بات واضحا وجليا ان بعض رجال الأمن لم يعدلوا ساعاتهم على ايقاع الثورة وما أفرزته من حرية في ممارسة العمل الصحفي بعيدا عن كل قمع وتضييق. وبعد مسلسل الانتهاكات في حق الاعلام والاعلاميين التي أسالت الكثير من الحبر وخلنا ان دروسها وعبرها أصبحت ماثلة للعيان يصر بعض رجال الأمن على التشبث بسلوكات الماضي بما فيها من تعدّ على الصحفيين ومن تضييق عليهم أثناء أدائهم لواجبهم لتغطية ما يجدّ من أحداث.
يوم أمس كان الزميل سفيان حمداوي المصور الصحفي لجريدة «الشروق» ضحية جديدة لانفلات البعض من رجال الأمن الذين لم يجدوا غير العنف الشديد وسيلة للتعاطي مع مصور صحفي ذنبه أنه تواجد في منطقة الأحداث وحاول أداء واجبه بتصوير التجاذبات التي حصلت.
فقد شهد شارع شارل ديغول صباح أمس حالة من الصخب والفوضى تبعت عملية أمنية استهدفت الانتصاب الفوضوي حيث نظم الباعة المتجولون وقفة احتجاجية على خلفية منعهم من الانتصاب في الشارع المذكور. إلى حدّ الآن كان الأمر مفهوما لأن رجال الشرطة كانوا يقومون بعملهم تنفيذا لقرار صادر لهم من الجهات المختصة.. لكن ما ليس مفهوما هو تلك الهجمة الشرسة والموغلة في الحقد والهمجية التي استهدفت زملينا المصور الصحفي سفيان الحمداوي الذي أشبعه بعض الأعوان لكما ولطما وضربا بالهراوات ورفسا بالأحذية مما خلف له أضرارا بدنية واضحة وكدمات كثيرة في رأسه ووجهه وأماكن مختلفة من بدنه وهو ما استوجب عرضه على طبيب في أحد مستشفيات العاصمة أكثر من هذا فقد عمد الأعوان المعتدون وكانوا حوالي ثمانية أشخاص إلى تهشيم آلة التصوير بالكامل وثمنها يقارب الثلاثة آلاف دينار.
إلى حدّ الآن لم يفهم زميلنا سفيان سرّ كل ذلك الغلّ والحقد وهو الذي آثر الاحتماء برجال الأمن من أي مكروه فإذا به يتعرض لاعتداء بذلك الشكل ليتولى في ما بعد النقابة إسعافه ورشه بالماء ليستعيد قواه.. وهو يريد أن يسأل جلاّديه والقائمين عليهم: لماذا يريد رجال الأمن أن يعملوا وفي نفس الوقت يمنعون الأخرين من العمل؟ وهل أن الصحفي والمصور الصحفي أصبحا مزعجين إلى حدّ يستوجب الاعتداء البدني وتهشيم آلات التصوير؟ وماذا وراء التعتيم الذي يريد البعض فرضه من خلال الحرص على إقصاء الصحافة الوطنية ومنعها من أداء واجبها في تغطية الأحداث وإنارة الرأي العام الوطني؟
أسئلة تنتظر إجابات من مسؤولي وزارة الداخلية رغم محاولات «دار الأنوار» الاتصال بهم لابلاغهم ما حصل لكن دون جدوى. يبقى السؤال مطروح في انتظار أن يقول القضاء كلمته.