انتقادات كثيرة وجهت لقانون التصريح على الشرف بمكاسب أعضاء الحكومة وبعض أصناف من الأعوان العموميين لعلّ أهمها أن دائرة المحاسبات لا تملك صلاحيات لمتابعة صحة ما ورد في تصريح المسؤولين من مكاسب. هذه الادارة لا تملك صلاحيات الجزاء القانوني الذي يترتب عن عدم التصريح أو التثبت في المكتسبات بعد الخروج من المسؤولية... كل هذه النقائص جعلت القانون عدد 17 لسنة 1987 المتعلق بالتصريح على الشرف بالمكاسب للمسؤولين الذين شملهم القانون يفرغ من محتواه ولا يحقق الأهداف التي يأملها التونسي في القضاء على الفساد.
تصريح على الخط
ولتشريك المواطن في مراقبة مداخيل وممتلكات أعضاء الحكومة وكبار الموظفين في الدولة ذكر السيد زهير حمدي مكلف بمهمة لدى رئاسة الحكومة أنه تمّ مؤخرا اقرار مشروع يتمثل في نشر جميع مكاسب المسؤولين في الدولة على الأنترنات (على الخط) وهذا المشروع مازال في بداياته وهو اختياري بالنسبة الى أعضاء الحكومة وقد وافق البعض منهم على نشر تصريحه على الخط كما رفض شق آخر ذلك ولم يتمّ الى حدّ الآن تقييم النتائج النهائية لعدد الأعضاء الذين وافقوا أو الذين امتنعوا عن نشر هذه المعطيات.
من جهة أخرى لم يخف السيد زهير حمدي أن الانتقادات الموجهة لقانون التصريح على الشرف للمسؤولين فيها جانب كبير من الصحة مما يدعو الى تعديل هذا القانون باعتبار أنه لا يوجد جزاء للمخالفين. وأضاف أنه لا بدّ من مراجعة الاطار القانوني لمكافحة الفساد وذكر أن عديد المسائل العاجلة تتطلب المراجعة للقضاء على الفساد وسيتم مراجعتها تباعا حسب الأولويات.
أزمة ثقة
من جهته ذكر الأستاذ قيس سعيد أن هذا القانون قديم، إذ يعود الى سنة 87، لكنه لم يكن مفعلا في السابق وهو اليوم في حاجة الى تطوير. وأضاف أنه علينا أن لا نبقى أسرى متطلبات قانونية لا تستجيب للمرحلة الحالية ولاحظ أن الأزمة الحالية تتجاوز قانون التصريح على المكاسب فهي أزمة ثقة يعيشها المواطن تجاه المسؤولين. وللخروج من هذا المأزق تقتضي المرحلة إقرار تصور مختلف عن التصورات السابقة. فالأوضاع التي تعيشها البلاد مستجدة والتعامل بنفس الآليات والقوانين القديمة لا يؤدي سوى الى تفاقم أزمة الثقة التي تربط المواطن بالحكومة.
وذكر أن غياب الجزاء القانوني الذي يترتب عن عدم التصريح أو بعد خروج المسؤول من المسؤولية يجعل قانون 17 لسنة 87 قانونا شكليا. ورأى الأستاذ سعيد أن إعادة ثقة المواطن في الحكومة تتمثل في تمكينه من المراقبة الحقيقية لآداء المسؤولين ومكاسبهم.
وفي خصوص التصريح على الخط ذكر الأستاذ سعيد أن فيه جوانب ايجابية منها تمكين المواطن من المراقبة الحقيقية لممتلكات المسؤولين. لكن فيها جانب سلبي لا بدّ من التنبيه إليه وهو أن تؤدي هذه العملية الى نقيض ما يتوقع منها ذلك أنه بمجرد شراء أو كسب مسؤول لأي ممتلكات جديدة قد يتمّ التشكيك فيه مما يخلق أزمة ثقة من جديد.
تغيير القانون
من جهته ذكر السيد لسعد الذوادي عضو بالجمعية العالمية للجباية، أن قانون التصريح على الشرف للمتلكات تم تفعيله بالمنشور المؤرخ في 31 ديسمبر 2011 الصادر عن رئيس الجمهورية المؤقت. واستغرب من تفعيل قانون يعتبر جزء من منظومة الفساد ولاحظ أن الحكومة لو كانت لها إرادة حقيقية للتصدي للفساد لكانت أصدرت قانونا للكسب غير المشروع حتى يشمل القطاع العام والخاص مثلما هو الشأن بالنسبة الى القانون المصري.
وتماشيا مع ما نصت عليه اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد الذي تصر السلطات التونسية الى عدم احترامه حسب محدثنا ولاحظ أنّ التصريح لا بدّ أن يشمل الأطراف المتواطئة مع الفاسدين لاخفاء ثرواتهم عبر عقود بيع وشراء مخفيّة مقابل عمولات هامة. وأضاف أن هذه الأطراف استغلت الفراغ القانوني لتستفيد منه مما ساهم في تنمية ما أسماه مصدرنا بصناعة الفساد وتبييض جرائم الفاسدين. وأضاف أن أغلب المطالبين بالتصريح على الشرف بالمكتسبات لم يصرّحوا ولم تتخذ في شأنهم أي عقوبات.