أكدت لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور أمس خلال اجتماعها بوفد من وزارة الدفاع على ضرورة التنصيص على حياد المؤسسة العسكرية وعدم انخراطها في العمل السياسي في الدستور فيما ظل موضوع القضاء العسكري محل جدل بين النواب بين من يدعو الى الغائه ومن يعتبره مكونا من مكونات القضاء التونسي بصفة عامة. وقدم العميد جمال بوجاه مدير الشؤون القانونية والنزاعات في وزارة الدفاع الوطني في كلمته أمام اللجنة تصور وزارة الدفاع الوطني حول كيفية التنصيص على حياد المؤسسة العسكرية والمهام المنوطة بعهدتها وضرورة ابعادها عن المجال السياسي لتكون طرفا محايدا في التداول السلمي على السلطة.
وطالب العميد باحداث المجلس الأعلى للدفاع والأمن كما اقترح ان تتم دسترة الخدمة الوطنية باعتبارها واجبا وطنيا مقدسا الى جانب اعتبار الجيش جمهوريا وملزما بالحفاظ على النظام العام.
ومن جهته قام المقدم منير عبد النبي مساعد وكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري بتقديم أبرز الاصلاحات التي تم ادخالها على القضاء العسكري مطالبا بإدراج القضاء العسكري صمن السلطات القضائية التي سيتم التنصيص عليها في الدستور الجديد.
الحياد والأجور والتهميش
واستمع ممثلا وزارة الدفاع الى أسئلة النواب التي كانت كثيرة وتطرقت الى عديد المجالات حيث تساءل النواب عن مستوى الاجور خاصة في الرتب الدنيا بالنسبة للعسكريين وتساءلوا عن مدى امكانية مراجعتها لضمان استقلالية العسكريين ولضمان كرامتهم خاصة في ظل غلاء المعيشة في البلاد.
كما تساءل النواب عن الآليات التي يمكن من خلالها للمجالس النيابية «المجلس التأسيسي حاليا والبرلمان في المستقبل» مراقبة المؤسسة العسكرية، ورأوا انه لابد من التنصيص على حياد المؤسسة العسكرية في الدستور مستفسرين عن تصور وزارة الدفاع للصيغة التي سيتم بها ذلك التنصيص.
وفسر عدد من النواب ومن بينهم أصغر نائب وهو الأستاذ فؤاد ثامر ضرورة التنصيص على حياد تلك المؤسسة بأنه يعود الى التخوف من توظيفها سياسيا، لكنه أشار أيضا الى انه في عديد الدول المتقدمة لا يتم التنصيص على حياد المؤسسة العسكرية في الدستور وانما في قوانين اخرى مثل أمريكا معتبرا انه يمكن البحث عن صيغ اخرى لتحقيق الهدف المرجو دون الالتجاء الى ذلك في الدستور الذي هو دستور دولة مدنية وليست عسكرية.
وفي الاتجاه ذاته تساءل الاستاذ عبد المجيد النجار حول ما اذا كان التنصيص على حياد المؤسسة العسكرية في الدستور تقوية لها وقطع مع التهميش الذي عانت منه لسنوات، كما تساءل عن مدى امكانية التنصيص عن الحد الفاصل بين المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية لتفادي ما قال انه تداخل بينهما.
واثار النجار نقطة أخرى وهي مسألة الشعائر الدينية والنظام او العقيدة العسكرية ليتساءل عن العلاقة بينهما وهل انه هناك تضارب بينهما وهو السؤال الذي دعمه فيه الاستاذ رفيق التليلي الذي أثار ايضا قضية الظروف القاسية داخل الثكنات وعن امكانية تحسين تلك الظروف خاصة في النقاط الحدودية التي تتطلب نجاعة اكبر وظروفا مريحة ليكون جنودنا أكثر قدرة على حماية البلاد من المخاطر التي تواجهها.
وطالب التليلي ايضا بتوضيح حول ما اذا كانت معاداة الكيان الصهيوني تدخل ضمن عقيدة الجيش الوطني خاصة وان اللجان في المجلس التأسيسي ستناقش قريبا مسألة مناهضة التطبيع مع الكيان المحتل.
وبالنسبة لمحاكمات قتلة الشهداء التي تجري في القضاء العسكري تساءل التليلي وعدد من أعضاء اللجنة عن مدى امكانية بث تلك المحاكمات ليعلم الشعب من قتل ابناءه خاصة مع التشكيات التي تصدر عن المحامين الذين يترافعون في تلك القضايا.
ومن جهة اخرى اعتبر الاستاذ جمال بوجاه ان الاراضي العسكرية اتسعت وتساءل عن مدى امكانية تفريط المؤسسة العسكرية في بعض الاراضي الى المستثمرين، فيما تساءل الاستاذ الصحبي عتيق رئيس اللجنة عن أسباب تباعد الرتب عن بعضها ومدى تأثير ذلك على العلاقة بين مختلف مكونات المؤسسة العسكرية الى جانب استفساره عن أسباب البعد عن الشعب أو الانعزال عنه.
كما تساءل عتيق عمن يحكم الجيش في ظل كون الرئيس هو القائد الاعلى للقوات المسلحة في حين ان وزير الدفاع هو عضو في الحكومة ويجتمع معها والى من يخضع الجيش في ظل النظام البرلماني.
ومن جهته طالب الأستاذ الصادق شورو الجيش بالاعتذار عن المحاكمات التي قامت بها المحاكم العسكرية للسياسيين زمن بن علي وبورقيبة لكن هنا قاطعه الاستاذ الصحبي عتيق ليقول له ان رئيس الجمهورية الذي هو القائد الاعلى للقوات المسلحة كان قد اعتذر للشعب التونسي.
عقيدة الجيش
وعلى صعيد متصل اعتبر الاستاذ عبد الرؤوف العيادي انه يجب الغاء القضاء العسكري الذي قال انه ارث استعماري اختار بورقيبة المحافظة عليه لضرب خصومه من اليوسفيين ثم حافظ عليه بن علي ايضا لضرب خصومه السياسيين، كما اعتبر ان المحاكمات التي يشرف عليها القضاء العسكري اليوم يمكن تلخيصها في ان الادارة القديمة تحاكم جزءا منها مطالبا بإلغاء القضاء العسكري.
وفي رده على أسئلة النواب قال العميد جمال بوجاه انه سيجيب في ما عهد اليه التحدث فيه وانه ليس مخولا للرد على الأسئلة التي تخرج عن نطاق مهمته وهنا اعتبر انه في باب اقامة العسكريين انه هناك العديد من النقائص ويحاول ديوان المباني العسكرية تفاديها.
وحول مسالة معاداة الكيان الصهيوني قال ان عقيدة الجيش لا يمكن ان تقول «معاداة اسرائيل» بل معاداة كل عدو لتونس مشيرا الى ان معاداة اسرائيل هي موقف سياسي ويعود اتخاذه الى السياسيين.
المقدم منير عبد النبي ل«الشروق» : لم يعد هناك مبرر لعدم ادراج القضاء العسكري في الدستور
تونس «الشروق» قال المقدم منير عبد النبي مساعد وكيل الدولة العام مدير القضاء العسكري في تصريح ل«الشروق» ان المؤسسة العسكرية تريد ان يتم التنصيص في الدستور على القضاء العسكري باعتبار انه ضلع من اضلع القضاء التونسي متخصص في المحاكم العسكرية.
واشار الى ان الغاية من الحضور في اللجنة امس هي تقديم الاصلاحات الاخيرة التي ادخلت على القضاء العسكري والمطالبة بادراجه ضمن السلطة القضائية في الدستور «لم يعد هناك أي سبب لعدم ذكر القضاء العسكري في الدستور فذلك تجاوزته المرحلة».
في اطار التناصف : دعوة الى فرض الخدمة العسكرية على الإناث
دعا الأستاذ احمد المشرقي عضو لجنة التوطئة خلال جلسة الاستماع الى ممثلي وزارة الدفاع أمس إلى فرض الخدمة العسكرية على الإناث تكريسا لمبدإ التناصف. وفي تعليقه على هذا الاقتراح أوضح العميد جمال بوجاه أن الخدمة العسكرية مرتبطة بأمور مادية والإمكانيات لا تسمح اليوم بفرضها على الإناث.
العميد جمال بوجاه ل«الشروق» : نطالب بالتنصيص على حياد الجيش ومبادئه الأساسية
اعتبر العميد جمال بوجاه مدير الشؤون القانونية والنزاعات بوزارة الدفاع الوطني انه لابد من التنصيص على دور ومهام الجيش الوطني في الدستور والمبادئ الأساسية التي تقوم عليها المؤسسة العسكرية.
ومن ابرز المبادئ التي يراها ممثل الوزارة الذي التقى امس بأعضاء لجنة التوطئة في المجلس الوطني التأسيسي هي حياد المؤسسة العسكرية وعدم ادخالها في التداول على السلطة أي عدم ادخال المؤسسة العسكرية في الصراع بين الاطراف السياسية على السلطة لتكون المؤسسة العسكرية في خدمة الجميع ومحايدة في تلك المعارك المدنية.
وفي مسألة الأراضي العسكرية قال انه ليست هناك اراض عسكرية وانما هي أراض على ملك الدولة مخصصة للجيش وانه عندما تحتاجها الدولة تعيدها المؤسسة العسكرية اليها، وفي موضوع الحياد قال «نحن نطالب بالحياد وعدم ادخال الجيش في الانتخابات» أي عدم اقحام المؤسسة العسكرية في الصراعات السياسية. كما اشار العميد جمال بوجاه الى ان مسالة الرتب هي من نواميس الجيش وليس فيها تفرقة بين مكوناته فيما أشار الى ان المؤسسة العسكرية بعيدة عن الشعب فعلا «لأنه لا يعرفنا لكننا نعرفه».
وتابع بخصوص القائد الاعلى للقوات المسلحة والعلاقة بين الحكومة والرئيس والجيش قائلا «هذا شأنكم حيث سيكون وفق طبيعة النظام التي ستختارونها». ومن جانبه قال المقدم منير عبد النبي «لقد قمنا بإصلاحات كثيرة على القضاء العسكري والقضايا الأخيرة (قضايا الشهداء) هي مجال نظر أمام محكمة التعقيب وبالتالي لا يمكن التطرق الى جزئياتها» موضحا ان تلك القضايا تعهدها القضاء العسكري بعد اربعة اشهر من تعهد القضاء العدلي بها.
واضاف «الاصلاح كان جذريا وايدينا تبقى مفتوحة لمزيد الاصلاح وقلنا ان القضاء العسكري استعمل لضرب الاعداء السياسيين لكن الاصلاحات التي قمنا بها أشادت بها أغلب المنظمات الحقوقية، أما بالنسبة للعلنية فكل المحاكمات كانت علنية ويحضرها الصحفيون والمتضررون والحقوقيون وغيرهم والمحاكمات باطلة اذا لم تكن علنية». الصحبي عتيق ل«الشروق» : نسعى الى التنصيص على مهام المؤسسة العسكرية وحيادها قال الأستاذ الصحبي عتيق رئيس لجنة التوطئة والمبادئ الأساسية وتعديل الدستور ان اللجنة استدعت ممثلين عن وزارة الدفاع للاستعانة برأيهم حول فصول في المبادئ العامة للدستور تتناول المبادئ والمقومات الاساسية للمؤسسة العسكرية والمهام المنوطة بعهدتها والحياد عن الانخراط في العمل السياسي. واشار الصحبي عتيق الى ان اللجنة اهتمت اكثر بالقضايا التي تهم الفصول العامة وان التفاصيل ستضمن في قوانين خاصة بها.