تضخم الحديث في الآونة الأخيرة عن أهمية التوافق ضمانا لنجاح المرحلة الانتقالية التي تفترض حدا أدنى من التوافق اضافة الى الشرعية الانتخابية. فما معنى التوافق وماذا يتطلب من الاطراف السياسية والحزبية؟ الشرعية التوافقية والشرعية الانتخابية يبدو كأنهما الوصفة السحرية التي يعتمد عليها كل طرف حزبي لتعزيز موقفه وذلك على طرفي نقيض بين داعم للخيار الشعبي المتمثل في قوة العملية الانتخابية وبين معتبر ان مقتضيات المرحلة الانتقالية لا تعتمد على نتائج الانتخابات باعتبار ان الشعب مازال يتحسس طريق الديمقراطية وعملية الاختيار عبر الانتخابات لم تنضج بعد بالشكل الكافي .واعتبارا لكل هذه الاختلافات ما فتئت عدة قيادات حزبية من الطرفين سواء الحاكمة أو المعارضة تدعو الى اعتماد خيار التوافق كآلية لفض الخلافات وتجاوز صعوبة المرحلة الانتقالية التي لا يقدر طرف حزبي واحد مهما كانت قوته على تحمل أعبائها حسب عديد الملاحظين. لكن ما هي مقتضيات وشروط هذا التوافق ؟ وهل هناك أطراف تسعى إلى عرقلة التوافق من أجل مصالح ضيقة قد تدخل في خانة الثورة المضادة ؟ «لن يسقط غصن الائتلاف من أيدينا»
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة شدد خلال افتتاح المؤتمر التاسع للحركة يوم 12 جويلية الماضي على ان الحركة لن تخون العهد الذي قطعته على نفسها باستكمال مسار الثورة في ظل التوافق بين شركائها الحاليين الممثلين بالترويكا وكل القوى الراغبة في خدمة المسار الانتقالي ودعا في اغلب تدخلاته الى اهمية التنسيق والعمل المشترك دون اعتبار للحكومة والمعارضة. وفي نفس السياق اتجه خطاب السيد مصطفى بن جعفر بنفس المناسبة الى اعتبار الائتلاف الحكومي صامدا وانه سيبقى مفتوحا وان يد الترويكا ممدودة الى كل القوى التي تسعى الى القطع الواضح مع منظومة الاستبداد دون مراوغة وبعيدا عن الحسابات الحزبية والذاتية. هل تبادر النهضة ؟
السيد ياسين ابراهيم القيادي بالحزب الجمهوري يرى أن التوافق يهم الجميع سواء الأحزاب السياسية الممثلة في الحكومة والمعارضة أو مكونات المجتمع المدني على غرار الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان والاتحاد العام التونسي للشغل كما قال «المبادرة نحو التوافق يجب أن تكون من حزب حركة النهضة وهو الحزب الأول ومن الحكومة التي تمثل النهضة أغلبيتها وارجو أن يكون المؤتمر الأخير للنهضة فرصة للعودة الى التوافق بعيدا عن مفهوم الاقلية والأغلبية» ويعتبر ياسين ابراهيم التوافق شرطا أساسيا لنجاح المرحلة الانتقالية الثانية وخاصة في ما يتعلق ببعض المواضيع الهامة المطروحة على غرار الهيئة العليا للانتخابات التي تتطلب توافقا حول المشاريع المطروحة حول هيكلتها والمقدمة سواء من الحكومة أو من الاتحاد العام التونسي للشغل والرابطة وهيئة المحامين من خلال النقاش وتحديد ايجابيات كل مقترح وكذلك الهيئة المستقلة للاعلام وهيئة اصلاح القضاء وخاصة موضوع العدالة الانتقالية الذي طرحه الحزب الجمهوري ويعتبره حسب محدثنا هاما جدا للابتعاد عن الشك كما انه الطريق الوحيد للدخول في مرحلة جديدة في ظل التوافق التام والضامن لحقوق كل الأطراف التي تضررت في الفترة الماضية.
قيس سعيد : حملة انتخابية سابقة لأوانها
الأستاذ قيس سعيد قال إجابة عن السؤال المتعلق بمعنى التوافق ّ» التوافق كلمة بدأ ترديدها تقريبا منذ الأيام الأولى للثورة وأكثر من ذلك بدأ الحديث عن صنف جديد من المشروعية وهي مشروعية التوافق وتعرفون أن العديد من النصوص التي تم وضعها سنة 2011 قيل إنه تم وضعها بناء على التوافق مثل مشروع العهد الجمهوري والقانون الانتخابي المتعلق بانتخاب المجلس التأسيسي وإثر الانتخابات عاد الحديث من جديد عن التوافق حتى تكون هناك مشروعية أخرى إلى جانب المشروعية الانتخابية». سألنا الأستاذ عن المقصود بهذا التصنيف فقال « بطبيعة الحال كل طرف يرى هذا الصنف من الزاوية التي يريد أن ينظر منها ثم التوافق بين من ومن ؟ بين الأغلبية الحاكمة والمعارضة وعلى ماذا اتفقوا وعلى ماذا يختلفون؟ فهل أننا اليوم في ظل مشروعية انتخابية ولا وجود لتوافق؟