يدخل اليوم قرابة 6214 مترشحا لمناظرة الباك في ولاية القيروان. وفي خضم الاستعدادات الحثيثة لتفادي كل النقائص اللوجستية وتوفير أفضل ظروف الامتحان، ينكب المترشحون على وضع اللمسات الأخيرة في تحضيراتهم على أمل النجاح. لكل مترشح طريقته وتصوره الخاص لكيفية توزيع الوقت واستثماره وقد حاولنا التعرف على بعض هذه الطرق والتعرف على الحيز الذي يتركونه للترفيه إضافة إلى البحث في العناصر التي يعتقدون أنها ستساعدهم على النجاح والتفوق وتحديد مصيرهم ومسار حياتهم المستقبلية.
يحي الفتايتي، أيمن الفرجاوي ومحمد الجبالي مجموعة من تلاميذ السنة الرابعة رياضيات بالمعهد الثانوي ابن رشيق التقيناهم خلال فترة راحة وجيزة يقضونها معا لأكل بعض المثلجات قبل الانطلاق لحصة الدرس. يتوزع وقتهم بين المراجعة في المنزل والخروج لحصص الدروس الخصوصية وقلما يجدون وقتا للترفيه عبر مشاهدة التلفاز أو الإبحار عبر الانترنيت. ويضطرون الى تعاطي المقويات والفيتامينات إضافة الى شرب المنبهات ولكنهم على يقين بعدم تأثيرها في مسار تحضيراتهم الأخيرة. وبخصوص الضغوطات العائلية اتفقوا على أن عائلاتهم تتفهم اختياراتهم وتساندهم في هذه اللحظات الحاسمة كما أنهم مقتنعون بأن الشيء الوحيد الذي قد يحدث الفارق ويجعلهم ينجحون بتفوق هو الاعتماد على الله والثقة في ما اكتسبوه طيلة مسارهم الدراسي من خبرات ومعرفة وتوجهوا بنصيحة لزملائهم بالتقليل من السهر والتعويض عن الوقت بالاستيقاظ باكرا.
لينة الحليوي، تلميذة بالسنة الرابعة رياضيات بالمعهد النموذجي بالقيروان, تقضي معظم أوقاتها منعزلة في غرفتها تراجع المواد الأساسية ولا تغادرها سوى للذهاب لحصص الدروس الخصوصية والتى زادت وتيرتها, أما الترفيه فيقتصر على وقت الأكل ومشاهدة خاطفة للتلفاز وهي تعتقد أن التحضير الجاد وتراكمات السنوات الدراسية السابقة هو ما سيساعدها على النجاح بتفوق ولكن الأهم من كل ذلك هو التوكل على الله والثقة به.
ثقة ودعم الأسرة
الأخصائي الاجتماعي بالقيروان فتحي غرسلي أبرز دور الأسرة في تخفيف الضغط النفساني على أبنائها خلال فترة الامتحانات. وقدم بعض النصائح لتجنب الانهيار العصبي أو الإرهاق الشديد إضافة إلى تفسير بعض الظواهر الثانوية المرافقة لفترة المراجعة كالإدمان على المنشطات والمنبهات أو التدخين أو زيارة الأولياء والصالحين للتبرك بهم ومساعدتهم في النجاح.
وقد أشار إلى تركيز العائلة التونسية على تعليم أبنائها. فهي تستثمر معظم ميزانيتها في هذا الباب لثقتها بأنه السبيل الأمثل للنجاح في الحياة ومن هنا تقوم بعض العائلات بزيادة الضغط على أبنائها لحثهم على النجاح ولكن لابد من تخفيف هذا الضغط خلال فترة الامتحانات وتجنب لهجة الوعيد والتهديد وتحميل الأبناء أكثر من طاقتهم لأن هذه الضغوط الأسرية ستؤدي في النهاية إلى تشتيت ذهن المترشح وافقاده الثقة في نفسه وهذا سيؤثر سلبا على إمكانياته ويدخله في دوامة من الاضطرابات النفسية. وبين الأخصائي أن الخطأ الجسيم الذي ترتكبه بعض العائلات يتمثل في مصادرة حق أبنائهم في الاختيار وفرض مسار دراسي قد لا يتلاءم مع قدراتهم مما قد يدفع التلميذ إلى بذل جهود مضاعفة ترهقه بدنيا وذهنيا أو تدفعه في بعض الأحيان لمحاولة الغش لمجرد الاستجابة لرغبة أوليائهم الجامحة في الالتحاق بإحدى الجامعات.
تبرك وإرضاء
ونصح المترشحين بتجنب السهر والابتعاد عن المنبهات والمنشطات وحسن توزيع الوقت وتخصيص حيز للترفيه لتجنب الإرهاق والضغوطات العصبية والنفسية. وطالب الأسر بتوفير مرافقة نفسية ودعم لأبنائهم وتحسيسهم بأن هذا الامتحان هو مجرد محطة من المحطات لا يجب تحميلها أكثر من حجمها. واعتبر السيد فتحي غرسلي أن امتحان البكالوريا له مكانة خاصة لدى العائلة التونسية وله «هالة» جعلت الجميع يبحث عن النجاح بكل السبل والطرق، إذ لا يتوانى البعض عن شرب الأدوية والمنبهات والتقليل من ساعات النوم رغم علمهم بمدى خطورة مثل هذه الأعمال وقد يلجأ البعض الآخر إلى التبرك بالأولياء الصالحين وزيارة الشيوخ والقراء وهي أعمال من الموروث الشعبي السيئ وباب من أبواب الشعوذة قد ينساق وراءها التلميذ رغم قناعته بعدم الجدوى منها لمجرد إرضاء الأهل والأحباب.