هل يكفي 11 ألف عامل نظافة لتأمين بيئة نظيفة ل12 مليون مواطن هذا ما جناه الفهم الخاطئ للثورة على المحيط في تونس. تشهد تونس منذ سنة ونيف انهيارا كاملا لمنظوماتها البيئية ما حوّل كافة مدن البلاد الى ما يشبه مجمّع للفضلات مفتوحا (Dépôt d›ordures à ciel ouvert). وكنا نعتقد ان المواطن التونسي بلغ درجة من الوعي البيئي كافية لتشجيعه على حماية المحيط حتى وإن تقاعست الدولة عن القيام بواجبها وتحمّل مسؤولياتها كاملة في تأمين الخدمات البيئية اللازمة لكن تدهور الوضع البيئي والحالة التي أصبحت عليها مدن البلاد تطرح أكثر من سؤال حول الأسباب التي أدت الى هذا الوضع الكارثي.
وحسب ما تحصلت عليه الشروق من معلومات فإن 155 بلدية من 264 موزعة على كامل مناطق البلاد أغلقت أبوابها وتوقف نشاطها بالكامل نتيجة الفوضى التي عمت البلاد غداة أحداث 14 جانفي 2011 هذه الأحداث أدت الى تدمير المعدات والآليات والشاحنات والعربات والأجهزة المعلوماتية ل44 بلدية. كما تم على المستوى الاداري انهاء عقود 45 شركة خاصة كانت تتعامل مع البلديات في رفع الفضلات بجميع أنواعها الصلبة والسائلة.
وبسبب الانفلات الأمني الذي شهدته البلاد امتنع أعوان التراتيب البلدية عن القيام بعملهم خوفا من ردّة فعل المواطنين ومن العنف المسلّط على كل ما هو نظامي... غياب مؤسسة عون التراتيب عن الشارع دفع بالمواطنين الى حالة من التسيب غير مسبوقة حيث تعددت الخروقات والجرائم البيئية المتعلقة برمي الفضلات في غير الأماكن المخصصة لها مما حوّل الشوارع والأنهج الى مجمعات فضلات لتنتشر الروائح الكريهة ويتكاثر وجود الحشرات والفئران والجرذان وهي عوامل قد تكون سببا في ظهور الأوبئة والأمراض المعدية كالكوليرا.. نفس المعلومات التي تحصلت عليها «الشروق» تقول إن عدد عمال النظافة في تونس غير كاف لتأمين نظافة 12 مليون مواطن حيث بلغ عددهم 11 ألف عامل أي 0.001 عامل نظافة لكل مواطن وهو معدل ضعيف جدا مقارنة بالدول الشبيهة بتونس اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.
وإذ كان من حق أي عامل الاضراب كوسيلة للحصول على حقوقه فإن حركة الاضرابات المتواصلة التي قام بها الأعوان البلديون في المدة الأخيرة كانت كذلك سببا مباشرا في تردي الوضع البيئي في تونس.