«لم يكن الناس في شهر رمضان قديما يبذرون ويسرفون ويعدون من الاطعمة أصنافا مصنفة ويتفننون في تحضير الوجبات، بل كنا نقتصر على أكلة واحدة بسيطة لا غير أولا لضعف حالتنا الاجتماعية وثانيا كانت لدينا القناعة والرضا بالشيء القليل هذه الخصلة التي لم تعد عند الناس اليوم» هكذا يرى كبار مدينة بئر الحفي شهر الصيام. ويضيفون قولهم «وبعد الافطار يتجمع الرجال والبعض من النسوة عند كبار الحي او الجهة للسهر واللعب في جو حميمي فتتكون حلقات سمر نسائية تتجاذبن فيها أطراف الحديث. اما الرجال فمنهم من يلعب «الخربڤة» لعبة شعبية قديمة والى اليوم مازالت موجودة عند كبار السن وآخرون يلعبون الورق على ضوء القناديل. أما الصغار فيجمعهم البيدر للعب لعبة الغميضة، و«عصية ساري» وغيرها من الألعاب.
أما في الحضر فالرجال يقصدون المساجد وبعد ذلك تمتلئ بهم المقاهي للسهر والترويح عن النفس.
وعلى قلة اماكن السهر والترفيه والترويح عن النفس قديما الا ان الناس ينعمون بليالي رمضان كأحسن ما يكون لصفاء قلوبهم وعدم اكتراثهم بضعف حالاتهم لأن قلوبهم امتلأت بالقناعة وكأنهم لا يعرفون من أمر فقرهم شيئا. وتمر الليالي على نفس الوتيرة الى حين قدوم ليلة السابع والعشرين من رمضان تحتل منزلة خاصة عند الناس، فيحتفلون بمقدمها ويعدون بهذه المناسبة وجبة خاصة تتمثل في كسكسي باللحم الأحمر ويتصدقون كل حسب استطاعته. وقبل الافطار يوزعون اواني مملوءة بالكسكسي وكل عائلة تضع من اللحم بقدر موتاها وهم يعتقدون ان في مثل هذا اليوم تنزل أرواح الموتى الى الأرض وهي تفرح عندما يتم التصدق لفائدتها. وبعد هذا اليوم تستعد العائلات لاستقبال عيد الفطر والمحظوظ من الأطفال هو من يشتري له والده ملابس جديدة تراه يتفاخر بها عند أنداده. عكس ما نراه اليوم من تسابق وتنافس وتبذير وهدر للأموال لشراء ملابس العيد وهو ما يدفع الكثيرين الى التداين. وعند حلول العيد كثير من العائلات تعد الفطائر العادية وهي عادة قديمة بالجهة اندثرت اليوم. وهو يوم تزاور وتحابب وتصالح بأتم معنى الكلمة وتقدم فيه الحلوى للصغار والأموال من طرف كبار الحي او العشيرة فتجدهم يعدون أكياسا صغيرة لجمعها في هذا اليوم المبارك.