رأيه أمام عشرات المواطنين الذين أرادوا فهم ما يحدث.
تحذير
الضباط الميدانيون تناقشوا كثيرا مع منظمي المسيرة، خاصة اياد الدهماني وعصام الشابي عضوي المجلس الوطني التأسيسي حتى لا يتطور المشهد الى أعمال عنف، كما حذر ضابط من فرق التدخل المتظاهرين الذين تراجعوا متجمعين أمام الحواجز الحامية لتمثال ابن خلدون وأمهلهم خمس دقائق ليتفرقوا، غير أن المشاركين في المسيرة لم ينصاعوا لأمره، بل رفعوا النشيد الوطني وأصروا على متابعة تحركهم نحو شارع الحبيب بورقيبة، فتصدى لهم حزام أمني.
الأمن
الأمن قام بوقف المسيرة، وعمل على عدم مرورها الى شارع الحبيب بورقيبة فتمت محاصرة المتظاهرين في مستوى الطريق الفاصلة بين الحديقة المحيطة بتمثال ابن خلدون وبداية شارع الحبيب بورقيبه عن طريق حزام أمني محكم ، تعزز كثيرا من المرات حسب الوضع وتطور الأحداث بوحدات أمنية كانت مستعدة ومتمركزة بشارع المسيرة.
كما عمل عدد من الضباط الميدانيين على الحديث مع المتظاهرين واقناعهم بأن المسيرة غير قانونية وأنه لا يمكنهم مواصلة المسير والتوغل في شارع الحبيب بورقيبة.وحدثت بعض المناوشات، ولكنها لم تكن خطيرة ولم تتطور الى مستوى استعمال القوة.
الصحافة
خلافا لعدة مرات سابقة تعرض فيها الصحفيون لمشاكل في تغطية مثل هذه الأحداث، أو تعرض عدد منهم للعنف من قبل المشاركين أو من قبل قوات البوليس، فان الصحفيين يبدو تعودوا وتمرسوا بعامل الخبرة على العمل الميداني وتغطية المسيرات، فلم يحدث أن عرقل عملهم، كما كان تعامل الأمن معهم جيدا، بل دعا أحد الأمنيين عن طريق بوق حمله في يده الصحفيين الى التراجع خلف صف الأمن المستعد للتصدي للمتظاهرين مع احتداد المناوشات بين البوليس والمتظاهرين.
الحياة مستمرة
رغم الحشد الكبير لأعوان الأمن، والتشنج الواضح وغضب المشاركين في المسيرة لعدم تمكينهم من رخصة تنظيمها، فان الحياة تواصلت في شارع الحبيب بورقيبة، وكان عدد من أعوان الأمن الوطني حاضرين لتنظيم حركة المرور وتسهيل مرور السيارات، كما أن المواطنين يبدو تعودوا على مثل هذه الأحداث، فقد استمر كثيرون في السير دون اكتراث بما يحصل أمامه، كما كان على بعد أمتار عدد من المواطنين يحتسون القهوة في المقاهي القريبة من مسرح التحرك.