الفاتيكان يُنَصّبُ البابا ليو الرابع عشر بحضور قادة العالم    شجرة نخيل تهوي على ضيف بمهرجان كان السينمائي نقل إثرها إلى المستشفى    الدبيبة.. الككلي كان يسيطر على 6 مصارف ومن يُخَالِفُهُ يدخله السجن او المقبرة    العدوان الهمجي وتدمير المستشفيات مستمر.. أكثر من 120 شهيدا في غزّة منذ فجر اليوم    السخيري هدّاف مع آينتراخت فرانكفورت ويضمن المشاركة في رابطة الأبطال    تعرض حافلة الجمعية النسائية ببوحجلة لحادث مرور خطير وتسجيل إصابات    غدا: غدا: إنطلاق رزنامة اختبارات الثلاثي الثالث للمرحلة الابتدائية    اليوم: الحرارة تصل الى 35 درجة    اليوم: إنطلاق أولى رحلات الحجيج من تونس    فضيحة "الشهائد المزورة" تهز المغرب.. شبكة فساد تطال حتى القضاء!    المعهد الفلكي المصري يكشف موعد عيد الأضحى    علي معلول يغادر الملعب غاضبا بعد هدف فوز الأهلي المصري على البنك الأهلي    الفرجاني يؤكد استعداد تونس للعمل مع منظمة الصحة العالمية في مجال تصنيع اللقاحات    وزير التجهيز من نابل ..تقدّم أشغال مشروع طريق قربص بأكثر من 80 %    في انتظار فكّ اللغز .. رفض الإفراج عن فتحي دمق    تونس تدعو لتعزيز التعاون العربي في قمة بغداد التنموية الاقتصادية الاجتماعية    القبض على تاجر مخدّرات محلّ 10 مناشير تفتيش..    يوم دراسي للترويج للسياحة بالقصرين    قريش بلغيث رئيس مجلس إدارة شركة التجميع بالقيروان ل «الشّروق» الأولوية لتخزين القمح    بعد طغيان المادة على كل المبادئ .. الربح السريع يسقط القيم    المهدية...حجز 500 قطعة حلوى مُسرطنة    الوقاية من الأمراض المعدية: خطوات هامة لحماية صحتك    بوعرادة تحت شعار تراثنا وهويتنا: ايام تثقيفية و ندوات فكرية    مجموعات غنائيّة هاوية بصفاقس ابدعت في آدائها ….الازهر التونسي    تحسّن الوضع المائي في تونس: سدود تقترب من مليار متر مكعّب بعد الأمطار الأخيرة    أسباب فقدان الوزن المفاجئ    صفاقس : الصالون المتوسطي للبناء "ميديبات 18" …دورة واعدة لأكبر معارض البناء في تونس    الرابطة 2 .. نتائج مواجهات الجولة 25 للمجموعة الأولى والترتيب    طقس الليلة    القصرين: وزير السياحة يعلن حيدرة بلدية سياحية    مدير تعداد السكان: نحو التشجيع على الإنجاب ومراجعة سياسات السبعينات.. #خبر_عاجل    عاجل/ العدوان على غزّة: مفاوضات جديدة في قطر دون شروط مسبقة أو مقترحات    عاجل/ قمة بغداد: عبّاس يدعو المقاومة الى تسليم سلاحها    قربص.. البحر يلفظ جثة امرأة مجهولة الهوية    النفيضة: سيدي سعيدان تحتفل بثروتها الخزفية    حادث مرور قاتل في القيروان.. #خبر_عاجل    تعداد السكّان: أبرز الأرقام.. #خبر_عاجل    تونس: شلل في حركة الميترو رقم 1 و 6    رسمي: تونس تتّجه نحو التهرّم السكاني    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    عاجل/ تعداد سكّان تونس: الإناث يتجاوزن الذكور بهذه النسبة..    دراسة: المشي يخفض خطر الإصابة ب 13 نوعا من السرطان    وفد صيني يزور القيروان    برنامج مقابلات ربع نهائي كأس تونس لكرة القدم    القمة العربية في بغداد: حضور مكثف ووزير الخارجية التونسي ينوب قيس سعيد    تونس: مشروع قانون جديد لتنظيم التسويق الإلكتروني في تونس    "موديز" تخفّض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يرُد بحدّة.. #خبر_عاجل    تونس تعرب عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة    الرابطة 2 (الجولة 25): شبيبة القيروان تواصل الصدارة في المجموعة الثانية، وصراع مشتعل على البقاء    نهائي كأس تونس لكرة القدم يوم 1 جوان في ملعب رادس    أي مستقبل للمؤثّرين؟    صفاقس عرض "وشام" في افتتاح تظاهرة "جذور وأجنحة"    قرارات الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة    الملتقى العربي للنص المعاصر من 23 إلى 25 ماي 2025    موعد وقفة عرفات 2025...فضل الدعاء والأعمال المستحبة في هذا اليوم    زغوان: انطلاق أشغال ترميم قوس النصر الجنوبي    دعاء يوم الجمعة للأبناء وزيادة الرزق    برشلونة يحسم لقب البطولة الإسبانية للمرة 28 في تاريخه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الهمس الصاخب : حكمة توالي الليل والنهار وأسماء ساعاتهما
نشر في الشروق يوم 17 - 06 - 2012

لو كانت الشمس ثابتة في قبة السماء طول الزمن، ولو لم تكن تشرق صباح كل يوم وتغرب في نهايته كما نراها بأعيننا، لما استطاع الناس أن يحددوا أي وقت سابقا كان أو لاحقا، ولما استطاعوا أن يضربوا موعدا قريبا أو بعيدا، ولما أمكن لهم أن يعرفوا كم مضى على حادث من الأحداث قديما أو جديدا، ولا كم غاب المسافر عن أهله في ديار الغربة، ولا كم عاش كل إنسان فوق الكرة الأرضية، وهكذا ندرك أن تعاقب الليل والنهار قد كان لحكمة إلهية انتفع منها الإنسان خاصة أيما انتفاع، فقد أعلمنا علام الغيوب، بسر ذلك في الآيتين الكريمتين التاليتين من سورة يونس: (هُوَ الَّذي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً والقمرَ نورًا وقَدََرَهُ منازلَ لتعلموا عدد السنينَ والحسابَ ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصِّل الآيات لقوم يعلمون(5) إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السموات والأرض لآياتٍ لِقومٍ يَتَّقون(6).

وبالإضافة إلى ذلك فقد بيّن الله تعالى فضْله على المخلوقات في تناوب الليل والنهار على الكرة الأرضية إلى جانب ما ذكر في الآية السابقة، وذلك ليسكن الناس في الليل ولينالوا نصيبا من الراحة بالتناوب بين جميع المخلوقات في كل مكان، لأن الليل لا يعمُّ كل المخلوقات كما لا يعمهم النهار في وقت واحد، ففي كل لحظة تشرق الشمس على جزء من الأرض وتغرب على جزء آخر منها فينام هذا ويستيقظ ذاك، وهكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وقد بين الله تعالى ذلك في سورة القصص حيث قال: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمْ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَه غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ(71) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَ فَلا تُبْصِرُونَ(72) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(73)}.

أما تقسيم السنة إلى اثني عشر شهرا، وهو ما اتفقت عليه جميع الأمم على الكرة الأرضية، فقد أشار إليه الله عز وجل قبل ذلك في سورة براءة حيث قال: {إِنَّ عِدَّة َالشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَة حُرُم ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّة ًكَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّة ًوَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ(36)}.

أما تقسيم الليل والنهار إلى أربع وعشرين ساعة كما نراه في ساعاتنا التي نحملها في أيدينا أو في جيوبنا أو في هواتفنا الجوالة انطلاقا من الساعة الصفر عند منتصف الليل، ثم الساعة الواحدة إلى الساعة الثانية عشرة نهارا عند منتصف النهار، ثم ينطلق النصف الثاني من النهار إلى منتصف الليل، وهكذا نرى أن مجموع ساعات النهار والليل 24 ساعة، فقد اتفق العلماء والفلكيون على تقسيم اليوم بنهاره وليله هذا التقسيم المحكم الذي ضبطوه بالساعة المعروفة في العصر الحديث.

ويعتقد كثير من المعاصرين أن هذا التقسيم من مستحدثات العصور الحديثة وهذا غير صحيح فقد قسم العرب القدماء ساعات النهار والليل إلى أربع وعشرين قِسْما وسمَّوا كل قسم باسم خاص. ونستدل على ذلك بما جاء في كتاب (فقه اللغة وسر العربية) لأبي منصور الثعالبي المولود سنة 350 ه 962 م والمتوفَّى سنة 429 ه 1038م أي منذ ما يجاوز ألف سنة هجرية، وما يناهز ألف سنة ميلادية.
فقد قال الثعالبي في (فصل في تعديد ساعات النهار والليل على أربع وعشرين لفظة)
عن حمزة بن الحسن وعليه عُهدتها:

(ساعات النهار: 1)الشروق. 2) ثم البُكور. 3) ثم الغُدْوة. 4) ثم الضحى.5) ثم الهاجرة.
6) ثم الظهيرة. 7) ثم الرواح.8) ثم العصر. 9) ثم القْصْر. 10) ثم الأصيل. 11) ثم العَشِيُّ. 12) ثم الغروب.
وساعات الليل: 1) الشفق. 2) ثم الغسق. 3) ثم العَتَمَة. 4) ثم السُّدْفَة. 5) ثم الفحمة. 6) ثم الزُّلََّة. 7) ثم الزُّلفَة. 8) ثم البُهْرة. 9) ثم السَّحَر. 10) ثم الفجر. 11) ثم الصبح. 12) ثم الصباح.

(وباقي أسماء الأوقات تجيء بتكرار الألفاظ التي معانيها متفقة) أي أن بعض تلك الأوقات لها أكثر من اسم، وليس معناها أن العرب قسموا تلك الأوقات إلى أكثر من أربعة وعشرين ساعة).

انظر كتاب (فقه اللغة لأبي منصور الثعالبي) ص 336/337 طبع دار الحكمة دمشق / بيروت للطباعة والنشر 1989 تحقيق سليمان سليم البواب، والنسخة التي لديَّ هدية من محققه في 5/5/1992 بمعرض الكتاب بالكرم.

وهكذا نرى أن العرب القدماء قسموا النهار إلى اثنتي عشرة ساعة، والليل مثله وجملة ساعاتهما 24 ساعة كما هو معروف في ساعاتنا العصرية بمختلف أنواعها وأشكالها.

ومما يؤكد أن العرب اخترعوا الساعة ذلك الخبر المتداول بين العرب والغرب الذي يقول إن الخليفة العباسي هارون الرشيد أهدى من بغداد ساعة كبيرة إلى شارلماني ملك فرنسا، وقد ذكر المؤرخون أنها أفزعت ذلك الملك وجعلته يتعجب من فعلها السحري عندما سمع ناقوسها يرن في بداية كل ساعة، والشيء الذي لا يترك مجالا للشك في سبق العرب والمسملين إلى اختراع الساعة تلك الساعة الموجودة في أعلى مئذنة مدينة (تستور) الأندلسية التي نرى فيها الأرقام الدالة على الساعات تبدأ من اليمين إلى اليسار على عادة العرب في كتابتهم من اليمين إلى اليسار، وهذا يدل على أن مصمميها اتبعوا الطريقة العربية في الكتابة، خلافا لجميع الساعات المعاصرة التي تبدأ أرقامها من اليسار إلى اليمين، ونحن نعرف أن الساعات قد مرت بمراحل كثيرة من الساعة الرملية إلى الساعة الإلكترونية.

ونختم هذا الحديث بالإشارة إلى الطريقة التي اخترعها ابن الشباط في توزيع المياه على مالكي النخيل في واحة توزر بالجريد في الجنوب التونسي، فقد اهتدى إلى طريقة لحساب الزمن باتخاذ قُلة أو جرة صغيرة ملإها ماء وجعل في أسفلها ثقبا وعلقها في جذع نخلة وظل الماء يخرج من ذلك الثقب، ثم وجه المياه في السواقي إلى نخيل كل مالكٍ - حسب الكمية التي يملكها من النخيل، وعند فراغها يُحول الماء إلى السواقي التي توصل الماء إلى نخيل غيره، وهكذا ينال كل واحد منهم نصيبه من الماء، فينال البعض مقدار ما تفرغ قلة وينال الآخر مقدار ما تفرغ قلتان وهكذا كل على حسب ما يملك من النخيل. وبهذه الطريقة تمكن هذا المهندس المائي القديم من توزيع ماء الريِّ على جميع أصحاب النخيل توزيعا عادلا بواسطة هذه الساعة المائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.