دعت منظمة هيومن رايتس واتش الامريكية بصورة مفاجئة السلطات التونسية الى « إصلاح تشريعاتها الداخلية بما يحد من اختصاص المحاكم العسكرية في الجرائم ذات الطبيعة العسكرية البحتة فقط. وعملا بالقانون التونسي، تتمتع المحاكم العسكرية أيضا بصلاحية النظر في الجرائم التي ترتكبها قوات الأمن». واعتبرت المنظمة التي اهتمت لأول مرة بمحاكمة مسؤولي النظام السابق، رغم ما سجل من تجاوزات في عهد حكومتي محمد الغنوشي والباجي قايد السبسي «هذا الاختصاص الواسع يتناقض مع أحد المعايير الأساسية في القانون الدولي والمتمثلة في محاكمة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان أمام المحاكم المدنية». مشيرة الى ما وصفته ب«تزايد عدد هيئات مراقبة حقوق الإنسان التي تحث الدول على محاكمة الأشخاص العسكريين المتهمين بانتهاك حقوق الإنسان أمام القضاء المدني».
وحول الصعوبات التي تواجه القضاء العسكري في توجيه الإدانة للمسؤولين الأمنيين أوضحت المنظمة الامريكية ان «المجلة الجزائية التونسية تفتقر إلى النصوص التي تحتاج إليها مثل هذه القضايا، فهي لا تنص على مفهوم مسؤولية القيادة الذي يعترف به القانون الدولي والذي يُحمل القادة وكبار المسؤولين المدنيين مسؤولية الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم إذا كانوا على علم بوقوعها، أو يفترض أن يكونوا قد علموا بها، بسبب الظروف السائدة في ذلك الحين، دون أن يمنعوا وقوعها ويحاسبوا المسؤولين على ارتكابها.
وعملا بالقانون التونسي، يتعين على الادعاء العام إثبات أن الشخص القيادي كان على علم بالجريمة وأصدر تعليمات لارتكابها حتى يتم الإقرار بمشاركته فيها. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على تونس إدماج مفهوم مسؤولية القيادة في تشريعاتها الداخلية».
وأشارت هيومن رايتس ووتش الى الإصلاحات المدخلة على القضاء العسكري «من خلال تمكين الضحايا من رفع دعاوى، والمطالبة بتعويضات، وتوكيل من ينوبهم أمام المحاكم العسكرية. كما أنشأت الإصلاحات محكمة الاستئناف العسكري التي يحق لها إعادة المحاكمة اعتمادًا على القانون والوقائع.
ولكن مازال وزير الدفاع يترأس المجلس الأعلى للقضاة العسكريين الذي يُشرف على تعيين وترقية وتأديب وفصل القضاة العسكريين، وهو ما يثير شكوك حول استقلالية المحاكم العسكرية.»
وكانت ليلى الطرابلسي أكدت في كتابها انها راسلت المنظمات الحقوقية للتدخل بخصوص ظروف إيقاف أفراد من عائلتها دون أن تتلقى إشارة إيجابية منها. فهل هي بوادر تغير في مواقف هذه المنظمات؟ ومن يقف وراء ذلك؟.