في مبادرة أقدمت عليها مجموعة من مواطني القلعة الكبرى كانوا يمثلون عناصر التركيبة التي تكفلت بتنشيط وتسيير المجلس المحلي لحماية الثورة قبل موعد انتخابات 23 أكتوبر2011 والذي وضع حدّا لنشاطه بعد هذا الموعد ، هذه المبادرة كانت من الأولى السبّاقة ضمن مجموعة من اللقاءات أو المناظرات السياسية التي نظمت بين العديد من التشكيلات السياسية والحزبية التي كانت تستعد للموعد الانتخابي ، كالتي نظمتها جمعية الوعي السياسي للشباب بمدينة سوسة بين ثلاثة أحزاب سياسية : حزب العمال الشيوعي حركة النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية وكانت الأولى والأنجح حينها ، كنت أعددت هذه الأسئلة لطرحها على ممثلين لأربع تشكيلات حزبية لها تواجد بالمدينة حينها ولعله ما يزال (حزب التكتل من اجل العمل والحريات والحزب الديمقراطي التقدمي وحزب حركة النهضة وحركة الوحدة الشعبية وكانوا ممثلين بعناصر في مستوى قيادي... هذه الأسئلة نقدمها بين يدي القارئ في تصور جديد لعلاقته بالصحافة (الجريدة) وبوسائل الإعلام عموما ، أسئلة كانت تبدو حينها استباقية نترك المجال الآن للقارئ ليجيب عنها بنفسه باذلا بذلك جهدا تحليليا مقارنا لمسائل مصيرية ودقيقة في تاريخ بلادنا بعد أن توفرت لديه (القارئ) إمكانيات أكثر للجواب بتوفر المعطيات الملموسة دون الدخول تحت تأثير أو استقطاب المعني بالجواب الذي طرح عليه حينها، علّنا بذلك نساهم في إيجاد قارئ فعّال مستقلّ في اتخاذ مواقفه متعمّقا في الشأن العام لمحيطه ويبتعد به من سلبية المتلقي غير الناقد خاصة في مرحلة أصبح الإعلام فيها يصنع ويرسم صورة قد تكون غير ملائمة ومطابقة للواقع (سلبا أو ايجابا) لذلك ندعو القارئ لاستقراء السؤال وتفهّمه حتى يدخل به عالم الجواب بكلّ اقتدار ، بعد أن أجاب عليه حينها الممثلين للأحزاب المذكورة وكان ذلك في سهرة رمضانية أي منذ حوالي سنة من تاريخ أفضل انتخابات عرفتها المنطقة منذ عقود رغم عدم بلوغها الكمال طبعت أهم مرحلة في العملية الانتقالية الديمقراطية التي نعيشها ، نعرض عليكم هذه المحاورة كما لو كانت تقع حينها في شكل flash-back ونعوّض المسؤولَ حينها بالقارئ الحالي ونحافظ على السائل وهو: نحن فكانت الأسئلة المطروحة كالتالي : السؤال الأول : في حوار أجرته صحيفة مختصة تونسية مع السفير السويسري في تونس Mr. Pierre Combernous مؤخرا حول رؤيته للمشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي بتونس كان من ضمن المواقف التي أدلى بها أن التونسيين: رفّعوا في سقف مطالبهم إلى أقصى حدّ في خياراتهم نحو الانتقال الديمقراطي والمستقبل السياسي لبلدهم وذلك بأن اختاروا التصويت لدستور وصياغة دستور في مرحلة يعتبر خلالها ظهور الأحزاب وولادتها بهذا الشكل ظاهرة جديدة je site مقولته : « …Maintenant , c'est vrai que vous avez mis la barre très haut en vous imposant comme premier vote la Constituante . C'est particulièrement difficile dans un pays ou l'émergence des partis politiques est un phénomène assez nouveau .. ». وقد كان متفائلا رغم ذلك .
هل تشاركونه موقفه كون التونسيين طلبوا الكثير ورفعوا في سقف المطلب بان اختاروا انتخابات تأسيسية لمجلس تأسيسي؟ و تعتبرون ذلك كحدّ أدنى من استحقاقات الثورة ؟
أم تعتبرون هذا المطلب وهذا الاستحقاق لا يتناسب وهذه المرحلة التي نمر بها ؟
وكان السؤال الثاني بعد فسح المجال للممثلين الأربعة للجواب كالتالي: ستجدون أنفسكم ، لو مكنتكم صناديق الاقتراع من ذلك وبنسب تمثيلية متفاوتة ، داخل مؤسسة شرعية جديدة هي المجلس الوطني التأسيسي، وكما هو مكتوب بالبند العريض في كل لوائحكم وبياناتكم لما قبل المجلس وما بعده : ...تقسيم السلط واستقلاليتها عن بعضها... أيْ سلطة تشريعية متمثلة في المجلس الوطني الذي سيتمتع بصلوحيات أصلية أمام حكومة غير منتخبة (المقصود بها حكومة السيد الباجي قائد السبسي) بحيث ستنتقل كل السلط إلى المجلس بعد أن كانت مجمَّعة لدى الرئيس المؤقت والحكومة الحالية ونعود إلى نفس التجاذب الحاصل الآن بين الهيئة العليا لحماية الثورة والانتقال الديمقراطي والحكومة وسيكون الأمر أكثر تعقيدا لو كانت هناك أغلبية داخل المجلس المنتخب ! والسؤال هو كالتالي : كيف سيتمّ الاستعداد إلى هكذا مشهد وما هي الآليات التي ترونها أنجع حتى لا تتركنا في أزمة توزيع للسلط واقتسامها ؟ الجانب الثاني للسؤال : ماذا سيكون الموقف من الزاوية الثالثة لمثلث السلط أي القضاء (حتى لا أقول سلك أو قطاع).. وما هي حدود المسافة التي سيختارها المجلس المنتخب من سلطة القضاء ؟
خاصة إذا لم تحدث إصلاحات جدّية استعجاليه قبل موعد انتخاب المجلس التأسيسي . (وكان السؤال الثالث حول مسائل كانت قد سبقت الانتخابات بقليل وكادت حينها تربك المسار الانتقالي) السؤال الثالث : عهد جمهوري ( أو ميثاق ) قبل 23 / أكتوبر ! استفتاء حول دستور 1959 بدل جمعية تأسيسية (بغضّ النظر عن النوايا المبيّتة لأصحاب هذه الفكرة) ! استفتاء موازي لانتخابات المجلس التأسيسي حول النظام السياسي الذي نريد للبلاد !
هذه المطالب الإستباقية لموعد الانتخابات التاريخي : هل ترون في ذلك اعتراف بخوف ضمني، مستبطن لدى من يروّجون لهذه المطالب من نتائج الانتخابات (سيعتبرون أنفسهم غير ممثلين في المجلس وان نتائج الصناديق لن تكون لصالحهم)؟
أم هو خشية العارفين والخبراء القانونيين الدستوريين بالنظام السياسي المجلسي ( أين ستكون أغلبية تمثل الشعب في المجلس) وما يمكن أن يجرّنا إليه هذا النظام من تجاذبات قد تبعد بنا عن التوافق والتوازن بين مختلف التركيبات السياسية والتنظيمية لبلادنا ؟
هذه كانت الأسئلة المطروحة في تلك الليلة الرمضانية، وكانت شيّقة ، والآن عذرا سادتي : الصحف والراديوهات والشاشات لنترك القارئ يجيب ويقارن ويقيّم بعد سنة تقريبا، فالواقع أمامه ومنه يكرع ما يرويه ويشفي عطشه، لأنّ الإعلام قد يكون لا يعبّر بأمانة عن هذا الواقع ( سلبا أو إيجابا).