لولا دا سيلفا: لسنا بحاجة للتجارة مع الولايات المتحدة    إدارة ترامب تبدأ حملة تطهير في وزارة الخارجية بتسريح ما يقرب من 10% من موظفيها    ترامب يضغط على الرؤساء الأفارقة لقبول المهاجرين غير النظاميين المرحّلين من الولايات المتحدة    تونس – القلعة الكبرى: العثور على فتاة ميتة في منزلها بحبل ملتف حول رقبتها    الحكومات العربية باتت مهتمة بالاستخدمات السلمية للتكنولوجيات النووية    بوعسكر: قبول عريضة سحب وكالة من عضو مجلس محلي وتحديد يوم 28 سبتمبر المقبل موعدا للتصويت عليها    سفارة إيطاليا في تونس تحذر من وسطاء حجز مواعيد للتصريح بالقيمة وتدعو الطلبة إلى التثبت    مع خطية ب 5 مليارات .. 4 سنوات سجنا لرجل الأعمال الأزهر سطا    عاصفة رملية بولايتي توزر وقبلي: سقوط أشجار وتضرّر نخيل    مع الشروق :أين منظماتنا العربية والإسلامية من نزيف الأمة ؟    رغم الضغوطات وحملات الدعم : الإفريقي يرفع «الفيتو» أمام عودة «النجوم المُنتهية»    سينر يهزم ديوكوفيتش ويتأهل لنهائي ويمبلدون للمرة الأولى    «شروق» على مونديال الأندية: مكافآت تاريخية لباريس سان جرمان    ولاية تونس تنبّه    أمطار متفرقة بالمرتفعات الغربية للوسط والجنوب آخر نهار الجمعة وبداية الليل    قرطاج لا يُغَنَّى فيه مجانًا... تصريح رسمي يحسم الجدل حول مشاركة الفنانة أحلام    بالمناسبة .. .مهازل مهرجان قرطاج وفضائحه    منظمة الصحة العالمية تكرّم سعيّد    الكولستيرول الجيد والكولستيرول الضار: هل تعرف ما هو الفرق؟    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات تحت 19 عاما: المنتخب التونسي يتبارى غدا مع منتخب جمهورية الدومينيكان من أجل المركز 23    الاعلامي فهمي البرهومي يؤكد تعرضه للسحر من شخص مقرّب منه    المنستير: تنظيم الأيام الإعلامية الجهوية للتوجيه الجامعي لفائدة الناجحين في البكالوريا يومي 14 و15 جويلية الجاري    الجامعة العامة للنقل تُحمّل وزارة النقل تداعيات إضراب أعوان شركة قرقنة المزمع تنفيذه يومي 17 و18 جويلية الجاري    لأول مرة: جامعة القيروان ضمن التصنيف العالمي للجامعات    تلامذة من تونس يلمعو عربياً في تحدي كبير! شكونهم؟    الجزائر: حمود بوعلام يشتري رُويبة ويُقصي الفرنسي ''كاستيل'' من السوق    عاجل/ بلاغ هام للناجحين في دورة المراقبة لامتحان البكالوريا    تاكل تُن وانت مريض سكر؟ إنت في الأمان ولا تغالط في روحك؟    تونس: البنك الأوروبي للإستثمار مستعد لتمويل مشاريع ذات النجاعة الطاقية ومكافحة الهدر المائي والنقل الحديدي    توزر: تواصل التدخلات لإزالة آثار العاصفة الرملية    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية " تتضمن دراسات وفتاوى لأعلام الزيتونة    ديوان الإفتاء يصدر مجلة "فتاوى تونسية "    البنك الإفريقي للتنمية: النمو الاقتصادي في تونس سيبلغ 1.9% في 2025...    العجز التجاري لتونس يتفاقم بنسبة 23،5 بالمائة    البطولة الوطنية لكرة اليدّ على الأبواب.. وهاذم التواريخ    عاجل : ''الكاف'' يفتح تحقيقًا بشأن منتخب الجزائر للسيدات    عاجل: الاتحاد المنستيري يعلن عن التركيبة الكاملة للإطار الفني للموسم الحالي    هل حيك معني؟ الستاغ تركّب منشآت جديدة في منوبة وتُوعد بنهاية الهبوط الطاقي    القصرين: حجز 11 طناً من البطاطا المخزنة خارج المسالك القانونية بمدينة بوزقام    موفى جوان 2025: عجز تونس التجاري يتفاقم إلى 9،900 مليار دينار..    عاجل/ أول تصريح لنتنياهو حول اتفاقه مع ترامب بشأن غزة..    عاجل/ هذا ما كشفه عمر بحبة عن العاصفة الرمليّة بقبلي وتوزر..وهذه حالة الطقس نهاية الأسبوع..    ما ترقدش بكري؟ المخ، القلب، والمعدة يدفعوا الثمن!    مانشستر يونايتد يتعاقد مع المهاجم الفرنسي إنزو كانا    عاجل/ ترامب يتوعد باعلان مهم الاثنين المقبل..وهذه التفاصيل..    سبعيني يكسّر القاعدة وينجح في الباك... قصة ما تتعاودش!    معز حديدان: 75 بالمائة من دعم الحبوب تذهب للأثرياء و 1 بالمائة فقط للفقراء... إصلاح منظومة الدعم أصبح ضرورة عاجلة    بعد وضع اسمه في أفيش لسهرة بمهرجان قرطاج: مقداد السهيلي...أنا وين سي علاء!!!    قوة إسرائيلية تتسلل داخل الأراضي اللبنانية وتنفذ عملية تفجير    لطيفة تطرح 4 أغاني من ألبومها "قلبي ارتاح"    ترتيب المندوبيات الجهوية للتربية حسب نسب النجاح في امتحانات الباكالوريا 2025 عمومي    مقداد السهيلي: أنا ما نيش هاوي وإلا جيت لبارح باش نوري وجهي ونستنى باش يشجعني الجمهور    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة: ولا تنازعوا فتفشلوا ...    منظمة الصحة العالمية تمنح رئيس الجمهورية درع الاتفاقية الدولية للوقاية من الجوائح..    التوانسة الليلة على موعد مع ''قمر الغزال'': ماتفوّتش الفرصة    سعيّد: كلّ تظاهرة ثقافيّة أو فنيّة يجب أن تتنزّل في إطار قضايا الحريّة والتحرّر    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



همزة فصل : بحثا عن ميثاق التعايش المفقود !!!
نشر في الشروق يوم 17 - 06 - 2012

رغم كلّ ما يمكن أن يُقال عن الفترة التي أعقبت فرار «بن علي» إلى السّعوديّة في يوم عطلة أسبوعيّة !!،ورغم ما رافق تلك المرحلة من هِنات،ومن اضطرابات،فإنّ حالة التوافق السياسيّ-وإن كانت نسبيّة- هي التي مكّنت البلاد من أن تجتاز أصعب ظرف مرّت به منذ الاستقلال،وأن تعزّز الثقة بميلاد تونس جديدة تقطع مع الديكتاتوريّة.

وإزاء ما تعيشه البلاد،في الأيّام الأخيرة من توتّر،ومن انزلاق خطير نحو العنف المنظّم والمبرمج، وبصرف النظر عن المصدر،فإنّ تونس اليوم تحتاج، أكثر من أيّ وقت مضى، إلى توسيع آفاق التوافق ومداراته ، وتخفيف حدّة الاحتقان السياسي.. هذا الفيروس الذي انتقل بسرعة إلى الشارع،وأشّر لإمكانيّة أن تغرق السفينة ،وأن يعود شبح الديكتاتوريّة ليخيّم على البلاد من جديد.

ومع ذلك فإنّ شحنة التفاؤل بتونس أجمل تدفع إلى القول إنّ فوضى الحرية التي يمكن أن تجعل الفرقاء لا يحسنون الاختلاف أفضل ،في كلّ الحالات، من انضباط الديكتاتورية الذي يحوّل الوطن إلى علبة سردين مغلقة.على أنّه في الحقيقة ليس من مصلحة أحد أن تغرق السفينة. وليس من مصلحة البلاد أن يتكاثر الربابنة المتناحرون ضدّ الوطن لا معه ،وأن يفجّروا حقد اختلافاتهم في الشارع خاصّة بعد أن خبر الشعب مجموعة من المنّظرين السياسيين الذين كثيرا ما قفزوا من السفينة قبل غرقها ليتركوا المساكين يغرقون في الأزمات.

إنّ بداية معالجة هذا الوضع الخاطئ في منطق الحسابات السياسية، تبدأ من التخلّي عن نظرية المؤامرة وعدم ترك الكسل الفكري يستدرج المعارضة والحكومة، على حدّ السواء، إلى التصادم تحت راية التخوين والاستهداف.

الحكومة، من جانبها، مدعوّة إلى أن تخلع ثوب الحزبيّة البالي، وأن تمضي في سبيل الإصلاح والترميم بعيدا عن المحاصصة الحزبيّة الفجّة التي جعلتها ترتكب أخطاء تقديريّة كان بالإمكان لو توفّرت الخبرة تجاوزها بسهولة. فالتعيينات الأخيرة في سلك الولاة أثارت أكثرت من سؤال وفتحت أبواب التجاذب السياسيّ على مصراعيه. ومن المنتظر أن تثير النيابات الخصوصيّة في البلديات مزيدا من الاختلافات إذا اعتمدت المقاييس نفسها في الاختيار.

وعلى الحكومة باعتبارها المؤتمنة على الحكم في هذه المرحلة الانتقاليّة أن توسّع نطاق التوافق، وأن تبادر بعقد جلسات حوار مع الحساسيات السياسيّة المعارضة تبحث فيها عن تركيز ثوابت التوافق لتجاوز الأزمة. إذ لا خلاص اليوم من الأزمة خارج دائرة التوافق بين كلّ الأطراف رغم تناقضاتها.وإذا ما فشلت الحكومة فلن تطال تداعيات الفشل الائتلاف الحاكم فقط بل ستكون نتائجه كارثية على الجميع بمن فيهم الذين ينادون، قبل الفجر وبعده، بسقوط الحكومة. إنّ إسقاط الحكومة الآن ليس انتصارا لطرف سياسيّ وليست جولة تكسبها المعارضة. هي بكلّ بساطة هزيمة لمشروع كامل حلم به جيل أراد بخروجه إلى الشارع ومواجهة الرصاص أن يتخلّص نهائيا من الاستعباد والديكتاتوريّة.

والناظر إلى ما يجري بموضوعيّة خالية من الحسابات السياسيّة، يلحظ أنّ عناصر من الحكومة ومن المعارضة ساهمت في رفع منسوب التوتّر،وأثّرت بظهورها في وسائل الإعلام سلبا على الرأي العام .وبات أكيدا أنّ وجوها من الجانبيْن لم تعد قادرة على تثبيت التوافق لأنّها،في مستوى الخطاب والممارسة، نزعت ثوب الموضوعيّة ،والانتصار لمفهوم الدولة وعُلويّة مؤسساتها،وانخرطت في خطاب سياسيّ أجوف يقوم على الدعاية والتحريض في غياب تام لأيّ رغبة في بناء مناخ التوافق والتعايش البنّاء..والمطلوب إلى هذه الوجوه أن تفسح المجال لغيرها،وأن تنسحب في هذا الظرف العصيب، كي يستعيد المواطن الأمل في أن تنسج النخب السياسيّة الوطنيّة علاقات جيّدة فيما بينها تسرّع نسق الحوار الرصين، وتهيّئ للعودة إلى ساحة الاختلاف الخصب الخلّاق الذي لا يلغي الآخر بقدر ما يستدعي التفاعل معه.

وعلى الحكومة أيضا أن تؤمن بقوّتها التي لم تستمدّها من الشرطة أو الجيش بل من شرعيّة انتخابيّة. وهي ليست بحاجة إلى «حزب» قويّ ينصرها على أعدائها، ويدعمها ضدّ المعارضة.وبات ضروريّا تخلّي بعض أنصار حزب «حركة النهضة» عن التصرّف بمنطق الحزب الحاكم الذي ينزل أنصاره إلى الشارع لمواجهة كلّ حركة احتجاجيّة، ولنصرة الحكومة ضدّ ما تعتبره «مؤامرة» تستهدفها. والحقيقة أنّ كثيرا من العقلاء داخل حركة النهضة ممن عانوا من التعذيب ومن السجن الانفرادي يرفضون هذا السلوك. وقد نأوا بأنفسهم عن الخروج لدعم الحكومة كيفما كانت الظروف. وقد أبدى بعضهم مواقف مسؤولة تعكس الاحتكام إلى المنطق بعيدا عن الالتزام الحزبي الذي قد يذكّر بممارسات التجمّع الدستوري الديمقراطي عندما كان يجنّد منخرطيه لتحريك الشارع وتمرير مخطّطات الحكومة.

والمعارضة، من جانبها، مدعوّة إلى توخّي الحكمة وعدم الانسياق وراء الحماسة التي ما قتلت ذبابة ولا ساهمت في حلّ معضلة التشغيل. إذ كيف يمكن لعاقل أن يطالب بحكومة إنقاذ وطني والحال أنّ عمر الحكومة القائمة أشهر معدودات؟ هل ستتمكّن حكومة جديدة في وقت قياسيّ من الإجابة عن كلّ الأسئلة الحارقة ،وتوفير الطعام لكلّ الأفواه الجائعة؟ ليس الحلّ في حكومة إنقاذ وطني لأنّ ما يجري على ما فيه من خطورة لا ينبئ بأنّ الوضع كارثيّ يستحيل معه العلاج.وإنّما الحل في تثبيت قواعد التعايش الذي لا يلغي الاختلاف ولا يدفع إلى التصادم بالضرورة.

إنّ بناء دعائم حياة سياسية سليمة ليس بعزيز على الحكومة والمعارضة لوجود عقلاء من الطرفيْن يمكن أن يرسموا خارطة طريق ميثاق تعايش تتدافع فيه الأفكار والآراء لبناء تونس موحّدة لا تستورد منهجها في الحكم والتفكير من الخارج. وهل يمكن أن يختلف التونسيون على هذه النقاط:
تجريم التكفير واعتباره تحريضا على القتل
الدولة هي الطرف الوحيد الموكول إليه حماية المقدّسات
التخلّي عن الخطاب التحريضي ضدّ الحكومة دون المساس بحق الاختلاف
دعم شفافيّة الانتداب وتغليب الكفاءة على أيّ معيار آخر.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.