مثل السيد «محمد علي خلف الله» نائب الامين العام لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين احدى المعادلات المهمة منذ عودته الى الحركة في منصب «النائب» كما مثل «رقما» مهما في كل مبادرات المصالحة التي تمت داخل الحركة واستطاع ان ينجح في التعايش مع مجموعاتها بالرغم من «حذر» البعض حوله و»هجوم» بعض اعضاء المكتب السياسي عليه. «الشروق» حاورت «محمد علي خلف الله» وسألته حول موقفه من المصالحة ومن مواعدة ومن الخصخوصي وحول رؤيته لمستقبل «لم الشمل». *ماذا حققت الى حد الان مبادرة لم الشمل حسب رأيك؟ مبادرة لم الشمل هي في الحقيقة امتداد للمساعي التي انطلقت ابان الندوة الصحفية التي عقدت بمقر الحركة في 10 جوان 2002 بحضور اغلب رموز الحزب بمختلف مواقعهم آنذاك. وبدون استعراض تفاصيل التطورات و»الارهاصات» التي طبعت الفترة الفاصلة منذ تكوين اللجنة الوطنية للمصالحة الى اليوم مرورا ببعث لجنة رعاية المصالحة ومختلف الاتصالات وشبه المفاوضات... فقد استقر الرأي لدى اغلب الاخوة في الهياكل الرسمية ان تعثر توحيد جميع ابناء الحركة من اجل اعادة تأسيس التنظيم لم يقع التمهيد له بالقدر الكافي ولم تنق الاجواء من الادران التي علقت بها منذ ازمة 1995 من أجل اشاعة مناخ من الثقة بين كل الفرقاء وعلي كل المستويات حتى يسهم الجميع في طي صفحة الماضي. عندها وقع التركيز على ضرورة انخراط الجميع في مشروع اعادة بناء الحركة بالانضمام الى التنظيم القائم وفتح حوار معمق حول اوضاع الحركة الراهنة وما تقتضيه متطلبات المرحلة بعيدا عن هواجس التموقع على خلفية مؤتمر ملفق ووفاق مغشوش... تكون نتيجته حتما مزيدا من الانشقاق والتشرذم. وفي ضوء ما أفضل تسميته بالمخاض العسير عوضا عن الازمة، انخرط الكثير من الاخوة في هذا المشروع وفي مقدمتهم الاخ محمد مواعدة الذي تسلم بطاقته في ديسمبر المنصرم. المحصلة: يجتمع المناضلون اليوم في اطار لجان تقييم واستشراف تمسح كل مجالات اهتمام حزب سياسي. مرشحة لتتحول في القريب الى لجان اعداد المؤتمر. فخلاصة القول أن شوطا هاما قد قطع على الدرب الصحيح... لكن لم تكتمل كل الاشواط ولا تزال بعض الاشكاليات عالقة. كلنا مطالبون بالتعاطي معها بصبر واريحية. *يتهمك البعض داخل المكتب السياسي الحالي بأنك كنت وراء تعطيل دخول مجموعة «المحسني» وانضمامها الى مبادرة لم الشمل ما حقيقة هذا الاتهام؟ كم كثرت الاتهامات هذه الايام... وكم هبط مستوى النقاش في نفس الوقت! سبحان الله أنا الذي تبنيت واحتضنت مبادرة المصالحة ولملمة الصفوف رغم كوني لم استشر في شأنها قبل الاعلان عنها... وقد وصل الامر بي الى درجة من التحمس قارب حد القطيعة مع الاخ الامين العام والمكتب السياسي. ثم كيف يتسنى لي بمفردي ان اتصدى لانضمام ايّ كان وكأن الامر موكول لمطلق ارادتي؟ كل ما في الامر هو أني جاريت بقية الاخوة في المكتب السياسي... بما في ذلك الاخ اسماعيل بولحية في كون ان اسناد خطة تنظيمية للاخوين «الطيب المحسني» و»الصحبي بودربالة» قد يفسر على أنه صيغة من القدح في الهياكل المنبثقة عن مؤتمر 2001 . لكني أصرح اليوم وأؤكد ان من حق الاخوين المذكورين ان يطالبا باشراكهما في عملية اعداد المؤتمر وتحديد تاريخه. لكن المنطق في هذا السياق كان يملي عليهما قبول الاشراف على بعض اللجان التي تكونت... وفي هذا الاطار تمّ اثراء مضمون النقاش بطرح افكار حول خط الحركة ومواقفها وتقييم ادائها... فيساعد هذا التمشي على ازاحة الصورة السلبية التي علقت في اذهان جل المناضلين: وهي أن الهاجس الوحيد الذي يحرك الاخوين هو المصلحة الشخصية والبحث عن ضمان كرسي في البرلمان القادم... الباب لا يزال مفتوحا امامهما للاقدام على خطوة جريئة... *بعض الاتهامات توجه اليك بأنك تطمح الى الانفراد بالحركة واقصاء خاصة بعض العناصر المحسوبة على «اسماعيل بولحية» ما حقيقة هذا؟ ها نحن وعلى هذا المنوال نتدرج من الغريب الى الاغرب...! فما معنى الانفراد بالحركة؟ ما أبغض هذا المصطلح الذي يرادف الاقصاء والتعسف والتسلط... وكم هو يناقض اصول الثقافة الديمقراطية ويتضارب مع مبادئ العمل الجماعي... ولعلك تقصد بذلك ان البعض يهمس بأني اتطلع الى موقع المسؤولية الاولى صلب الحركة. أذكر في هذا المضمار بأن مسيرتي داخل الحركة تشهد على أني لست من المفتونين بالمناصب بل من الذين يؤمنون بأن المسؤولية تكليف وأمانة قبل ان تكون تشريفا: فالاخوان اسماعيل بولحية ومحمد مواعدة مازالا يذكران ما قاما به من جهد لاقناعي بالالتحاق بالمكتب السياسي في مؤتمر ديسمبر . وكانت تلك هي رغبة الاخ أحمد المستيري. كما أن الكل يعلم الظروف الدقيقة والحاسمة التي حفت بانتخابي منسقا عاما في جوان 1996 من طرف المجلس الوطني آنذاك. فالمهم لدي اليوم هو استرجاع الحركة لموقعها على الساحة الوطنية لتنهض بدورها كحزب وطني معارض يعيد للحياة السياسية في بلادنا الحيوية والمصداقية التي عرفتها عند ميلاد الحركة. * يقال أنك تقوم بالتنسيق مع «أحمد الخصخوصي» الذي يعارض مبادرة لم الشمل ويرفض التعامل مع القيادة الحالية للحركة، ما حقيقة هذا التنسيق؟ وما هو رأيك في موقف «أحمد الخصخوصي»؟ الأخ «أحمد الخصخوصي» «صنديد» من «صناديد» الحركة... فهو مناضل صادق بكل ما تحمله الكلمة من معاني النبل والاخلاص والقدرة على التضحية والعطاء. «الخصخوصي» صديق ورفيق درب أكن له كل تقدير واحترام. فكيف لا أسعى والحال كذلك ان ابقى معه على تواصل واعمل كل ما في وسعي من اجل المحافظة على بقائه في فضاء الحركة... في هذا الظرف الدقيق والمناخ الذي لا يخلو من التلوث. صحيح قد يحصل بيننا اختلاف في التمشي او التقييم سواء بالنسبة لبعض المواقف او لبعض الاشخاص، لكن ما أتفق عليه معه اكبر بكثير: فأنا مثله حريص على التمسك بثوابت الحركة وباستقلال قرارها وبالتسيير الديمقراطي لهياكلها. أما الحديث عن تنسيق مع الاخ «الخصخوصي» فهذا غير ذي موضوع في ا لوقت الراهن لأن التنسيق يقتضي وجود مخطط او مشروع محدد الملامح نتشاور حوله ونعمل على انجازه. أولوية الساعة بالنسبة لي اذا في هذا الصدد هو اقناع الاخ «الخصخوصي « بأن قيمة الموقف السياسي تتضاعف اذا حظي باسناد العدد الاكبر من الاخوة المناضلين. * هل تعتقد أن الحركة قادرة بمبادرة لم الشمل على توحيد صفوفها من جديد أم أن هذه المبادرة ستعمق الانقسامات من جديد؟ كما سبق وأوضحت... اعيد وأكرر أن الحركة تعيش وضع مخاض عسير. واذا غلبنا منطق التفاؤل فإني اقول ان هذا الوضع الصعب مرده علاوة على طول فترة الانشقاق والتفرقة... يترجم كذلك حجم حركتنا وثقلها على الساحة الوطنية من حيث عدد مناضليها وانصارها... فهي حركة لها رصيد نضالي يشهد لها به الجميع. فعلى قدر هذا الحجم تفاقمت الخلافات وتعقدت الاشكاليات الى درجة اصبح يعطل ان لم اقل يشل نشاطها الطبيعي. اليوم وقد انخرط إن ماديا او معنويا اغلب المناضلين في مشروع التوحيد والتصالح اقول ان مستقبل الحركة بأيدي ابنائها المخلصين الصامدين... مع ان المسؤولية الاساسية تبقى منوطة بعهدة القياديين سواء كان ذلك على المستوى الوطني او الجهوي. وأغتنم هذه الفرصة لتوجيه نداء حار لكل هؤلاء من اجل ان يتحلوا بروح نضالية عالية في معالجة المسائل وان لا ينساقوا وراء أوهام الحسابات الضيقة والاعتبارات الظرفية. *كيف تفسر بصراحة عودة «محمد مواعدة» الامين العام السابق الى الحركة؟ وهل سيكون له حسب رأيك دور في قيادة الحركة؟ لم يخطر ببالي لحظة واحدة أن «محمد مواعدة» قد غادر الحركة في وقت من الاوقات حتى نتحدث اليوم عن عودته اليها. «مواعدة» مرتبط ارتباطا عضويا وعاطفيا بالحركة. فهو من مؤسسيها وهو الذي اعطاها من جهده ومهجته الكثير... الكثير. لكن السؤال الذي يبقى قائما اليوم هو: كيف يتسنى للاخ مواعدة في هذه المرحلة المنعرج ان يسهم في اعادة تأسيس الحركة وجمع شمل اطاراتها ورموزها على مختلف مواقعهم ومواقفهم منه شخصيا... أن يقوم بكل ذلك وهو يطمح في ذات الوقت في العودة الى قيادة الحركة؟ هذا هو الرهان الصعب الذي يواجه الاخ «محمد مواعدة». فهي معركة بين الذاتي والموضوعي، وأكبر الظن ان الامر سيبقى عالقا الى حدود انعقاد المؤتمر القادم... وأن الأخ «محمد مواعدة» هو وحده المؤهل لحسم هذه المسألة... قد يساعده على انضاج موقفه التطورات اللاحقة والتوازنات المتوقعة وغير المتوقعة داخل الحركة وخارجها.