مع انقضاء الايام الاولى من شهر رمضان سجلت مختلف جهات البلاد العديد من الحوادث الخطيرة والقاتلة وهو ما يدفع لطرح السؤال حول العلاقة التي تربط بين سلوك الصائم على الطريق وكثرة الحوادث؟ ما تجدر الاشارة إليه في البداية أن شهر رمضان لا علاقة له بارتفاع حوادث الطرقات ولكن الاشكال يكمن في تغيّر سلوك بعض الصائمين. فالبعض من السائقين يعمدون الى الافراط في السرعة وعدم احترام اشارات المرور خاصة قبيل رفع آذان المغرب ويرتكبون حوادث قاتلة. كما أن تزامن شهر الصيام مع ارتفاع درجة الحرارة والعطلة الصيفية أو فترة الاجازة للموظفين ومع عودة المواطنين بالخارج ساهم في تنشيط الحركة بالطرقات واختناق حركة المرور وبروز بعض الحوادث القاتلة.
ويؤكد الاخصائيون في علم النفس على أن سلوك السائق في هذه الفترة يتسم بالتوتر والانفعال والتشنّج بسبب الافراط في السهر في رمضان. والسهر أثناء الليل يسبب تعب السائق ويقلّل من ردّة فعله وتركيزه أثناء عملية السياقة.
من العوامل الاخرى التهوّر عند السياقة والمجاوزة الممنوعة واستعمال الهاتف الجوّال وهي سلوكات في الحقيقة لا ترتبط بشهر رمضان بل تتعداها الى سائر أيام السنة وتساهم بشكل كبير في ارتفاع عدد حوادث الطرقات.
من الأسباب الأخرى التي قد تفسّر ارتفاع نسبة الحوادث في شهر الصيام خروج الموظفين والعاملين في المؤسسات العمومية والخاصة في نفس التوقيت وكثرة الاقبال على وسائل النقل الخاصة والعامة وهو ما يُسبب اختناق حركة المرور وهذه الذروة تخلق مشاكل وسط الطرقات واصطدامات وفواجع.
وتوجد بعض العوامل التي لا يتحمّلها السائق فبعض المترجلين ومستعملي الدرجات النارية يأتون بعض تصرفات غير مسؤولة تسبب في حوادث كما أن البعض الاخر من المترجلين وبتعلّة «حشيشة» رمضان يعمدون بتصرفاتهم الى العمل على توتير السائق وافتعال المشاكل معه وعندما يفقد أعصابه ويتشنّج يساهم ذلك في افقاده التركيز وبالتالي تحدث الاصطدامات والحوادث. ويؤكد الخبراء في مجال المرور على وجود علاقة بين اندفاع بعض الصائمين وحرصهم على اللحاق بتوقيت أذان المغرب ومشاركة أفراد عائلاتهم حول مائدة الافطار وبين كثرة الحوادث. كما تكثر الحوادث أثناء الليل أي أثناء السهر لأن البعض من التونسيين يحرصون على التنقل واستعمال السيارات لقضاء سهرات رمضانية وقلّة تركيزهم أثناء القيادة يتسبب في فواجع الطريق.
وتكشف بعض احصائيات المرصد الوطني لسلامة المرور أن سنة 2011 شهدت وقوع حوالي 148 حادثا خطيرا أسفر عن قتيلين على الأقل مسجلة بذلك ارتفاعا في عدد الحوادث الخطيرة بنسبة 42.31٪ مقارنة بسنة 2010. وخلّفت هذه الحوادث الخطيرة 358 قتيلا بما يعادل حوالي 24.12٪ من مجموع قتلى حوادث الطرقات سنة 2011.