جدل ونقاش فكري وفلسفي عميق جرى مؤخرا بين الدكتورين أبو يعرب المرزوقي وعبد المجيد الشرفي دار حول قضايا على صلة بنوعية وطبيعة الثورة التونسية ومطالبها واستحقاقاتها المستقبلية. قال أبو يعرب المرزوقي الوزير المستشار المكلف بالتربية والثقافة ان الثورة في تونس حصلت على الحاكم وعلى المعارضة بما فيها المعارضة الإسلامية لان هذه المعارضات فشلت في دورها واضاف ان الشعارين الاساسيين في الثورة التونسية وهما «الحرية والكرامة» ليسا علمانيين بل دينيان.
وأضاف ابو يعرب المرزوقي اثناء المناظرة التي جمعته بالدكتور عبد المجيد الشرفي و التي نظمتها جمعية تونس للثقافة والحوار ان مفهوم «المواطنة» متخلف لانه ينبني على العلاقة الترابية فقط واعتبر ان الثورة التونسية تريد مواطنة جديدة واذا لم تبن مواطنة متجاوزة للحدود فانها ستفشل .كما اضاف ان الشعوب لا يمكن ان تبني نفسها كحقائق الا اذا أخضعت واقعها للأحلام.
وكان كلام المرزوقي هذا ردا على ما قاله عبد المجيد الشرفي من ان الثورة التونسية قامت على شعارات علمانية مؤكدا الشعب التونسي لا يرغب في الخلافة التي اعتبرها نظاما يكرس طاعة الضعيف للقوي مشيرا الى ان البيعة كانت ذات صلة متينة بالنظام القبلي ما قبل الإسلام ولم تكرس الصبغة العقلية مثلما قال ابو يعرب المرزوقي.
واضاف عبد المجيد الشرفي ان «الماوردي» في كتاباته يقول بان «للاشراف عدالة خاصة بهم» في حين ان المجتمع التونسي يؤمن بالعدالة بين الجميع موضحا انه لا يجب ان نبني اليوم سياستنا على الأسس القديمة .
اما عن مقاربة الدولة القومية او الدولة القطرية قال عبد المجيد الشرفي انه لا يؤمن بنظام سياسي يوحد المسلمين بل يؤمن بالانتماء الى قيم وليس حكما سياسيا منتقدا الحنين الى عهد الامبراطوريات التي اعتبرها تمثل خطرا كبيرا .في حين قال ابو يعرب المرزوقي ان عديد الحكام والتيارات يريدون الحفاظ على مفهوم الدولة القطرية والحدود التي افرزها تقسيم «سايكس بيكو» مشيرا الى ان الاوروبيين يتعاونون في مجالات عديدة كالتصنيع و البحث العلمي علما منهم بان كل دولة لا تستطيع مواجهة بعض التحديات بمفردها مذكرا بتجربة صناعة الطائرة «ارباص» التي تعاونت فيها عديد الدول الأوروبية .
وعن موضوع المرأة قال ابو يعرب المرزوقي ان تحريرها ألغى عديد الأشياء الأخرى معتبرا ان تحريرها كان في الحرب العالمية الأولى حيث قُتل العديد من الشبان فاحتاج التصنيع الى بعض النساء ثم في الحرب العالمية الثانية حيث قتل الكثير من الشبان واحتاجت الصناعة الى كل النساء معتبرا ان تحرير المرأة «إضافة عبيد آخرين للتصنيع».
اما عبد المجيد الشرفي فقال انه لا يوافق على ان الحداثة استعبدت المرأة مذكّرا بان النساء اللاتي دافعن عن حقوق المرأة كان ذلك قبل الحرب العالمية الأولى معتبرا ان الحداثة نمط حضاري فيه عيوب ومزايا ولذلك لا يجب علينا رفضه كله بل محاولة إصلاحه من الداخل.