توفي الفيلسوف والكاتب الفرنسي روجيه غارودي صاحب كتاب «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية» الذي اعتنق الإسلام بعد أن كان شيوعياً، في منزله بإحدى ضواحي العاصمة الفرنسية عن عمر 98 سنة.. ولد غارودي في 17جويلية 1913 في مرسيليا وحصل على درجة الدكتوراه الأولى سنة 1953 من جامعة السوربون عن النظرية المادية في المعرفة، ثم حصل على درجة الدكتوراه الثانية عن الحرية عام 1954 من موسكو..وفي 1998، ادين غارودي بتهمة التشكيك في ارتكاب جرائم ضد الانسانية، بعدما اثار جدلا حادا في كتابه «الاساطير المؤسسة للسياسة الاسرائيلية.».
ورحب في كتابه المذكور بالنظام الاسلامي الايراني والزعيم الليبي الراحل معمر القذافي والامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله والسلطات السعودية. ويتحدث غارودي العربية بطلاقة وزار الكثير من الدول العربية من بينها العراق والسعودية في الثمانينات.
وفي نبذة اصدرتها امس بعنوان «رحيل روجيه غارودي، من ستالين الى محمد»و اشادت صحيفة لومانيتيه الشيوعية بغارودي الذي «اضطلع، في نظر عدد كبير من المفكرين الشيوعيين في الحقبة الستالينية، بدور الفيلسوف الرسمي الذي لا يمكن تصوره اليوم للحزب الشيوعي الفرنسي.»
وفي 1933 انضم غارودي المجاز في الفلسفة والدكتور في الاداب، الى الحزب الشيوعي. وفي 1940 سجن ثلاثين شهرا في معسكر بالجزائر. وفي 1945، انضم الى اللجنة المركزية للحزب وفي 1956 الى المكتب السياسي..
وانتخب غارودي نائبا في 1954 وخسر في 1951، واعيد انتخابه في الجمعية الوطنية (1956-1958) ثم في مجلس الشيوخ . وبعدما تولى تدريس الفلسفة في ألبي (جنوب) والجزائر العاصمة وباريس (1958-1959) اصبح روجيه غارودي محاضرا ثم استاذا اصيلا في الجامعة. ويرى المفكر الراحل في كتابه «الإسلام دين المستقبل» أن اختياره الدين الإسلامي يأتي لما أظهره من «شمولية كبرى، عن استيعابه لكافة الشعوب ذات الديانات المختلفة، وكان لقبوله لاتباع هذه الديانات في داره منفتحا على ثقافاتهم وحضاراتهم، وأعتقد أن هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قويا ومنيعا».
اعتنق صاحب «محاكمة الصهيونية الإسرائيلية» الفكر الشيوعي مبكرا، لكنه طرد من الحزب الشيوعي الفرنسي سنة 1970، لانتقاداته الدائمة للاتحاد السوفياتي. وكان عضوا في الحوار المسيحي الشيوعي في الستينيات، وسعى إلى جمع الكاثولكية مع الشيوعية في حقبة السبعينيات من القرن الماضي، قبل أن يتجه للدين الإسلامي، الذي وجد أنه ينسجم مع قيم العدالة الاجتماعية التي يؤمن بها بفعل خلفيته الشيوعية، واعتناقه الدين الإسلامي ظل غارودي على عدائه للإمبريالية والرأسمالية وخاصة الولاياتالمتحدة في تلك الحقبة، كما كان مناهضا للصهيونية، وأصدر بعد مجازر صبرا وشاتيلا في لبنان سنة 1982 بيانا مطولا في صحيفة لوموند الفرنسية مع عدد من المفكرين الفرنسيين بعنوان «عن العدوان الإسرائيلي بعد مجازر لبنان» وقد عد هذا البيان بداية الصدام بين غارودي والحركة الصهيونية.
نشر غارودي كتابا بعنوان «الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية»، أدى إلى الحكم عليه سنة 1988 من قبل محكمة فرنسية بتهمة التشكيك في محرقة اليهود، ولا سيما أنه فند في كتابه صحة الأعداد الشائعة عن إبادة اليهود في غرف الغاز على أيدي النازيين.
كما أصدر الراحل عددا كبيرا من المؤلفات، التي ظل فيها مدافعا عن الإسلام ومناهضا للرأسمالية والإمبريالية، ومعاديا لإسرائيل والحركة الصهيونية من أبرزها: «لماذا أسلمت.. نصف قرن من البحث عن الحقيقة» و»الأصوليات المعاصرة أسبابها ومظاهرها» و«محاكمة الصهيونية الإسرائيلية» و»حفارو القبور.. الحضارة التي تحفر للإنسانية قبرها» و«الولاياتالمتحدة طليعة الانحطاط» و«وحوار الحضارات» و«كيف نصنع المستقبل».
نال جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1985 عن خدمة الإسلام وذلك عن كتابيه «ما يعد به الإسلام» و«الإسلام يسكن مستقبلنا»، وكذلك لدفاعه عن القضية الفلسطينية.