وقفنا مؤخرا على ظاهرة غريبة في الرياضة التونسية وبصفة خاصة في كرة القدم وتتمثل في الحضور القوي لأولياء اللاعبين في حياة أبنائهم حتى أنهم أصبحوا يملؤون صفحات الجرائد وكسبوا شهرة تضاهي تلك التي ينعم بها الأبناء كما هو الشأن بالنسبة إلى السادة المنجي ورشيد والمنذر ومحمد الحبيب.. وهم على التوالي أولياء أسامة الدراجي ونور حضرية ويوسف وإيهاب المساكني ووجدي بوعلاق. ندرك جيدا أن ولي اللاعب يتمنى أن يرتقي ابنه إلى أعلى المراتب ويتوج بأهم الألقاب بل انه قد يحلم بأن يقطف لابنه القمر لو استطاع إلى ذلك سبيلا ولكنه يجهل في المقابل أن التدخل المطلق في قرارات وتصرفات ابنه قد تنجر عنها نتائج عكسية تعصف بمستقبل ابنه وخير دليل وأكبر برهان على ذلك ما فعله السيد رضا بالرابح والد المهاجم الشاب للنادي الافريقي حسام الدين بالرابح عندما دبر أمر «هروبه» إلى قطر بحثا عن البترو دولار لكنه عاد أدراجه بخفي حنين قبل أن يختار بأمر من والده أيضا عالم المجهول ويشد الرحال إلى البرتغال ولا أحد يعرف أي مستقبل لهذه الموهبة التي ولدت داخل أسوار الحديقة «أ» والتي قد لا تثمر مطلقا؟
ومن جهته كاد المنجي الدراجي أن يحطم مستقبل ابنه أسامة حيث قام بإلغاء دوره في «تقرير مصيره» وأصبح الدراجي يعيش في جلباب والده الذي كان في حاجة إلى أن يسانده والده ويرشده إلى الطريق الصحيح لا أن يزج به في «حرب» خاسرة مع هيئة المدب التي ضربت بقوة وجعلت نجمه يأفل في لمح البصر بل انها عمقت جراحه مؤخرا بإعلانها عن المليارات التي لهفتها من صفقة تفريطها في زميله السابق في الترجي يوسف المساكني.
كل التجارب أثبتت أنه كلما أصبح الأولياء يصنعون القرارات بدل أبنائهم في ميدان الرياضة عادة ما تعود عليهم بالوبال إذ لا أحد منا بإمكانه نسيان ما حدث بين جامعة الجمباز ووالد وجدي بوعلاق وهو السيد محمد الحبيب ولن نغفل أيضا عن الاعترافات الصادمة التي صدرت عن «صبي لاس فيغاس» أندري أغاسي أحد أشهر لاعبي التنس في العالم عندما قال ان والده (وهو ملاكم سابق) أجبره على ممارسة التنس التي لم يكن يعشقها مما اضطره إلى استهلاك مواد مخدرة أثناء مشواره الرياضي لأنه لم يقدر على التخلص من مخلفات تلك السيطرة التي فرضها عليه والده في فترة الطفولة.
ومن جهته أثبت المنذر المساكني أنه لا يمتلك فقط مهارات المراوغة والقدرة الفائقة على تجاوز المنافسين وتسجيل الأهداف مثلما كان يفعل عندما كان لاعبا ولكنه يجيد أيضا مهارات التسويق حتى أنه لا يفوت فرصة واحدة إلا ويأتي فيها بكل عبارات الثناء بخصوص موهبة يوسف وإيهاب بل إنه بدأ منذ فترة التعريف بالموهبة الكروية الثالثة في عائلة المساكني وهو ابنه الصغير عزيز.. ولا يعرف أن المليارات قد تحترق في لحظة وتتحول لا قدر الله إلى نكسات..