اعتبر الزعيم اللبناني البارز نجاح واكيم في حديث خص به «الشروق» أن الولاياتالمتحدة لا تريد فقط اسقاط النظام السوري بل أيضا اسقاط سوريا من أجل استكمال خارطة الشرق الأوسط الجديد... وقال نجاح واكيم، رئيس حركة الشعب اللبنانية والوزير السابق ان امكانية ايجاد حلول سياسية للأزمة السورية ممكنة شريطة أن يغلب الفرقاء السوريون لغة الحوار وأن يتوحدوا ضد التدخلات الاجنبية...
كيف تحلل أبعاد ومخاطر الأزمة السورية... ثم الى أين تسير هذه الأزمة بعد نحو عام ونصف على انفجارها؟
لاشك في أن هناك عوامل كثيرة ساعدت على انفجار والأوضاع على النحو الذي نشهده في سوريا... ولكن العامل الأساسي الذي لا يلقى عليه الضوء بشكل كاف هو المؤامرة الخارجية على سوريا والتي تقف وراءها بالدرجة الأولى الولاياتالمتحدة وغايتها ليس اسقاط النظام بل اسقاط سوريا من أجل استكمال خارطة الشرق الأوسط الجديد، بحسب المشروع الأمريكي والذي يقوم على ركيزتين هما اسرائيل وتركيا... ويجب، بحسب الأمريكيين أن يوضع هذا النظام تحت غطاء الشرعية الاسلامية.. لذلك فإن اسقاط سوريا الهدف منه أساسا هو اعادة رسم جغرافيا جديدة بما يجعل من اقامة هذا النظام الشرق أوسطي، ممتدا من جمهوريات آسيا الوسطى الى المحيط الأطلسي... هذا برأيي هو الجانب الأساسي في الأزمة السورية... لكن بالمقابل هناك قوى دولية واقليمية تدرك خطورة هذا المشروع عليها هي... وأقصد هنا خصوصا روسيا والصين...
لكن هذه القوى التي تشير اليها هنا... كيف تحكم على مقاربتها وتصورها للأزمة في سوريا... والى أي مدى برأيك تبدو قادرة على توفير مخارج للأزمة؟
برأيي ان المطلوب الآن أكثر من أن يكون مسألة ديمقراطية على أهميتها أو الوقوف مع النظام في سوريا أو ضده... هذا اذن ليس مهما... المسألة الآن كيف يمكن ان ننقذ سوريا لأنه اذا سقطت سوريا لا سمح الله فسوف يسقط معها العراق ولبنان في عملية اعادة رسم جغرافيا جديدة بالدم... وبالتالي فإن كل هذه المنطقة تبدو اليوم مرشحة لحروب أهلية خطيرة جدا هي التي تمكن الولاياتالمتحدة من تنفيذ هذا المشروع... ومن أخطر جوانبه أن اسرائيل هي نواة هذا المشروع... وهذا ما يجب أن يتنبه اليه اليوم الوطنيون في سوريا، سواء في السلطة أو المعارضة... أنا طبعا مع الرأي القائل أن أداء السلطة في سوريا لم يرتق بعد الى سقف التطلعات ولكن أيضا أداء المعارضة غير مرض بل ان بعضها يعمل في خدمة الخارج كما أن المعارضة الوطنية هي الاخرى دون مستوى الأزمة وقاصرة عن المبادرة الى حلول تنقذ هذا الوطن...
في هذه الحالة، الى أي مدى استطاعت الشعوب العربية برأيك، النأي عن التدخلات الخارجية في ما أطلق عليه «الربيع العربي»؟
أولا ليس صحيحا ان هذا الحراك الذي تشهده البلاد العربية هو مؤامرة أمريكية... لأن هذا الحراك أكبر بكثير من أن يكون مؤامرة أمريكية... ولا أعتقد أن هذا الحراك هو أمر مفاجئ أو غير طبيعي... لأن غير الطبيعي هو بقاء هذه الأنظمة المتخلفة والفاسدة...كان لابد من حصول انفجار ولكن للأسف القوى الوطنية لم تكن مهيأة لقيادة هذا الانفجار... ولم تكن مهيأة حتى لمواكبة هذا الحراك... في هذه اللحظة الخطيرة، الجهات التي كانت مهيأة لتوجيه هذا الحدث في غير الاتجاه السليم هي في الخارج وتحديدا في الولاياتالمتحدة.
كيف تنظر الى الأوضاع في لبنان في ضوء ما يجري في سوريا... وما هي برأيك تداعيات الأزمة السورية على بلدكم؟
في الحقيقة دعني أصارحك بأنني لست متفائلا بما يجري في لبنان... لأن لبنان اليوم لا يقع فقط على حدود سوريا كما يقول البعض بل في قلب سوريا... وبالتالي أرى أن أحداث المواجهات الأخيرة التي عاشها لبنان تبعث بمؤشرات واضحة حول ما يتربص بلبنان... صحيح أن فرص ايجاد تسوية للأزمة السورية ومنع الحريق من الانتقال الى لبنان لا تزال قائمة لكنها ليست قريبة... لأن القوى الدولية وعلى رأسها الولاياتالمتحدة لا تريد انهاء هذه الأزمة التي ترى فيها حلقة أساسية لتحقيق مشروعها ورؤيتها بتفتيت المنطقة واعادة رسم جغرافيتها... وتفتيت المنطقة الذي يصب في مشروع الشرق الأوسط الجديد يمر حتما في التصور الأمريكي عبر نشر الفوضى في سوريا والعمل على تفتيتها... واحدى وسائل وأدوات تفتيت سوريا هي تفجير لبنان وذلك في خطوة تهدف في النهاية الى تفتيت الوطن العربي وانتزاع عروبته باحلال هويات قبائلية وعشائرية واقليمية...
قلت في معرض حديثك هذا ان فرص ايجاد تسوية للأزمة السورية لا تزال قائمة... كيف؟
الوضع صعب، هذا صحيح، لكن سوريا قادرة على الخروج من أزمتها هذه... وهذا ممكن برأيي اذا ما تنادت القوى الوطنية سواء داخل النظام أو في المعارضة من أجل حوار حقيقي وعميق وجدي تحت راية الوطن... حوار توضع فيه كل المسائل والمشاكل على الطاولة السورية ولكن أيضا تحت بند أساسي يرفض التدخلات الخارجية أيا كانت...