"الماء البارد ما يرويش" مثل تونسي قديم، ردّده الأجداد وكأنهم يخفون وراءه تجربة متراكمة من الملاحظة والفطنة. قد يبدو غريبًا في ظاهره، فكيف لا يُروى العطش بماء بارد في حرّ الصيف؟ لكن خلف هذا القول الشعبي حقيقة علمية مثيرة للاهتمام: في بعض الحالات، الماء البارد لا يلبّي حاجة الجسم الحقيقية للترطيب. لماذا أحيانًا الماء البارد لا يروي فعلاً؟ 1-الدماغ يتوهّم الشبع المائي عند شرب الماء البارد، يحصل ما يلي: يُرسل الفم والحلق إشارات إلى الدماغ بأن الجسم ارتوى بسرعة، لأن البرودة تخدّر المستقبلات الحسية مؤقتًا. النتيجة؟ تتوقف عن الشرب قبل أن يحصل الجسم فعليًا على الكمية الكافية من الماء. 2-الماء البارد لا يُمتص بسرعة يحتاج الجسم إلى رفع حرارة الماء البارد قليلاً قبل امتصاصه، مقارنة بالماء الفاتر أو القريب من حرارة الجسمحوالي 37°C هذا يُبطئ عملية الترطيب الداخلية، خاصة بعد جهد أو تعرّق. 3-يؤثر على الهضم شرب الماء شديد البرودة، خاصة أثناء الأكل أو بعده مباشرة، يمكن أن يبطّئ عملية الهضم ويُسبّب نوعًا من الانقباض في المعدة. هذا يُعطي شعورًا بعدم الراحة، وليس بالارتواء. متى يكون الماء الفاتر أفضل؟ بعد التعرّق أو الرياضة عند الصيام في حالات الجفاف أو الحرارة الشديدة لدى الأشخاص الذين يعانون مشاكل في المعدة أو الحلق
الماء البارد قد يُنعشك، لكنّه لا يُرويك دائمًا بفعالية، خاصة إذا شربته بسرعة أو بعد جهد كبير. لذلك، في بعض الحالات، يكون الماء الفاتر أو معتدل الحرارة هو الخيار الأفضل لترطيب الجسم فعليًا.