اعتبر أستاذ التاريخ المعاصر بالجامعة التونسية والمحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي أنه لا وجود لحوار رسمي عميق بين القوى السياسية الفاعلة حتى نتكلم عن توقف للحوار، فقد كان الحوار قائما وفاعلا نسبيا بين أغلب المكونات السياسية الفاعلة والنخب أيضا وذلك في إطار الهيئة العليا للإصلاح السياسي وتحقيق أهداف الثورة، لم ينقطع الحوار كليا بل تواصل جزئيا بين أطراف سياسية تارة بشكل علني وفي الأعم بشكل غير علني خاصة بُعيد الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس التشريعي ثم اتخذ شكلا جديدا بين أطراف سياسية بغية التحالف او اندماج بعض المكونات السياسية....ثم بادرت الحكومة بإجراء حوار مع الأطراف السياسية ولأسباب غير مقنعة توقف الحوار.. وحصر الحناشي الأسباب التي وقفت وراء انعدام الحوار في النقاط التالية: غياب الثقة بين أغلب الأطراف السياسية.
تتحمل الحكومة الائتلافية المسؤولية الأولى في انعدام الحوار، باعتبار أنها تمثل الجهاز السياسي الأكثر قدرة على إدارة اللعبة السياسية في البلاد، ومن صالحها بل من مسؤوليتها أن تعمل على توفير الظروف المناسبة للحوار وذلك عبر إيجاد إطار وآليات فاعلة لإجراء الحوارات حول القضايا الوطنية الكبرى فالحوار يؤدي في الغالب الى التوافق وهذا الأخير يخدم كل الأطراف وخاصة الحكومة وتحديدا حزب النهضة.
تتحمل المعارضة جزءا من المسؤولية، إذ لا تزال أغلب أحزاب المعارضة تعاني من مشاكل واهتزازات وانشقاقات تنظيمية وبنيوية وتفتقد لوضوح الرؤى السياسية الثاقبة مرحليا أو استراتيجيا وظلت تقوم بردود أفعال دون أن تتمكن من تقديم المبادرات والبرامج والاقتراحات.
حدّة الاصطفافات السياسية والايديولوجية التي من شأنها عرقلة أي حوار للوصول إلى وفاق وطني.
واعتبر الحناشي أنّ هناك أطرافا خفية نافذة تدفع باتجاه الاحتقان السياسي فمن مصلحتها أن تظل الأطراف السياسية في «عِراك» وأن لا يسود الحدّ الأدنى من الوفاق والتوافق وصولا إلى تحقيق أهدافها المتمثلة في إفشال أهداف الثورة».