من هم هؤلاء الذين باسم الثورة يتحدثون وبإسم الثورة يتموقعون وباسمها يتبجحون، وفي عنقها يتأرجحون وبها يلعبون ويشطون وبها يهرولون تارة وأخرى عليها يركبون (حدرة وصعدة)؟ وهل لهم علاقة أو قرابة بالثورة؟ وهل يوجد بينهم ولو واحد أحد لا أقول يحمل جرحا وإنما مجرد خدش أو حتى مجرد بقايا رائحة الأكريموجان من تلك الأيام العصيبة؟ وهل يوجد بينهم من قدمت عائلته لا أقول شهيدا وإنما جريحا في سبيل الوطن الثائر؟ وأين هم الثوار الذين عروا صدورهم للرصاص الحي ورؤوسهم مرفوعة مشرئبة متطلعة الى الحرية والكرامة والانعتاق واستشهد منهم من استشهد وجرح من جرح ونجا منهم من نجا من رصاص القنص ليجد نفسه سجين الاقصاء و«الحقرة».
أيهما الأولى بالحديث، باسم الثورة، الثوّار الذين يستمدون شرعيتهم من الثورة أم هؤلاء الذين يستمدون شرعيتهم من صندوق الحلوى الانتخابي أم من علب المعارضة الفارغة؟
من هم هؤلاء وأولئك المتحدثون باسم الثورة بعدما شبعوا من ولائم العزاء في الشهداء هنيئا وشربوا من دماء الجرحى مريئا وغسلوا أياديهم وقلبوا الصحون واستباحوا الجلوس على الوطن سجادا تحت أردافهم وأرجلهم؟
هل هم مقاولو الثورة كما يزعمون والثوار عندهم مجرد حضيرة ظرفية انتهت مهامهم بانتهاء الأشغال وأجرهم على اللّه وفي بعض الأحيان على الميزانية الاضافية في باب الحضائر الظرفية وعلى أهل البر والاحسان من الأصدقاء والأشقاء؟ أم هم بكل بساطة تلك الثعابين التي «لا تحفر ولا تبات البرّة» ولا تجابه من يقترب الى جحرها المفكوك إلا بالسموم؟ أوليس كلهم يزحفون زحف الثعابين ويلتفون التفافها وينزعون أثوابهم انتزاعها لأثوابها. ويتموقعون في غير موقعهم تموقعها في غير موقعها؟ أو ليس معضلتنا الكبرى في انهم «كوبرا»؟ ماذا لو كانت الثورة امرأة وترى وتسمع ما نسمع ونرى وعلمت ما علمنا أن المؤسسين لدولتها زادوا في أجورهم قبل أن يضعوا حجر الأساس، هل كانت تحيلهم على العدالة بتهمة انتحال شخصية ثائر أم تحرق نفسها؟ لا أطلب منك جوابا وإنما أن تقول معي «مسكينة الثورة».