اكد رئيس الحكومة حمادي الجبالي ان حق امضاء تسليم البغدادي المحمودي من مشمولات رئيس الحكومة حسب النظام المؤقت للسلط العمومية قائلا «امضائي كان ممارسة لحقي» واضاف «انه تم التشاور بين الرئاسات الثلاث وانه اعلم رئيس الجمهورية بالتسليم ,مشيرا الى ان ليبيا قدمت ضمانات شفاهية وكتابية للحفاظ على السلامة الجسدية للبغدادي ومحاكمته محاكمة عادلة». كما قال الجبالي انه اعلم المرزوقي بالتسليم في رسالة رسمية حسب عنوانه الرسمي وله وثائق تؤكد ذلك واضاف الجبالي اثناء حضوره ان الحكومة سعت في لقاءاتها مع مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي والوزير الاول عبد الرحيم الكيب الى التاكيد على ضمانات التسليم مؤكدا على ان الليبيين اكدوا ان طرابلس مفتوحة لكل الملاحظين وجميع المنظمات الدولية لمراقبة صحة البغدادي مشيرا الى ان تونس ارسلت لجنة تتكون من 6 اعضاء اثنين منهم من رئاسة الحكومة و اثنين من رئاسة الجمهورية و اثنين من المجتمع المدني لزيارة ليبيا وقد قدمت تقريرها للحكومة.
وتوجه باعتذار للشعب الليبي الذي تم اتهامه من قبل بعض الاطراف بانه يفتقر لظروف محاكمة عادلة للبغدادي المحمودي, كما قال رئيس الحكومة حمادي الجبالي انه حتى وان كان هناك خلافات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة فهذا امر طبيعي مشيرا الى اننا «نتدرب على الممارسات الديمقراطية في مؤسساتنا وهذا يدعم تجربتنا في المستقبل».
واضاف «شعبنا يهتم بالدرجة الاولى بالقضايا التي تشغل شبابنا في قضايا التنمية والتشغيل و الصحة نتمنى ان تكون لنا لقاءات اخرى لطرح هذه المواضيع والشعب له الحق في ان يطلب منا ان نهتم اكثر بقضايانا».
كما قال «يجب ان لا نسبق الحسم في قضايا مازالت على طاولة النقاش مثل طلب لائحة لوم وسحب الثقة من الحكومة». من واجب المجلس الاستماع للحكومة ثم يقرر واضاف «قضية تسليم البغدادي المحمودي اخذت حيزا هاما في الشارع التونسي ولا نرى مبررا لتضخيمها وهذه فرصة للتطرق اليها وملف تسليم المحمودي كان سابقا لهذه الحكومة حيث وافقت الحكومة السابقة على التسليم في مناسبتين, في 25 نوفمبر وفي 9 ديسمبر 2011 . وأكد ان تهديدات لتونس كانت من أهم الاسباب الكامنة وراء التسليم.
تواصل الدولة
واعتبر ان التسليم «تواصل للدولة» وقال «نظرنا في الموضوع وعقدنا مجلسا وزاريا في 15 ماي 2012 وكان القرار بالتصويت 23 صوتا مع التسليم صوتين «ضد» واحدا «محتفظ» واشار الى ان كل قرارات مجلس الوزراء تتخذ بالتصويت اما عن التسليم فقال ان الحكومة اوصت بتوفير الضمانات المادية والمعنوية لمحاكمته وفق المعايير الدولية واعتبر ان تسليم البغدادي لمحاكمته يعزز صورة تونس في الداخل والخارج, صورة تونس الثورة باعتبارها دولة قانون ومؤسسات تحترم حقوق الانسان وتلتزم بمعاهداتها و يدعم حق تونس في جلب ومحاكمة الفارين من العدالة التونسية.
واضاف ان المؤسسات التي اوكل اليها تقدير المصلحة من سرعة الى تاخير التسليم هي مؤسسات قائمة واقرت وبالاجماع دون اختلاف مع الحكومة ان استمرار وجود البغدادي في تونس اصبح يمثل خطرا على تونس وقد يضر بمصالحنا الاستراتيجية ولا يمكننا حماية شخص مطلوب للعدالة في ليبيا لجرائم من الحجم الثقيل اخلاقيا .
واعتبر ان «هذا الرجل مطلوب في جرائم اغتصاب عديدة واختلاس اموال طائلة أتى بها الى تونس مشيرا الى ان المؤسسات الامنية والعسكرية هي المؤهلة لتحديد الظرف للتسليم وشدد على خطورة التساهل في النيل من هاتين المؤسستين فضلا عن اقحامهما في التجاذبات السياسية وقال «اجدد تقديري وثقتي في هاتين المؤسستين». واضاف «لا يليق بنا ان نتهم اخواننا في الحكومة والشعب و الثورة الليبية, هذا الشعب الذي قام بثورة وتخلص من ديكتاتور نتهمهم بالتهاون والتقصير في حقوق الانسان وادعو الجميع بالتحلي بكثير من التواضع والنأي بانفسنا عن المزايدة عليهم في حقوق الانسان وهناك اطراف دولية قدمت شهادات ايجابية لليبيا في هذا المجال».
التنازع بين السلطات
اما عن الأسس والاجراءات القانونية في التسليم فقد اعتبر انها استندت في تنفيذ قرار التسليم بموجب امر تم توقيعه من رئيس الحكومة يوم 22 جوان 2012 الى العديد من الاسس القانونية اهمها ان السلطات الليبية تقدمت بطلب لتسليم البغدادي في مناسبتين وذلك في 12 اكتوبر 2011 على اساس وجود تتبعات قضائية ضده في فساد مالي وفي المناسبة الثانية في 20 نوفمبر 2011 مشيرا الى وجود تتبعات في ليبيا من بينها تكوين عصابات و الحجز والاختطاف وبناء على ذلك تعهد القضاء التونسي بالمطلبين. بعد ان ثبت للقضاء ان طلب التسليم جاء بدافع جرائم حق عام وليست قضايا سياسية وتعهدت السلطات الليبية بضمان محاكمة نزيهة ومستقلة .مشيرا الى اتفاقية التعاون القضائي بين تونس وليبيا في 1991.
واكد الجبالي انه لا خلاف حول مبدا التسليم لكن القضية الاساسية هي في الضمانات اما عن شكل التسليم قال انه كان بتلك الطريقة لظروف امنية اما عن التنازع بين السلطات يمكن للمجلس التاسيسي البت فيها واذا كان تسليم البغدادي يندرج في اطار السياسة الخارجية فقد حصل اعلامه واقر الرئيس بمبدإ التسليم ولم يكن هناك خلاف. واشار الى ان التنازع اعطى صورة سيئة لتونس واكد ان ابجديات السياسة ان لا تكون لنا مشاكل مع جيراننا.
ابتسامة رئيس الحكومة الغائبة
بعد كلمة رئيس الحكومة قال عبد الرؤوف العيادي رئيس كتلة الوفاء للثورة ان التسليم حصل والجلسة العامة لن تكون الا مساءلة ودعا رئيس الحكومة الى التخلص من الخطاب القديم في ما يتعلق بصورة تونس وطالبه بتقديم ارشيف العلاقة مع اسرائيل كما قال ان القضاة المتورطين مع النظام السابق يبيعون املاكهم للهروب من المحاسبة ..اما محمد الحامدي رئيس الكتلة الديمقراطية فقال انه من غير المعقول ان لا يعلم رئيس الجمهورية.
واشار الى ان بعض الاطراف قالت انه لايمكن الاتصال بالرئيس حينها اما المولدي الرياحي رئيس كتلة التكتل فقال انه كان من الاجدر القيام بلقاء صحفي لتوضيح الامر بعد التسليم مباشرة لتجنب كل الاشكالات ..اما الصحبي عتيق رئيس كتلة حركة النهضة فقال ان القضية ليس فيها لابعد حقوقي ولا سياسي بل هي قضايا اغتصاب وقتل واشار الى انه كان من الاجدر ان يعلم رئيس الجمهورية في الابان بالتسليم .اما النائب نجيب حسني المستقل فقال انه يجدر مساءلة الحكومة اذا تم المس بالبغدادي اما مهدي بن غربية فقال انه من هيبة الدولة ان لا يصرح وزراء من الحكومة بإمكانية الصفقة مشيرا الى انه من غير المعقول ان يكون هاتف رئيس الجمهورية خارج نطاق الخدمة اثناء التسليم وان يعلن عن خطاب ويلغيه بتعلة انه توجد مقابلة كرة قدم في نفس الوقت.
اما نائب التاسيسي عن حركة الشعب مراد العمدوني فاشار الى غياب الابتسامة المعهودة لرئيس الحكومة معتبرا ذلك شعورا بالذنب .اما النائب عن الحزب الديمقراطي التقدمي عصام الشابي فقال ان القول بان ليبيا في وضع امني مضطرب ليس «حقرة» لليبيا واشار الى ان التجاذبات بين الرئاسات ضحيتها الشعب التونسي
هوامش
طالب نائب المجلس التاسيسي احمد ابراهيم بالوقوف دقيقة صمت على البحار الذي قتلته السلطات الليبية وقال انه تمنى ان يذكر رئيس الحكومة هذا المواطن التونسي في خطابه لكن رئيس المجلس مصطفى بن جعفر رفض ذلك وهو ما وتر الجو العام لقاعة الجلسة ودفع عددا من النواب للوقوف دقيقة صمت دون اذن منه.