شهد السلوك الإستهلاكي للتونسي خلال العقدين الاخيرين تغيّرات جوهرية وأصبحت ميزانية العائلة التونسية تخصّص مواردا هامّة بعنوان نفقات للسكن والتنقّل والتغذية واللباس والخدمات وهذه الاخيرة أصبحت اليوم تحتل نسبة ٪30 من الدخل الأسري السنوي وهو مؤشر نوعي هام يؤكد تطوّر أوضاع الأسرة التونسية وتنوّع حاجياتها ومستوى الرفاه لديها. ومع تنوّع حاجيات الاسرة التونسية وتطور مستوى عيشها تعددت مصادر الإنفاق الأسري وأمام الاكتساح الهام للمادة الاشهارية ووسائل الإتصال برزت في السلوكيات الاستهلاكية للتونسي عادات جديدة جعلته يدخل في أغلب الاحيان في دائرة القروض والتداين إستجابة للحاجيات الملحّة لاقتناء مسكن أو سيارة أو تأثيث المنزل أو لمجابهة مصاريف دراسة الابناء أو لقضاء عطلة ترفيهية. مستوى التداين وتشير آخر الدراسات الى أن مستوى التداين الاسري في بلادنا يقدّر ب18٪ من الدخل المتاح للمستهلكين وهي نسبة أقل مقارنة بدول أوروبا حيث تقدّر هذه النسبة ب50٪ وبأكثر من 100٪ بالنسبة لأمريكا واسبانيا وبريطانيا كما سجل عدد القروض غير المهنية المسندة الى الاشخاص الطبيعيين زيادة قدرها 842 مليون دينار إذ قدّر ب7214 مليون دينار في شهر نوفمبر الماضي أي بزيادة تقدّر ب11.6٪ مقارنة بشهر ديسمبر 2007 وارتفع عدد المنتفعين بالقروض غير المهنية الى 850 ألف منتفع في اواخر 2008 مقابل 712 الف منتفع في اواخر سنة 2007. ومن هذا المنطلق فإن حجم التداين الاسري في بلادنا يقدّر ب10٪ من القيمة الاجمالية للقروض البنكية. القروض العقارية وتمثل القروض العقارية أهم أنواع الاقتراض الاسري بنسبة 70٪ من أنواع القروض علما وأن نسبة الفائض المعتمدة في هذا النوع من القروض أغلبها ثابت وليس متغيرا ومدّة التسديد هي مدّة طويلة ومبلغ التسديد في حدود سقف أقصى لا يتجاوز ال40٪ من الدخل الشهري للفرد ولكن من الناحية العملية فإن هذا السقف في بعض الاحيان يقع تجاوزه لإلتزام العائلة بدفع أقساط سيارة أو أقساط أثاث أو لاقتطاع مبالغ قروض تكميلية أو شخصية، حسب التقرير السنوي للبنك المركزي لسنة 2007 بلغ إجمالي قروض الاستهلاك المسندة للأشخاص الطبيعيين 2776 مليون دينار كما قدّرت قروض الاسكان ب35.570 مليون دينار أي بزيادة تقدّر ب23.87٪ لسنة 2007 مقارنة ب2006. تطور ظروف العيش يؤكد آخر مسح وطني حول الانفاق والاستهلاك ومستوى عيش الأسر في سنة 2005 وهو مسح يجرى كل 5 سنوات أن النمو الاقتصادي والاجتماعي لهما أثر كبير في تطور مستوى عيش الأسر التونسية في كل المجالات من تغذية وسكن وصحة وتعليم وثقافة وترفيه. وفي جانب آخر فإن التطور التكنولوجي جعل الاسرة التونسية منفتحة أكثر من خلال تقنيات التواصل الحديثة ويبيّن المسح المذكور أن متوسط الانفاق الأسري بلغ 8211 دينار وأن متوسط الانفاق الفردي قد تطوّر خلال السنوات الاخيرة بنسبة سنوية تفوق 6.5 بالمائة بالأسعار الجارية و3.2٪ بالاسعار القارة ومن خلال هذا المسح يبرز أن جهتي الجنوب الشرقي والجنوب الغربي قد سجلتا أعلى نسبة زيادة لمتوسط الانفاق بنسبة 10.7٪ و7.6٪ وهو ما يبيّن تسارع نسق إلتحاق مستوى إنفاق الجهات الداخلية بمستوى الجهات الساحلية للبلاد. التغذية والسكن وتبيّن هيكلية الانفاق كيفية توزيع نفقات الأسر لمواجهة الاستهلاك حسب أبواب الإنفاق وتمثل التغذية أولا والسكن ثانيا صدارة نفقات الأسر التونسية ويمثّل مستوى الانفاق في التغذية 640 دينار للفرد الواحد والسكن ب414 دينار والملاحظ أن نفقات النقل قد شهدت نموّا هاما بمعدل سنوي يقدر 11.1٪ لتصبح في المرتبة الثالثة من بين النفقات الأسرية كما قفزت في المقابل نفقات الإتصالات بفضل انتشار الجوال الى نسبة نمو تقدّر ب34.9 ٪ مقارنة بالسنوات السابقة وبالتوازي مع هذه النفقات تطورت نفقات النظافة والعلاج ونفقات الثقافة والترفيه ونفقات التعليم واللباس.