«الزواج العرفي» أو «الجنس الحلال» كما يسميه البعض ظاهرة أصبحت واضحة المعالم في بعض الأوساط الاجتماعية والطلابية... لكنها تنتشر صيفا حسبما أكد لنا الدكتور الحبيب تريعة الدكتور في علم النفس والدكتور في علم الاجتماع مع عودة بعض أبناء الجالية بالخارج. «الشروق» فتحت موضوع الزواج العرفي في تونس وحاولت معرفة أبرز الأسباب وكيفية انتشاره. بداية الحديث كانت مع بعض الطلبة من جامعة منوبة حيث أكد عدد منهم وجود «أصدقاء» تزوّجوا عرفيا. وأن أغلبهم هم من الطلبة الذين ربطتهم علاقات صداقة حميمة لا يقدرون على تتويجها بالزواج بسبب الظروف الاجتماعية وحملهم للقب «طالب» لا عامل... وأضافت ان بعض الأوساط المتدينة تقوم بنشر ثقافة الجنس الحلال والزواج العرفي.
طلبة وأغنياء
أكد الأستاذ جمال الدين بوغلاب خلال تصريح له بإذاعة «شمس أف.آم» انتشار ظاهرة الزواج العرفي بالجامعات التونسية. وأضاف انه وعلى اثر الاحصاء الذي تم اجراؤه على 6 جامعات أن عدد حالات الزواج العرفي قد بلغ 200 حالة. وفسّر ان هذا الزواج هو زواج على غير الصيغ القانونية.
من جهة ثانية تحدثت لنا منيرة (متخرجة) من سكان حي التضامن ان ظاهرة الزواج العرفي كانت منتشرة بالأحياء الفقيرة والشعبية وكانت حلا للكثير للدخول في حياة زوجية حلال دون تكاليف ولا مصاريف.
طالبة أخرى من منوبة تحدثت عن معاناة احدى صديقاتها التي انجرفت الى زواج عرفي مع شخص ميسور وعدها بتحويل الزواج الى عقد شرعي لكن سرعان ما انقلب هذا الصديق وأعلمها انه متزوّج من امرأة فاضلة وأنها بالنسبة اليه مجرد نزوة اشتراها.
كان حديث «الزوج» في لحظة ثمالة لكنها كانت لحظة أيقظت الفتاة من الكابوس الذي وقعت فيه. ويربط بعض المختصين بين انتشار ظاهرة الزواج العرفي وانتشار الفقر وتدني المستوى الثقافي... كما يربطونه بصعود تيار ديني وبروز بعض الجماعات الاسلامية وبردة الفعل على الانضباط و«القانون» الذي كان يسود ويحمي حقوق المرأة التي يعتبرها البعض مسّا من «الحقوق» الذكورية.
أموال وعقود
خلال حديثنا مع الدكتور حبيب تريعة، دكتور في علم النفس ودكتور في علم الاجتماع لاحظ أن الزواج العرفي هو مشكل ليس بالجديد في تونس، لكن الفرق هو أن كثافة هذه الزيجات على خلاف الصيغ القانونية قد تزايدت.
وأضاف أنّ الاشكال تمثل في ابرام بعض الأئمة لهذه العقود رغم مخالفتها للقانون، ورغم أن هذه العقود تقوم بهضم حقوق الأسرة والطفل والمرأة. وأشار الى شهادات من السيدات اللاتي تفطن الى وجود امرأة ثانية في حياة أزواجهن وهن نساء تزوجن من أزواجهن بورقة عرفية... وقال إن الطلاق هو طريق هذه الزيجات وأن أزواجا آخرين دفعوا الكثير للزوجة الأولى لارضائها.
ويقول الدكتور حبيب تريعة ان البعض «يدّعي» أن هذا النوع من الزيجات هو حلّ لظاهرة العنوسة، لكنه يردّ عليهم بأن هؤلاء الأزواج لا يتزوجون من فاقت الثلاثين أو الأربعين فهم يبحثون عن ابنة ال16 سنة أو ابنة الثمانية عشرة سنة. وهم يبحثون بأموالهم عن تعويض شريكة العمر التي «كبرت» ولم تعد تلبي حاجاتهم الجنسية.
وأكد الدكتور حبيب انتشار هذه الظاهرة صيفا ولدى من يمتلكون الأموال، حيث يقبل هؤلاء خلال العطلة الصيفية على البحث عن زوجة شابة وصغيرة... وأشار الى وجود فئة من الأطباء وأصحاب مدارس سياقة السيارات وغيرهم ممّن انخرطوا في هذه الظاهرة والباحثين عن «تجديد» الزوجات. وقال: «هذه الظاهرة متفشية أكثر حتى من ظاهرة المخدّرات... إنها تأشيرة زنا عن طريق الزواج العرفي...».
وأكد محدثنا على السلبيات المحيطة بهذه الظاهرة من تدمير للأسرة وللقيم وللعائلة ولحقوق الأطفال والمرأة والأسرة التونسية. وأشار الى أنه وبعد موضة ظاهرة الزواج العرفي قد يُشرّع هؤلاء «زواج المتعة» وغيره من تأشيرات «الزنا الحلال». ومن جهة ثانية يعتبر الدكتور تريعة أن دخول مثل هذه العادات هو نتيجة لانتشار تيارات وأفكار لأشخاص اعتبروا أن تونس غنيمة ويحاولون تدمير القوانين والمؤسسات.
ويرى بعض الملاحظين أن هذه الظاهرة هي كاسرة لقيم المجتمع التونسي وهاضمة لحقوق المرأة وهي خطوة الى الوراء في اتجاه النزعة الأنانية الذكورية، وتغليب لسلطة المال لتبقى في النهاية الضحية الأولى هي المرأة والأطفال الذين قد تثمرهم مثل هذه العلاقة... اضافة الى أطفال الزوجة الشريكة والأساسية التي قضت على حقهم الطبيعي في وقت ورغبة أبيهم في «نزوة الزنا» بتعلّة شرعية.