تمسك ممثل النيابة العسكرية بطلب إنزال العقوبات المشددة والعقاب المستوجب قانونا سواء على الفاعل الاصلي أو الشريك وكان ذلك خلال مرافعته أمس في قضية شهداء وجرحى اقليمتونس الكبرى و 5 ولايات أخرى المنشورة أمام الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية العسكرية الدائمة بتونس. خصصت أمس الجلسة الصباحية لمرافعة ممثل النيابة العسكرية الذي استهلّها بآية قرآنية وترحم على أرواح الشهداء وقد تمحورت مرافعته حول سرد الوقائع والتعريف القانوني للفاعل الاصلي والشريك وكذلك الشريك السلبي في عمليات القتل العمد.
حمل ممثل النيابة العسكرية مسؤولية الأحداث الدامية التي عاشتها البلاد خلال الفترة المتراوحة بين 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011 إلى الرئيس السابق بن علي إذ رغم علمه بسقوط الضحايا بالرصاص الحي لم يعر الأمر اهتماما بل واصل الاستمتاع برحلته مع أفراد عائلته بدبي ولم يضع حدّا لها، وأضاف أنه وعند رجوعه إلى تونس لم يفكر في مراجعة الأوضاع من خلال الاتصال أو الانصات للمواطنين لتجاوز الأزمة بل كان اهتمامه بإبنه وعائلته.
واتجهت نيته إلى قمع المتظاهرين «بكل حزم» حتى يبقى وحده الآمر والناهي ولا يد غير يده وقال إن الرئيس السابق أمر باستعمال الذخيرة الحية حتى لا تستفحل الامور مستبيحا دماء التونسيين في سبيل البقاء في كرسي السلطة وخير إخماد الحركة الاحتجاجية لتحقيق مآرب سياسية متوعدا المحتجين بالتصدي لهم بالقوة وأعطى تعليماته باستعمال الرصاص الحي رغم علمه بأنه سيؤدي حتما إلى إزهاق الأرواح وإجهاض الحركة الاحتجاجية.
منطلق خلية الأزمة
قال ممثل النيابة العسكرية ان الرئيس السابق بعث خلية أزمة صلب وزارة الداخلية يشرف عليها رفيق الحاج قاسم ويترأسها عادل التويري كما تضمنت الكوادر الأمنية كجلال بودريقة ومحمد الأمين العابد والعربي الكريمي وعلي منصور والشاذلي الساحلي ثم التحق بهم علي السرياطي الذي كلف بالتنسيق بين أجهزة الامن وأصبح حلقة الربط بين بن علي وخلية الأزمة وكانت التعليمات تمر يوميا عبر الهواتف الجوالة دون المرور بقاعة العمليات حتى لا يترك أي أثر للمكالمات حسب قوله. وقال إن الكوادر بخلية الأزمة انصاعت إلى رغبات وتعليمات الرئيس السابق رغم علمها بسقوط ضحايا ولم تحرك ساكنا ولم تأذن بوقف إطلاق النار.
وأشار إلى أنه لم تقع مساءلة أي عون أمن كما لم تخضع أية واقعة للتحري وتوجه إلى المحكمة بالسؤال التالي : «ماهي المسؤولية الجزائية التي يمكن أن يتحملوها؟».
وأوضح ممثل النيابة العسكرية أنه وحسب القانون الأساسي المتعلق بقوات الأمن الداخلي فإن الرئيس بن علي هو الآمر الأول والمسؤول الأول عن تصرفات وتجاوزات قوات الأمن الداخلي.
المشروع الاجرامي لبن علي
وجه ممثل النيابة العسكرية أصابع الاتهام إلى الرئيس السابق بن علي وقال إنه وبالرجوع إلى وقائع القضية تبين أن بن علي سواء خلال خطاباته أو تعليماته كانت له نية واضحة في التأثير على إرادة أجهزة الأمن قصد التصدي بكل حزم للمتظاهرين وقتل ما أمكن منهم وذلك لتنفيذ مشروعه الاجرامي على حد قوله.
وتنفيذا لتعليماته أزهقت الأرواح وهو ما اعتبره تجاوزا لنفوذه وتأييدا لضلوعه في جرائم القتل التي تعززت بخطابيه يومي 28 ديسمبر 2010 و 13 جانفي 2011 واعتمادا على شهادة علي السرياطي وأحمد فريعة والمتضررين وكذلك المحجوز.
وأضاف ممثل النيابة العسكرية أن المتهم رفيق الحاج قاسم واصل الاشراف على خلية الأزمة بعد أن أذن بتوفير التعزيزات الأمنية ولم يصدر تعليمات بإيقاف اطلاق الرصاص الحي رغم أن صلاحياته تسمح له بذلك.
وثبت أن كل من عادل التويري ولطفي الزواوي ومحمد الأمين العابد ومحمد الزيتوني شرف الدين كانوا أعضاء قارين بخلية الأزمة وأصدروا التعليمات بواسطة الهواتف الجوالة ولم يصدروا تعليماتهم لإيقاف الرصاص الحي، وشاركهم في ذلك علي السرياطي الذي أسدى التعليمات دون أن تكون له صلاحيات في ذلك وقال إنه كان يرفع التقارير اليومية لبن علي ورغم علاقاته بعديد القيادات لم يتدخل لايقاف سفك الدماء وذلك في سبيل الحفاظ على نظام بن علي وهو ما يجعله مشاركا في الجريمة.
وأضاف ممثل النيابة العسكرية أنه وفي إطار السياسة الأمنية عمد بعض أعوان الأجهزة الأمنية إلى استعمال السلاح دون مراعاة القوانين ولاحظ أن قوات الأمن لم تنخرط جميعا في المشروع الاجرامي لبن علي حيث أثبتت التحريات في قضية الحال أن البعض حكموا ضمائرهم وغادروا مقرات عملهم حتى لا يضطروا لاطلاق النار على المواطنين العزل وقال إن الرئيس السابق حول مفهوم الشرطة إلى القوة وطوع الكوادر الأمنية لخدمة سلطاته وتنفيذ مخططاته الاجرامية.
استئناف الأبحاث ممكن
تعليقا على ما جاء بمرافعات القائمين بالحق الشخصي بخصوص نقص الاستقراءات في ملف قضية الحالة أبدى ممثل النيابة العسكرية استعداده وحرصه على استكمال الابحاث كلما ظهرت أدلة جديدة وتعهد باستئنافها كلما دعته الحاجة.
وأوضح أنه لا يمكن الآن قانونا إرجاع الملف إلى النيابة من الدائرة الجنائية حسب طلبات القائمين بالحق الشخصي بل هي مطالبة بالبت فيه بعد ان تعهدت به وقال إنه كان بإمكانهم مطالبة دائرة الاتهام بذلك.
وبخصوص عدم ادخال أطراف أخرى في القضية من طرف النيابة العسكرية قال إن الأمر لا يستقيم قانونا. وقال مخاطبا هيئة المحكمة : احكموا بالحق والعدل والقانون فلا سلطان على المحكمة إلا القانون مؤكدا أنه إذا لم تنجح المحاسبة فستفشل المصالحة وفوض لها النظر بخصوص الدعوى المدنية.