في لحظات الشك التي انتابت المواطن التونسي حول دور احزاب في الاحداث الأخيرة من خلال تبادل للتهم بين الاحزاب ذاتها وتاكيد كل طرف على تحميل مسؤولية الاحداث الاخيرة إلى الاخر السياسي. ووسط تبادل التراشق بعبارات حادة مثل "التحريض على التصعيد واستغلال الشارع وتحريكه للتاكيد على القوة والنفوذ السياسي" في وقت تملك الاحزاب من القناصة السياسيين أكثر من امتلاكها لمناضلين، دورهم الاساسي تغيير المفاهيم واحتضان الشارع الفاقد لاي ثقافة تحليل سياسي قصد فهم مجريات الامور دعت احزاب سياسية إلى وفاق وطني والتاكيد على موعد الانتخابات المقررة ليوم 24 جويلية كمخرج للازمة السياسية. فماهي أهمية الوفاق الوطني في هذه المرحلة ؟ وهل تؤسس الانتخابات القادمة لهذا الوفاق؟
المساءلة والمصالحة
وفي رده على جملة الأسئلة المقدمة اعتبر مؤسس الحزب الاشتراكي اليساري محمد الكيلاني أن مسالة الوفاق الوطني ممكنة وذلك من خلال توفير أسس وأرضية تقوم على المساءلة والمصالحة. وأوضح الكيلاني أن الحزب كان دعا منذ مؤتمره الأول إلى ضرورة التوافق والوفاق من خلال إدراج هذا المبدأ في مقترحه المتعلق بالعهد الجمهوري. واعتبر الكيلاني أن القوى السياسية أصبحت جزء من أزمة البلاد عبر مواقف المزايدة التي أسهمت في خلق مناخ يحث على التخريب. ووصف الكيلاني المزايدين " بالمتسلقين الذين يحاولون تحويل الثورة إلى غنيمة " مضيفا في ذات الإطار "أن القوى الديمقراطية بصدد التجمع والتوحد حتى تشكل ضمانة للانتقال والحد من المناورات السياسية."
التمسك بالوفاق كحل اساسي
لم ينف الناطق الرسمي لحزب العمال الشيوعي التونسي حمة الهمامي اهمية الوفاق الوطني وقال في هذا الصدد " نحن متمسكون بالوفاق الوطني بين مختلف القوى السياسية المتمسكة باهداف الثورة والعاملة على تحقيقها لان هذا الوفاق من شانه أن يخدم مصلحة البلاد ويساعد على التصدي للقوى المعادية للثورة وارباك الشعب ومنع الانتقال الديمقراطي." ودعا الهمامي المواطنين خاصة في تونس العاصمة إلى اليقضة تجاه العناصر التي تحاول الاعتداء على الممتلكات مدعية في ذات الوقت انتماءها إلى حزب العمال الذي لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بهؤلاء المخربين.
الحوار.. بناء الثقة
ومن جانبه اعتبر الأمين العام لحزب الإصلاح والتنمية محمد القوماني "ان ردود الأفعال المتباينة على تصريحات وزير الداخلية السابق السيد فرحات الراجحي كشفت عن هشاشة سياسية رغم الطابع التخميني لهذه التصريحات وهو ما أسهم في إيجاد أزمة ثقة بين الأطراف السياسية الفاعلة". وبين القوماني أن الوضع " يتطلب مزيدا من الحكمة في التعاطي مع المستجدات وخفض الاحتقان وطمأنة مختلف الأطراف من خلال الحوار العميق الذي سيسهم في اعادة بناء الثقة وتبديد المخاوف غير المبررة." وتبنى القوماني ذات الموقف الصادر عن المجلس الوطني للحزب الذي سجل " غلبة التشنج في علاقة الأطراف الوطنية وضعف روح التسامح وطغيان منهج الاستقطاب وخطابات التخويف والإقصاء المتبادل وتعطيل اجتماعات الأحزاب، ممّا يشكل خطرا على مستقبل الحياة السياسية في هذه المرحلة الانتقالية". وخلص بيان المجلس إلى ضرورة "الصيغ التوافقية بين مكونات الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة من ناحية، وبين هذه المكونات وبين الحكومة المؤقتة، وبين سائر الفاعلين السياسيين والاجتماعيين والاشتغال على ما تحتاجه البلاد من مصالحة وطنية قوامها تسويات سياسية تحقق العدالة بعيدا عن نزعات الأحقاد والتشفي والاجتثاث".
الوطن اولا
"نحن مجبرون على أن نتفق على مسالة التوافق وان تتحمل جميع الاطراف مسؤوليتها في ذلك" هذا ما عبر عنه عضو المكتب السياسي لحركة التجديد عادل الشاوش حيث اضاف " انه لا بد من تقديم مصلحة الوطن على المصالح الحزبية والسياسية الضيقة". واعتبر الشاوش " أن تجربة الانتقال الديمقراطي لا يمكن أن تنجح الا في اطار من التوافق الوطني والاتفاق حول جملة من المبادئ الرئيسية من اهمها ضمان وتهياة الظروف المناسبة للانتخابات القادمة".