«أنا موجود بقدر ما أملك وأستهلك»، هذا شعار التونسي هذه الأيام وهكذا يفكر الكثير من المواطنين، ولكن ماذا عن إحكام التصرف في الميزانية وتدبير النفقات خاصة ونحن على أبواب شهر رمضان والعيد ومناسبات الأفراح والعودة المدرسية والجامعية؟ تونس «الشروق»: أفاد الدكتور في الاقتصاد، فتحي النوري بأن المواطن التونسي مدعو لتحسين سلوكاته خاصة تلك السلوكات المظهرية التي تؤثر في الاستهلاك وغالبا ما ترتكز على عامل نفسي متعدّد الأسباب مثل محاكاة الآخرين باقتناء مواد استهلاكية أو منتجات مماثلة لما يشتريه الصديق أو الأخ أو الأقارب أو من قبيل «البرستيج» أو مكانة الشخص وهو ما يجبره على شراء كميات أكثر من الحاجيات واقتناء منتجات عالية الجودة بأسعار مرتفعة أو التأثر بالدعاية وحملات الاشهار.
ويضيف: «العامل الآخر الذي يؤثر في سلوك المستهلك الشراء العرضي أي المصاريف الطارئة التي تكون ضرورية وغير مخطط لها مثل المرض ومصاريف النجاح». أما في شهر رمضان تبرز سلوكات أخرى تؤثر في الاستهلاك فنسبة نفقات العائلة في هذا الشهر ترتفع بحوالي 8٪ على ما كانت عليه في الأيام العادية الأخرى، ونسبة مصاريف الأكل والمواد الغذائية تزيد عن 27٪ وتنخفض نسبة نفقات العائلة على المواد غير الغذائية (مثل أدوية لباس...) من 53٪ الى 60٪ وهذه السلوكات المظهرية يمتاز بها التونسي ونابعة من شخصيته تؤثر على نفقات استهلاكه وعلى نسق العيش والميزانية.
ويكشف عن أن شخصية المواطن التونسي تمثل سببا من أسباب الأزمة ومظهرا من مظاهر التخلف وأن الدولة إزاء تحقيق معادلة صعبة بين المحافظة على المقدرة الشرائية للمواطن بدعم المواد الاستهلاكية والترفيع في الأجور وتلبية حاجياته وبين ترشيد سلوكاته الفوضوية.
ويعتبر الدكتور فتحي النوري أن كثرة الاستهلاك ليست كما يعتقد البعض ظاهرة سلبية، بل بالعكس هي ظاهرة صحية وجيدة لأن الاستهلاك هو أول محرك للنمو الاقتصادي خاصة في ظلّ تعطل عملية التصدير وتردّد المستثمرين شرط أن يكون الاستهلاك موجها للمنتجات المحلية.
التخطيط
ويؤكد على أهمية القيام بعملية تخطيط للميزانية وهي عملية غائبة في معظم العائلات العربية والأسر التونسية خلافا للأسرة في الدول الأوروبية والعالم المتقدم. ويقول: «نحن إزاء سلوكات اقتصادية لها آثار ضارّة على الاقتصاد الوطني والأسري فضلا عن اقتصاد المجتمعات والدول وهذه السلوكات الخطيرة هي سلوكات التخمة، إدمان الشراء، استهلاك الشره، هوس التسوق والاسراف والترف والتبذير. وكلها ظواهر اخترقت حواجز المألوف ودمرت قواعد العقل والقيم وأجهزت على ما تبقى من الأهداف الشريفة والغايات النبيلة».
ويؤكد الخبراء في الاقتصاد على أن الأسرة مطالبة بالتقشف وعدم اطلاق العنان للشهوات وتوفير نسبة من الراتب لانفاقها عند حالات الطوارئ والأزمات مثل المرض، والتحاور لوضع أسس سليمة للانفاق.