رغم هول المصيبة التي حلت به إذ فقد أمه منذ حوالي شهر وحل به مرض أرقده في قسم القلب والشرايين بمستشفى الرابطة بتونس أصرّ الشاب بلال الطرودي الذي يدرس بإحدى المعاهد الخاصة على اجتياز امتحان الباكالوريا لدورة التدارك. التلميذ بلال الطرودي الذي زارته «الشروق» إلى مقر المستشفى حيث يتلقى العلاج وبصدد اجتياز امتحان دورة التدارك تحدث بشعور بالمرارة والتفاؤل وقد كان يحاول نسيان معاناته مع الظروف القاسية التي ألمت به.
يقول وقد أكمل إنجاز امتحان الفلسفة : «للأسف كل المصائب حلت بي فقد إنتقلت والدتي إلى جوار ربها أثناء فترة التحضير أي قبل إنطلاق إمتحانات الدورة الرئيسية ومنذ فترة قصيرة وبالتحديد منذ الخميس الفارط وجدت نفسي راقدا في قسم جراحة القلب والشرايين.
ويتابع وقد تغيرت ملامح وجهه وظهرت عليه مشاعر الحسرة والإحباط «فقدت أعز ما أملك في هذه الدنيا ولم أستطع التركيز خلال امتحان الدورة الرئيسية إضافة إلى ذلك كثرة ضغوطات الحياة والرغبة في النجاح ربما تكون سببا في دخولي المستشفى وكان بإمكاني عدم اجتياز الامتحان بسبب حالتي الصحية المتردية لكن حاولت تجاوز محنتي ومصيبتي ومضاعفة إصراري على اجتياز الامتحان وإن وفقني الله في النجاح فستكون أثمن هدية أقدمها لأمي في ذكرى أربعينيتها.
وعن ظروف الإقامة واجتياز الامتحان داخل المستشفى أشاد بالطاقم الطبي الذي يباشر حالته الصحية وخاصة الدكتور حسان بن الحاج عمر الذي شجعه على اجتياز الامتحان وغرس فيه روح التحدي لتجاوز محنته وأضاف : «لا يمكن أن أنسى دور كل العائلة وخاصة والدي والأساتذة المراقبين الذين حاولوا التخفيف عن حجم معاناتي وسمحوا لي بوقت اضافي لاجتياز الامتحان في ظروف طيبة. ولمعرفة الحالة الصحية التقت «الشروق» ببعض الأطباء المباشرين لحالة الشاب بلال الطرودي.
فالدكتور مرالي محمد سامي أخصائي في أمراض القلب والشرايين بمستشفى الرابطة بتونس أفاد: «إنها حالة مرضية نادرة خاصة أنه مازال صغير السن وتستوجب عناية مركّزة خاصة في المرحلة الحادة التي هو فيها والمشكلة التي يعاني منها تكمن في مستوى العروق». وأضاف: «مازلنا بصدد القيام بعملية التشخيص ولكن هذا لا يمنع من الاقرار بأن من بين أسباب الاصابة كثرة التعرض لضغوطات الحياة «الستراس» والافراط في شرب السجائر وتدخين لفائف التبغ في سن مبكرة.
من جانبه أشار الدكتور حسان بن حاج عمر الى أنه رغم الحالة الحرجة والظروف القاسية التي مرّ بها الشاب بلال فقد أخذ كامل الفريق الطبي قرارا بتمكينه من اجتياز الامتحان وتحقيق فرصة حلم النجاح.
وذكر: «الحالة مسّتنا في الصميم وحاولنا تسخير كل الامكانات والمعدات الطبية لتحضيره للامتحان وتشجيعه على تجاوز هذه المحنة». وخلال زيارتنا الى مركز اجراء الامتحان بالمستشفى الذي يرقد فيه التلميذ بلال الطرودي لمسنا المعاملة الطيبة التي كان يلقاها من طرف العاملين في المستشفى وخاصة الأطباء المباشرين لحالته الصحية كما لمسنا حماس وطاقة وشعور بالقدرة على تجاوز المحن والمآسي وخاصة رغبة فياضة في تحقيق النجاح وتلك أبسط هدية يقدمها لأمه التي فارقته.