أن تنفتح الفضاءات السياحية والتجارية على الشأن الثقافي فذلك يعد ضمن الوعي بأهمية الفن والابداع في حياة الناس العامة واليومية وهو أيضا ما يبرز الحاجة المجتمعية الى الثقافة باعتبارها حاجة من الحاجات التي تعني المواطن في مختلف تجليات وتلوينات الشأن اليومي بشتى ملابساته وضروبه ومتغيراته.. هذا الحديث يقودنا الى تجربة الفضاء الثقافي بمقهى أيام زمان الذي افتتح منذ أسابيع قليلة بمدينة الحمامات وتحديدا عند مدخل البرج حيث انطلقت الفكرة من شاب أقام لسنوات بأحد البلدان الأوروبية ليعود بعد الثورة مدججا بهواجس ومشاريع لأجل المساهمة في بناء البلد وتنفيذ حلم من أحلامه حيث عاين شيئا من مظاهر التمدن والنجاح السياسي والاقتصادي والثقافي للبلدان الأوروبية والغربية عموما فراح يفكر في مشروع يلامس ما هو ثقافي في مكان عرف بحيويته السياحية حيث الخصائص المعمارية والتقليدية والثقافية والجمالية لمدينة تستقطب جانبا كبيرا من ضيوف تونس للسياحة من البلدان الاوروبية والمغاربية والعربية.. هذا المقهى الثقافي من شانه أن يلعب دورا مهما في تقريب الابداع الثقافي من الناس على غرار المقاهي العالمية والعربية الشهيرة مثل مقهى ريش بمصر ومقهى ع البال بالأردن ومقهى الساهرين بالعراق والمدينة بالبحرين ومقهى القشاشين ولونيفار ومقهى باريس بتونس حيث شهد هذا المقهى الأخير بروز جماعة مدرسة تونس في الرسم اذ كان يضم جلسات ولقاءات زبير التركي وعمار فرحات وعبد العزيز القرجي وعلي بلاغة والصوفي والكاتبة درة بوزيد..
الشاب مراد الغربي انطلق عمله بدار زمان بتقديم معرض كبير لمجمل أعمال الفنان التشكيلي المبدع الهادي فنينة حيث كانت المناسبة ملائمة لضيوف وزوار الفضاء للاستمتاع بجمال البحر وسحر وشموخ البرج وبذخ الموسيقى الرائقة.. وللإطلاع على حيز من تجربة مهمة لفنان اختزل سحر وعمق وتراث مدينة الحمامات ليبثها شيئا من توهجه التشكيلي والابداعي..
دار زمان مكان يسعى لاستعادة ما هو تقليدي من حيث الديكور والتصميم والاعداد الجمالي الأخّاذ الذي يمكن للسائح ان يرى ويكتشف من خلاله شيئا من عراقة واصالة الحمامات..
الفضاء سوف يتسع في كل مرة لتجارب اخرى وفي مختلف الفنون والأجناس الفنية والثقافية خصوصا في مساءات الصيف وليالي رمضان المبارك.. فسحة اخرى في سياقاتها السياحية والثقافية تتطلب الدعم والتسهيل من الأوساط والسلط الجهوية بنابل بما يعزز من دعم السياحة الثقافية ضمن صورة تونس متعددة الأبعاد وفي مساحات الجدلية بين الأصالة والمعاصرة.. هكذا اذن ينطلق الفضاء في عناقه الجميل لأعمال فنية في غاية الجمال والوله الحمامي للمبدع عم الهادي فنينة.