عشية ذكرى اعلان الجمهورية كان الموعد في باردو حاسما وذلك حين اتجه نواب الشعب في التأسيسي الى التصويت على تعيين محافظ البنك المركزي خلفا لمصطفى كمال النابلي. عملية التصويت هذه انحبست لها انفاس اغلبية الشعب التي كانت مع موعد 23 اكتوبر الفارط وغيرها. ربما لان تعيين المسؤول الاول على السياسة النقدية في البلاد يهمنا جميعا ولان ايضا هذا التعيين ولن اقول تصويتا يهم شخصا تجمعيا بامتياز احدث جدلا في الساحة السياسية. هذا الرجل التجمعي الذي هز كيان نواب الشعب في التأسيسي حيث صوتوا لتعيينه لحظة اداروا ظهورهم لناخبيهم فهل ان من انتخب احزاب «الترويكا» مع عودة التجمعيين لا نظن ذلك ابدا. كما ان السيد الشاذلي العياري ليس تجمعيا قاعديا بل هو قيادي ومن الصفوف الاولى وعضو مجلس المستشارين زمن بن علي حتى اندلاع الثورة وهو من دعم وبقوة قانون الحريات جوان 2010 وكان يعتبر ان من يقف ضد ذلك القانون الجائر آنذاك هو ضد الديمقراطية. فهل ان من يدافع عن ديمقراطية بن علي الامنية يكرم اليوم ومن نواب الشعب فأي هزيمة اصابت الشعب في هذه البلاد عشية عيد الجمهورية ولنعتبر جدلا ان هذا الرجل من اكفإ الرجال في هذا الاختصاص فهل ان تونس صارت عاقرا وهي الولادة ابد الدهر. وهل يمكن ان نأتمن من دافع عن بن علي وبتلك الشراسة على مستقبل السياسة النقدية لتونس الثورة؟ ام اننا يمكن ان نعتبر ان اهداف الثورة صارت من قبيل اللغو السياسي وان التجمعيين الذين يجب محاسبتهم هم من صاروا على رأس احزاب سياسية وارادوا العودة الى الساحة السياسية فهؤلاء نعتبرهم اعداء الشعب ويجب محاسبتهم لانهم يمكن ان يهددوا كرسي الترويكا. اما من يقدم صك الولاء والطاعة فهو نظيف لكنه لم يكن باستطاعته ان يتكلم سابقا. ان هذه المهزلة التي وقعت في التأسيسي تعيد الى أذهاننا ما كان يقع تحت نفس القبة منذ الاستقلال وهو التصويت الحزبي الاعمى ولو كان ذلك على حساب رأي الشعب وقوته ومستقبل ابنائه فهذا الانضباط الحزبي في التصويت او الولاء للترويكا لا يجب ان ينسي السادة النواب ان الولاء الاول لتونس ثم للشعب وان الانضباط الحزبي محمود ولكنه لا ينفي مكارم الاخلاق التي يتمتع بها رجال ونساء تونس حين يكون الامر مصيريا ويهم مستقبل الاجيال والتحول الديمقراطي في البلاد.