...عبد الجليل الدايخي هو هذا الطفل القادم من ربوع الشمال الغربي تلك المناطق الآهلة بالطيبة رغم الفقر وهلاك الأحوال... يأخذنا في رحلة شيقة الى مساءات فيينا...
يتوقّف بنا عند محطّة مفصليّة في حياته لينقل الينا هواجسه وشيئا من أحلامه المتكسّرة على صخرة الواقع المؤلم...
في تلوين فنّي جميل يأخذنا صاحب الرواية إلى أجواء فيينا... هذه الساحرة المفعمة بالتفاصيل ضمن تقاليد الأمكنة وأجوائها المأخوذة بسحر الثقافة والفن والعلاقات والتقاليد و... و...
مساءات فيينا لها طعمها الخاص... لذلك هي تتجدّد كل يوم وإن بأشخاص آخرين.... المهمّ ان تتواصل الحكاية ففي تواصلها واستمراريتها... تعبير عن حضور زمكاني وجداني من خلاله تبرز شساعة الفضاء الرّوائي ولذلك يبدأ كل جزء من هذا العمل الرّوائي بوصف للأجواء الحافة بالمساء خارج المقهى ليأخذنا بعد ذلك فيما يشبه الترافلينغ داخل المقهى لتتواصل الفصول الأخرى من الحكاية حيث يكون الراوي الذي يساعد الراوية وهي سيدة فيينا...
الكتابة متعة لا تضاهى، تحملنا طوعا وكرها إلى عوالم نحاولها ونحاورها في ضروب من الدهشة البكر حيث السؤال مآل..هكذا هو فعل الكتابة تمجيد للذات في عنفوان بهائها وهي تتقصد امكنتها الملائمة نحتا للقيمة وقولا بالبراءة الاولى..والسرد لون من الكتابة اخاذ بما يضفيه على اللحظة من سحر وجمال وحنين وارباك وانتظار..
تمضي مع النص فيأخذك إلى غبطته الباذخة عبر منعطفاتها وتجاويفها وأسرارها ومفاجآتها..انها الحكاية وقد تخيّرت لونها وطرائق قولها في النفس..هذه النفس الأمّارة بالأسئلة..أسئلة المحبة والودّ ورغبة الوصول إلى الاخر...والبوح..في هذا المعنى المفتوح على مجد الكتابة، نلج عالما سرديا اقترحه كاتب تونسي شاب اخذته هذه النفس الامارة بالمغامرة إلى ضفة اخرى من ضفاف هذا السفر الانساني المفتوح حيث اقام في ألمانيا بعد ان تقلّصت احلامه في الوطن الأم تونس وتحديدا بفيافي الشمال التي ارهقتها الفاقة واليأس ومشتقات الاحباط..من ربوع سليانة تحديدا هذه المدينة العامرة بالتواريخ والأمجاد كانت الحكاية في براءتها وصدقها ووجدها مفتوحة على الحكايات الكونية الاخرى ومنها حكايات مساءات فيينا..هذا العمل صدر عن منشورات وليدوف للكاتب التونسي وليد سليمان.